في خطوة مفاجئة، ألمح وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال شادي الويسي، إلى نيته توسيع الإطار القانوني المستند إلى الشريعة، ليشمل كامل أراضي سوريا، بعد أن سبق وأن اعتمدته حكومة إدلب التي كانت تحمل اسم “حكومة الإنقاذ”.
حكومة تصريف الأعمال، برئاسة محمد البشير، الذي رأس حكومة إدلب، أكد في أول اجتماعات الحكومة الجديدة، أنها ستُمثّل جميع السوريين وستعمل على إدارة شؤون البلاد حتى مارس 2025، إذ تعتزم خلالها وضع أسس لنظام قانوني وسياسي جديد.
وفي أول تحرك له، دعا وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال شادي الويسي، قضاة حكم ونيابة في دمشق، لحضور اجتماع أوّلي، قبيل إعلان “حكومة تصريف الأعمال”، وأمَرَهم بمواصلة عملهم والحفاظ على امتيازاتهم، بما في ذلك الرواتب والسيارات الحكومية.
وفي الوقت ذاته، طلب منهم وقْف النظر في الدعاوى الجديدة، أو إصدار أحكام لحين إصدار تعليمات ولوائح تنظيمية جديدة، حسبما نقلت مصادر لـ”الشرق”.
وبعد ساعات من تشكيل الحكومة، تلقّى القضاة وثيقتين قانونيتين عبر قنوات تواصل معتمدة للمحامين، تتضمن قوانين أصول المحاكمات المدنية والجزائية المستخدمة في إدلب، وفق مصادر “الشرق”.
وكان الويسي قد تحدَّث عن القانونين في اجتماعه مع القضاة، مشيراً إلى أن هاتين الوثيقتين هما نتاج 18 شهراً من العمل في إدلب، موضحاً أنها قد تصبح المرجع القانوني خلال المرحلة الانتقالية.
وتنظم قوانين الأصول إجراءات التقاضي وتسجيل الدعاوى القانونية وكيفية النظر بها.
ويبدو أن الإسراع في تعميم القوانين، من جهة، والأمر بوقْف قبول قضايا جديدة من جهة أخرى، يهدف إلى تعديل عاجل في النظام القضائي في سوريا ليعتمد على الشريعة كمصدر رئيس للتشريع.
وطلب الويسي من القضاة في جميع أنحاء سوريا، مراجعة النصوص الجديدة، مع التوقف عن التعامل مع القضايا الجديدة حتى إشعار آخر.
تحول في النظام القضائي السوري؟
يشير خبراء قانونيون إلى أن هذه الخطوة قد تعني محاولة لإعادة تعريف الهيكل القانوني والسياسي لسوريا “وفق رؤية أيديولوجية جديدة، تستند إلى الشريعة”.
وصرح أحد المشاركين في الاجتماعات مع الويسي لـ”الشرق”، بأن “ما بدأ كتجربة محلية في إدلب أصبح الآن محاولة لتطبيق نموذج قانوني جديد على المستوى الوطني”.
الفروقات بين النظامين القانونيين
تظهر القوانين الجديدة اختلافات جوهرية عن القوانين الإجرائية السورية التقليدية، وأبرزها:
• الأسس القانونية: تعتمد القوانين المقترحة، على الشريعة كمصدر حصري للتشريع، بينما تعتمد القوانين السورية على إطار مدني وضعي متأثر بالقانون المدني الفرنسي، وتعتبر الشريعة أحد من مصادر التشريع.
• تقديم الدعاوى: تشترط القوانين الجديدة إثبات أهلية دينية للمدعين والمدعى عليهم، في حين تعتمد القوانين السورية على متطلبات مدنية.
• تنفيذ الأحكام: تفضل القوانين الجديدة التنفيذ الفوري مع تقليص حقوق الطعن، بعكس الصرامة الإجرائية في القوانين السورية.
تداعيات على الحقوق الأساسية؟
يثير التحول القانوني تساؤلات وقدراً من القلق بين القانونيين مما يبدو “تعجلاً” في التغيير، خاصة في ما يتعلق باحتمال تأثيره على حقوق النساء والأقليات، فوفقاً للقوانين الجديدة، سيتم تقليص حقوق المرأة في الشهادة والإرث، حسبما تقتضي تفسيرات الشريعة.
وفي تصريحات سابقة، دعا الويسي القضاة والعاملين في المؤسسات القضائية بمدينة حلب بعد أن سيطرت عليها فصائل المعارضة المسلحة بقيادة “هيئة تحرير الشام” في 30 نوفمبر الماضي، إلى العودة إلى أعمالهم واستئنافها “من أجل تسيير شؤون الأهالي وخدمتهم”.
وقال إن المؤسسات القضائية تُعد ركيزة أساسية في المجتمعات، إذ تساهم في تحقيق الاستقرار والطمأنينة والعدالة، مشيراً إلى أنه “من هذا المنطلق، يجب أن يكون لمدينة حلب مؤسسات قضائية فعّالة تساهم في إزالة الظلم والفساد وتردع من يدعو لذلك، وتنصف المظلومين”.
وتواجه حكومة تصريف الأعمال في دمشق برئاسة محمد البشير، تحديات كبيرة في مقدمتها، الاعتراف الدولي بها كحكومة شرعية في سوريا، إذ حددت الولايات المتحدة 3 شروط للتعامل مع الحكومة الجديدة، تمثلت في التخلي عن “الإرهاب”، والتخلص من مخزون سوريا من الأسلحة الكيماوية بالإضافة إلى ضمان حقوق المرأة والحريات الدينية.