أخطرت إسرائيل الأمم المتحدة بإلغاء الاتفاق الذي يُنظّم عمليات وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” في إسرائيل والضفة الغربية وقطاع غزة.
وأقرت إسرائيل، الاثنين الماضي، قانوناً يحظر على “الأونروا” العمل في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وهو تشريع أثار موجة إدانات دولية، ومخاوف بشأن قدرة الوكالة على تقديم الإغاثة في قطاع غزة، الذي مزقته الحرب الإسرائيلية المستمرة منذ أكثر من عام.
وقالت الخارجية الإسرائيلية في رسالة أصدرها، الأحد، مدير عام الوزارة يعقوب بليتشتين، لإخطار الأمم المتحدة بالقرار، إن إسرائيل “تسحب طلبها الموجه إلى الأونروا، كما هو مذكور في (تبادل للمذكرات بين إسرائيل والأونروا التي تُشكل اتفاقاً بشأن عمليات وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى) المؤرخ 14 يونيو 1967″، وذلك “بناءً على التشريع الذي أقره الكنيست الإسرائيلي في 28 أكتوبر الماضي”.
وجاء في رسالة الخارجية الإسرائيلية إلى الأمم المتحدة، أن القرار “سيدخل التشريع حيز التنفيذ بعد فترة ثلاثة أشهر”، وخلال هذه الفترة، وبعدها، “ستواصل إسرائيل العمل مع الشركاء الدوليين، بما في ذلك وكالات الأمم المتحدة الأخرى، لضمان تيسير المساعدات الإنسانية للمدنيين في غزة بطريقة لا تقوّض أمن إسرائيل”.
وأكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الأحد، خلال اتصال هاتفي، مع نظيره الأميركي أنتوني بلينكن، رفض مصر وإدانتها التصعيد الإسرائيلي ضد “الأونروا”.
وقالت الخارجية المصرية، في بيان، إن عبد العاطي أكد لبلينكن خلال الاتصال، أهمية العمل على تمكين السلطة الفلسطينية والتعامل مع الضفة الغربية وقطاع غزة باعتبارهما وحدة واحدة للأراضي الفلسطينية.
إدانات وتحذيرات دولية
وكان رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل، حذّر، الخميس، من أن قرار إسرائيل حظر “الأونروا” في غزة قد يؤدي إلى إلغاء اتفاقية ترسخ علاقات إسرائيل التجارية مع بروكسل.
كما عبر مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، الأربعاء، في بيان تبناه بالإجماع عن قلقه الشديد من التشريع الذي أقره الكنيست الإسرائيلي، وقال إنه “يحذر بشدة من أي محاولات لتفكيك أو تقليل” عمليات “الأونروا” وتفويضها.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، إن الحظر الإسرائيلي على “الأونروا”، إذا تم تنفيذه، سينتهك القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة واتفاقية امتيازات وحصانات الأمم المتحدة لعام 1946. كما أرسل جوتيريش رسالة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للتعبير عن مخاوفه.
وفي واشنطن، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارين جان بيير، للصحافيين، الأربعاء، إن الولايات المتحدة تتحدث إلى حكومة إسرائيل بشأن تصويت البرلمان الإسرائيلي بحظر “الأونروا”، مشيرة إلى أن الإدارة الأميركية منزعجة من أي تشريع يمكن أن يغلق الوكالة.
وقالت النرويج في بيان، الثلاثاء، إنها ستقترح على الجمعية العامة للأمم المتحدة، قراراً لطلب رأي محكمة العدل الدولية بشأن ما إذا كانت إسرائيل تنتهك القانون الدولي من خلال منع الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الدولية والدول من تقديم المساعدات الإنسانية للفلسطينيين.
بدوره، انتقد وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي القرار، قائلاً: “مشاريع القوانين التي أقرها الكنيست الإسرائيلي، والتي تقيد عمل الأونروا خاطئة تماماً”.
واستنكرت تركيا ومصر والعراق والأردن في بيانات منفصلة، الإجراءات الإسرائيلية لحظر عمل “الأونروا”، محذرة من أن هذا التشريع يحد من قدرة الوكالة على تقديم الدعم للفلسطينيين.
ونوّه المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني، إلى أن عمليات الوكالة في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة، أصبحت الآن عرضة للانهيار بسبب القانون الإسرائيلي الجديد.
كما حذّرت وكالات تابعة للأمم المتحدة، من أن قرار إسرائيل حظر عمل الأونروا” قد يُعرّض مزيداً من الأطفال للموت، ويمثل نوعاً من العقاب الجماعي حال تطبيقه بالكامل”.
قرار حظر “الأونروا”
وفي 28 أكتوبر الماضي، أقر الكنيست الإسرائيلي قانوناً يحظر عمل “الأونروا” داخل إسرائيل، في خطوة يمكن أن تؤثر على عمل الوكالة في قطاع غزة الذي مزقته الحرب.
وأرجع نواب الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، الذين صاغوا القانون الخطوة إلى ما وصفوه بـ”تورط” بعض موظفي الأونروا في هجوم السابع من أكتوبر 2023 على جنوب إسرائيل، إلى جانب عضوية موظفين بالوكالة في حركة “حماس” الفلسطينية وفصائل مسلحة أخرى، وفق زعمهم.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إنه “يتعين محسابة موظفي (الأونروا) المتورطين في أنشطة إرهابية”.
وتقدم “الأونروا” خدمات التعليم والصحة وغيرها من المساعدات لملايين الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية والأردن ولبنان وسوريا. وتوترت علاقاتها مع إسرائيل لفترة طويلة، لكن العلاقات تدهورت بشدة منذ بدء الحرب على قطاع غزة في أكتوبر 2023.
واتهمت إسرائيل بعض موظفي “الأونروا” بأنهم من “مقاتلين من حماس”. وقالت الأمم المتحدة في أغسطس الماضي، بعد تحقيق أجرته، إن 9 من موظفي “الأونروا” ربما شاركوا في هجمات السابع من أكتوبر، وفصلتهم من العمل. وتقول الوكالة إن الغالبية العظمى من موظفيها يلتزمون بمبادئ الحياد.
ما هي وكالة “الأونروا”؟
تأسست “الأونروا” في عام 1949 بموجب قرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة، في أعقاب الحرب التي أحاطت قيام إسرائيل، عندما فر 700 ألف فلسطيني و هُجروا من منازلهم.
ويعمل حالياً في الوكالة بشكل مباشر 30 ألف فلسطيني في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط، وتخدم الاحتياجات المدنية والإنسانية لنحو 5.9 مليون من اللاجئين الفلسطينيين، في قطاع غزة والضفة الغربية وفي مخيمات منتشرة في الدول العربية المجاورة.
وفي غزة، توظف الوكالة 13 ألف شخص، وتدير مدارس القطاع وعيادات الرعاية الصحية الأولية وغيرها من الخدمات الاجتماعية، فضلاً عن توزيع المساعدات الإنسانية. وزادت أهمية خدماتها في غزة منذ عام 2005، عندما فرضت إسرائيل حصاراً على القطاع، بينما شددت مصر الإجراءات على الحدود، ما تسبب في انهيار اقتصادي مع ارتفاع معدلات البطالة إلى واحدة من أعلى المعدلات في العالم.
ومنذ أن شنت إسرائيل حربها في أكتوبر 2023، لجأ مئات الآلاف من سكان قطاع غزة إلى مدارس “الأونروا” والعيادات والمباني العامة الأخرى. ويعتمد معظم سكان غزة الآن على الأونروا في توفير أساسيات الحياة الضرورية، منها الغذاء والمياه ولوازم النظافة.
ولقي ما لا يقل عن 220 من موظفي “الأونروا” منذ بدء الحرب، ما يجعله أكثر صراع يسقط فيه ضحايا من موظفي الأمم المتحدة على الإطلاق.