تعطلت مصفاة بانياس، أكبر مصفاة للنفط في سوريا، عن العمل منذ أسبوعين، بسبب انقطاع توريد النفط الخام من إيران منذ سقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد، إذ كان يشكل الغالبية العظمى من واردات البلاد في ظل العقوبات الدولية المفروضة على سوريا.
وقال مدير عام شركة “مصفاة بانياس” إبراهيم مسلم لـ”الشرق”، إن المصفاة كانت تعتمد بشكل شبه كامل على الخام الإيراني بسبب تصميمها.
وذكر مسلم أن “النفط الخام الذي كان يورد للمصفاة كان نفطاً خاماً إيرانياً، كان حوالي مليوني برميل شهرياً نفطاً ائتمانياً، وحوالي 500 ألف إلى مليون برميل يتم شراؤها، وتدفع الدولة ثمنها بالعملة الأجنبية عن طريق مكتب تسويق النفط”، مشيراً إلى أنه “كان هناك نفط سوري يذهب لمصفاة حمص وليس مصفاة بانياس، نحن كنا نستفيد منه في الفترة الأخيرة بنسبة 5% فقط من إنتاجنا لأنه نفط ثقيل، والمصفاة مصممة على أنواع مختلفة عنه”.
وأضاف: “بعد 8 ديسمبر توقف النفط الخام من إيران وبقيت المصفاة بدون نفط خام فتم إيقاف المصفاة لهذا السبب”، لافتاً إلى أن “الآبار النفطية الموجودة في سوريا حالياً هي خارج سيطرة الإدارة الجديدة، وكانت خارج سيطرة النظام السابق إلا بعض هذه الآبار والنفط الخام المنتج من هذه الآبار التي كانت تحت سيطرة النظام السابق، وحالياً تحت سيطرة الإدارة الجديدة هي نفط خام ثقيل لا يمكن تكريره في مصفاة بانياس”.
تراجع الإمدادات النفطية
وفي ظل العقوبات والتوترات السياسية، تعاني مصافي النفط السورية بشكل عام من تراجع الإمدادات النفطية، ما يعد تحدياً كبيراً أمام حكومة تصريف الأعمال السورية التي تحاول الحفاظ على عمل الخدمات الأساسية، والبدء في إحياء الاقتصاد المدمر بسبب الحرب.
وأنهكت الحرب في سوريا قطاع النفط والغاز ضمن انهيار الاقتصاد بوجه عام، وحوّلت سوريا إلى مستورد للطاقة، إذ باتت دمشق تعتمد على الاستيراد لتأمين 95% من احتياجاتها النفطية.
وبحسب تقديرات رسمية تستورد البلاد نحو 5 ملايين برميل شهرياً، أو ما يزيد على 160 ألف برميل يومياً، بعدما كانت تصدّر 150 ألفاً من الخام يومياً قبل عام 2011.
ووفقاً لصحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية، مدت إيران خلال السنوات الماضية خط ائتمان للدولة السورية من أجل شراء النفط الإيراني، وتجاوز العقوبات المفروضة على نظام الأسد.
ويطالب قائد الإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع، بشكل متكرر المجتمع الدولي برفع العقوبات عن سوريا، التي يعتبر أنها جاءت نتيجة “تصرفات النظام السابق”، مشيراً إلى أن زوال السبب يعني ضرورة زوال العقوبات.
“العقوبات أثرت على عمل المصفاة”
وفي السياق، أشار مدير شركة “مصفاة بانياس”، إلى أن “العقوبات أثرت بشكل كبير على عمل المصفاة حيث حصرت عملية استيراد النفط في إيران، ومنعت الحصول على قطع الغيار إلا بشق الأنفس”.
ويرى إبراهيم مسلم أن العقوبات “أثرت بشكل كبير على مصفاة بانياس خصوصاً موضوع توريد النفط الخام”.
وأضاف: “أي شيء نريده لا نستطيع إحضاره إلا من إيران فقط، وموضوع قطع الغيار معظم الشركات المصنعة الأساسية لا تتعامل معنا، عندما كنا نريد شراء قطع غيار نمر بدورة كبيرة ومكلفة، وندفع ثمن القطعة أحياناً أضعافاً مضاعفة حتى نستطيع تأمين القطعة، ونتحايل على العقوبات، والشركات الأم الكبرى في صناعة النفط كانت لا تتعامل مع المصفاة، ولا تجيب على مراسلاتها”.
من جهته، أشار مدير الدراسات والمشاريع في شركة مصفاة بانياس جواد عبد اللطيف، إلى أنهم “يستغلون فترة التوقف الحالية للقيام بصيانة منشآت المصفاة”. وقال لـ”الشرق”: “نحن نستغل وقت التوقف لإجراء بعض الصيانات الممكنة، وضمن الإمكانيات المتاحة وفقاً لعدد العمال”.
وأوضح أن “عدد العمال في حدود 3500 عامل، يعملون وفقاً لنظام الورديات (نوبات العمل)”، مشيراً إلى أنه “كان لدينا معاناة فيما يتعلق بتوفير قطع الغيار خلال الفترة الماضية، ولكن بفضل خبراتنا وجهود العمال في المصفاة يتم تدارك هذا الموضوع، وخلال فترة قصيرة سنكون جاهزين لإعادة العمل بمجرد توفر النفط الخام”.
وتغطي مصفاة بانياس نحو 60 إلى 70% من احتياجات السوق المحلي في سوريا، وهي أكبر مصافي النفط في البلاد، تم بناؤها عام 1975، وبدأ الإنتاج التجريبي فيها عام 1979، واستمرت تجارب التشغيل نحو 3 سنوات، وفي عام 1982 بدأ الإنتاج الكامل من المصفاة.