أعلن المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافاييل جروسي، الأربعاء، توقف تحقيق بشأن أنشطة محتملة للأسلحة النووية في عدة مواقع في سوريا بعد الإطاحة بالرئيس السابق بشار الأسد، لافتاً إلى أن مفتشي الوكالة على وشك تحقيق تقدم كبير في التحقيقات التي استمرت سنوات طويلة.
وذكر جروسي، أن الأسد “منح الوكالة الإذن بزيارة المواقع المشتبه بها، وجمع عينات بيئية جديدة خلال الأشهر الماضية”. ولكن مع الإطاحة بالأسد، الأحد الماضي، تواجه فرق التفتيش التابعة للوكالة حالياً تأخيرات جديدة، وحالة من عدم اليقين، بحسب ما أوردت “بلومبرغ”.
وقال جروسي خلال عرض تقديمي في العاصمة النرويجية أوسلو: “ما زلنا نقيم ما وجدناه هناك، ولدينا علامة استفهام كبيرة لأننا لا نملك حالياً جهة اتصال رسمية”.
وأعرب جروسي عن قلقه المتزايد إزاء ما وصفها بـ”الفوضى المتنامية” التي تنتشر في الشرق الأوسط، مشيراً إلى أن “غياب إدارة دولة فعالة في سوريا يعرض المواد النووية في البلاد لخطر النهب أو السرقة، خاصة في أماكن مثل مركز الأبحاث النووية في قربة دير الحجر، حيث توجد كميات صغيرة من اليورانيوم عالي التخصيب”.
جاء في تقرير نشره معهد العلوم والأمن الدولي الذي يتخذ من واشنطن مقراً له، أن سوريا أقامت 3 منشآت نووية فضلاً عن الموقع النووي المعروف في دير الزور (شمال شرق) الذي قصفته إسرائيل في عام 2007.
وبدأت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، عام 2008، تحقيقاً بشأن وجود مفاعل نووي سوري غير معلن في دير الزور، لكن سوريا رفضت التعامل مع الوكالة، وبخلاف زيارة واحدة، لم تسمح لمفتشي الأمم المتحدة بزيارة موقع دير الزور أو المواقع المرتبطة بها.
ذكرت وكالات استخبارات غربية، ومنها الأميركية حينها، أن المنشأة كانت قيد الإنشاء بمساعدة مهندسين كوريين شماليين، وأن البلوتونيوم الذي كان يُخطط لإنتاجه كان مخصصاً لصناعة الأسلحة.
وصفت الحكومة السورية حينها منشأة دير الزور بأنه “موقع عسكري غير نووي”، لكن وكالة الطاقة الذرية خلصت عام 2011، إلى أنه “من المرجح جداً” أن يكون في دير الزور “منشأة نووية سرية”، كما اكتشفت جزيئات من اليورانيوم في الموقع.
وتم إحالة القضية إلى مجلس الأمن الدولي عام 2011، إلا أن الحرب السورية التي تلت ذلك عرقلت التحقيق حتى أوائل هذا العام.
وفي مارس الماضي، أعلن جروسي أنه تلقى دعوة من الحكومة السورية لـ”إعادة تأسيس حوار بناء وهادف” بشأن القضايا النووية المتبقية، لافتاً إلى “مرور 13 عاماً على اعتماد مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية قراراً بشأن الوضع هناك”.
لكن سفيرة الولايات المتحدة لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية لورا هولجيت قالت حينها، إنه “ولفترة طويلة، سعت سوريا إلى تقديم واجهة عامة للتعاون دون الانخراط في مسائل جوهرية، والمسار الوحيد لعملية ذات مغزى هو أن يوفر نظام الأسد للوكالة الدولية للطاقة الذرية إمكانية الوصول إلى جميع المواقع والمعلومات والمواد والأشخاص”.
فيما أعرب الاتحاد الأوروبي في بيان في سبتمبر الماضي، عن “أسفه لأن سوريا لا تزال بحاجة إلى معالجة عدم امتثالها الطويل الأمد لاتفاقية الضمانات بموجب معاهدة منع الانتشار النووي”. وتابع: “لا نزال نشعر بقلق عميق إزاء الأسئلة العالقة منذ فترة طويلة بشأن طبيعة موقع دير الزور و3 مواقع أخرى في سوريا لم يتم حلها بعد”.
وثائق إسرائيلية
وكانت هيئة الاستخبارات العسكرية في إسرائيل سمحت في سبتمبر 2022، بنشر وثائق سرية حملت تقديراتٍ تُفيد بأن دمشق “كانت تُدير مشروعاً سرياً تبين لاحقاً أنه مفاعل نووي”، وذلك بعد 15عاماً من استهداف هذا الموقع شمال شرقي سوريا وتدميره.
وجاء في الوثيقة الإسرائيلية، أن “هناك معلومات تشير إلى أن هيئة الطاقة الذرية السورية تعمل على مشاريع سرية غير معروفة لنا، والمعلومات لا تُشير على وجود خطة نووية فعالة، وإنما تشهد على اهتمام عملي في مجالات قد تؤدي إلى تطوير خطة، وتُثير شكوكاً لبدء العمل على تطوير خطة كهذه”.
وبحسب موقع “مبادرة التهديد النووي” (NTI)، وهي منظمة أمنية عالمية غير ربحية تُركز على الحد من التهديدات النووية، سعى الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد إلى شراء معدات من الأرجنتين وروسيا لتطوير برنامج نووي في التسعينيات، لكن تلك الصفقات فشلت تحت الضغط الأميركي.