أظهرت النتائج الأولية للانتخابات البرلمانية التي أجريت الأحد، في رومانيا، تقدم الحزب الاشتراكي الديمقراطي الحاكم وحصوله على 24% من الأصوات، بعد فرز حوالي 50% من بطاقات الاقتراع، وذلك على الرغم من المكاسب الكبيرة التي حققتها جماعات اليمين المتطرف حسبما نقلت “رويترز”.
وتأتي هذه الانتخابات بعد فوز مرشح قومي موال لروسيا في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية في رومانيا، الشهر الماضي.
وحل حزب “التحالف من أجل وحدة الرومانيين” المعارض والمنتمي لليمين المتطرف في المركز الثاني بحصوله على 18% من الأصوات، وهو ما يتوافق تقريباً مع بيانات استطلاعات آراء الناخبين بعد خروجهم من مراكز الاقتراع.
ووفقاً لنتائج الاستطلاعات، فاز حزب رئيس الوزراء مارسيل شيولاكو، من يسار الوسط PSD بأكبر حصة من الأصوات في الانتخابات العامة بنحو 25%، يليه “اتحاد إنقاذ رومانيا” القومي اليميني المتطرف بنحو 20%.
وحصل حزبان من يمين الوسط على حوالي 15% لكل منهما. وحصلت المجموعة اليمينية المتطرفة SOS Romania على حوالي 5%.
وهدأت الأرقام المؤقتة المخاوف من أن الفوضى التي تجتاح الاقتراع الرئاسي في رومانيا قد تُخرج الانتخابات العامة عن مسارها.
“تدخل أجنبي” محتمل
وتحقق السلطات الرومانية في كيفية تصدر القومي كالين جورجيسكو، الانتخابات الرئاسية بعد حملة إعلامية على منصات التواصل الاجتماعي وصفتها صحيفة “فاينانشيال تايمز” بـ”رفيعة المستوى”، وقالت السلطات إن هناك علامات على تدخل “جهات فاعلة من دول أجنبية وأخرى غير حكومية”.
وأمرت المحكمة الدستورية في البلاد بإعادة فرز الأصوات المدلى بها في الانتخابات الرئاسية، وقد تقرر في الأيام القليلة المقبلة إعادة الجولة الأولى.
وحصل جورجيسكو على 22.94% من أصوات الناخبين في الجولة الأولى، متقدماً على مرشحة “اتحاد إنقاذ رومانيا” إيلينا لاسكوني، التي حازت على 19.1%، ورئيس الوزراء الديمقراطي الاجتماعي الشعبوي مارسيل شيولاكو.
وهذه هي المرة الأولى في تاريخ رومانيا بعد حقبة نيكولاي تشاوتشيسكو، منذ 35 عاماً، التي لا يكون فيها للحزب الاشتراكي الديمقراطي مرشح في الجولة الثانية من السباق الرئاسي، وهو ما يمثل ضربة قوية لأقوى حزب في البلاد، ويؤكد على مشاعر الناخبين المناهضة للحكم.
ونقلت صحيفة “فاينانشيال تايمز” عن محللين قولهم، إن مجموعة من الخيارات ممكنة لتشكيل حكومة جديدة بدون جماعات اليمين المتطرف القومية، بما في ذلك ائتلاف واسع النطاق يضم الحزب الديمقراطي الاجتماعي، أو إدارة أقلية من يمين الوسط.
ومن المقرر أن تخيم الصراعات الجارية المحيطة بالانتخابات الرئاسية على محادثات الائتلاف.
مخاوف غربية
ويشعر شركاء رومانيا الغربيون بالقلق بشأن حليف رئيسي في جهودهم لمواجهة الغزو الروسي لأوكرانيا.، وتعد رومانيا حجر الزاوية في استراتيجية حلف شمال الأطلسي بشأن أوكرانيا، وموقع أكبر قاعدة مخططة للتحالف العسكري في أوروبا.
وخاض جورجيسكو، المتدين والقومي للغاية، حملته الانتخابية داعياً لتقليل اعتماد رومانيا على الواردات ودعم المزارعين وزيادة الإنتاج المحلي من الغذاء والطاقة.
كما زعم أن الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو، لا يمثلان المصالح الرومانية بشكل صحيح، وأن حرب روسيا في أوكرانيا، تتلاعب بها شركات عسكرية أميركية.
وفي عام 2022، زعم أن الدرع الصاروخي الأميركي الموجود في قرية ديفيسيلو في جنوب رومانيا، هو جزء من سياسة المواجهة وليس إجراءً سلمياً. وقد زعم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نفس الشيء.
وأثار الفوز المفاجئ لجورجيسكو في الجولة الأولى، المخاوف من أن موسكو ربما تحاول جذب رومانيا العضو في حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي، وهي دولة مهمة في وسط وشرق أوروبا يبلغ عدد سكانها 19 مليون نسمة، إلى معسكرها بعد الانتخابات المتنازع عليها في مولدوفا وجورجيا.
وإذا ما اتجهت بوخارست أيضاً نحو مسار أكثر معاداة للاتحاد الأوروبي وموالاة لروسيا، فإن هذا من شأنه أن يقوض بشكل خطير قدرة الاتحاد الأوروبي على العمل، مما يجعل من الصعب بناء الإجماع بين الدول الأعضاء، حسبما نقلت مجلة “بوليتيكو” الأميركية.
وحتى الآن، لعبت رومانيا، التي تحد أوكرانيا على الحافة الشرقية للاتحاد الأوروبي، دوراً إيجابياً في دعم الغرب لكييف. على سبيل المثال، أدى الصراع إلى زيادة الأهمية الاستراتيجية لقاعدة ميخائيل كوجالنيشينو الجوية على البحر الأسود.
سيناريوهات تشكيل الحكومة
وتحاول الأحزاب الرئيسية احتواء جورجيسكو، كما تسعى أيضاً إلى تشكيل حكومة يمكن أن تكون فيها مجموعة اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية اليمينية الوسطية، التي تنتمي إليها منافسته في الانتخابات الرئاسية إيلينا لاسكوني، مفتاحاً لتأمين أغلبية برلمانية.
كما أثيرت تساؤلات بسأن ما إذا كان الحزب الاشتراكي الديمقراطي، سيشارك في ائتلاف مع أحزاب يمين الوسط.
وفي حديث مع “فاينانشيال تايمز”، قال المحلل السياسي رادو ماجدين المقيم في بوخارست إن “الحزب الاشتراكي الديمقراطي يعود إلى الواجهة (لكن) المفاوضات لتشكيل الحكومة ستكون صعبة”، مشدداً على أن الأحزاب القوية في البرلمان يجب أن تتحد لتجنب نجاح جورجيسكو واليمين المتطرف.
وقال شيولاكو، إن الحزب الاشتراكي الديمقراطي سيكون بناءً. وأضاف بعد إغلاق صناديق الاقتراع “لقد فهمنا تماماً المسؤولية التي تقع على عاتقنا تجاه رومانيا. إنها إشارة مهمة نقلها الرومانيون إلى الطبقة السياسية”. وأضاف “أود أن أشكر ملايين الرومانيين الذين أظهروا مدى صلابة الديمقراطية في رومانيا”.
وقالت المحكمة الدستورية، إنها ستقرر إمكانية إعادة الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية، الاثنين.