اعتبر الرئيس الأميركي جو بايدن أنه كان بإمكانه الفوز بولاية ثانية، لكنه لم يكن متأكداً مما إذا كان يمتلك الطاقة الكافية لـ4 سنوات أخرى في البيت الأبيض.
وذكر بايدن في مقابلة مع صحيفة USA Today الأميركية اتسمت بالدفاع عن إرثه الرئاسي: “حتى الآن، الأمور تسير على ما يرام، ولكن من يعلم كيف سأكون عندما أبلغ 86 عاماً؟”.
وأشار بايدن في المقابلة إلى أنه لم يقرر بعد “ما إذا كان سيتخذ خطوة تاريخية أخيرة قبل مغادرته منصبه خلال أسبوعين، وهي إصدار عمليات عفو استباقية، وهي خطوة أقدم عليها 3 رؤساء فقط من قبله”.
وقال بايدن إنه يفكر في إصدار عفو استباقي عن شخصيات عامة، مثل النائبة الجمهورية السابقة ليز تشيني، والمسؤول الصحي البارز السابق أنتوني فاوتشي، واللذان يواجهان تهديدات بالتحقيق والملاحقة القانونية من قِبَل الرئيس المنتخب دونالد ترمب.
ولفت بايدن إلى أنه خلال لقائه مع ترمب في البيت الأبيض بعد أسبوع من الانتخابات الرئاسية في نوفمبر الماضي، حثَّ الرئيس المنتخب على عدم المضي قدماً في تهديداته باستهداف منتقديه أو في حالة تشيني، “أولئك الذين قادوا الجهود الرامية إلى عزله”.
وتابع: “حاولت أن أوضح أنه لا توجد حاجة لذلك، وأن العودة لتصفية الحسابات أمر يتعارض مع مصلحته”. وعند سؤاله عن رد ترمب، أجاب بايدن: “لم يقل لي: لا.. لم يؤكد ذلك. لقد استمع ببساطة”.
ونوَّه بايدن بأن قراره بشأن العفو “سيعتمد إلى حد ما على الأسماء التي سيختارها ترمب للمناصب القيادية في إدارته المقبلة”.
ورشح ترمب بام بوندي، المدعية العامة السابقة لولاية فلوريدا، لتولّي وزارة العدل، وكاش باتيل لرئاسة مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI).
“كنت واثقاً من الفوز”
وبسؤاله عما إذا كان بإمكانه الفوز في الانتخابات الرئاسية إذا واصل الترشح، قال بايدن: “من المبالغ فيه أن أجزم بذلك، لكنني أعتقد نعم”، معتبراً أن رأيه يستند إلى استطلاعات الرأي التي اطلع عليها.
ومع ذلك، لم يُظهر الثقة نفسها عندما سُئل عما إذا كان يمتلك الطاقة اللازمة للخدمة 4 سنوات أخرى في منصب الرئاسة. فأجاب بصراحة: “لا أعلم”.
وأثارت المخاوف بشأن عمْر الرئيس الأميركي الأكبر سناً وقدراته العقلية جدلاً واسعاً بعد أدائه المتعثر في المناظرة التلفزيونية مع ترمب في يونيو الماضي.
وحثَّ قادة ديمقراطيون بارزون، من بينهم رئيسة مجلس النواب السابقة نانسي بيلوسي، بايدن على الانسحاب من السباق، وهي خطوة غير مسبوقة في مرحلة متأخرة من الحملة الانتخابية.
وبعد انسحابه على مضض في يوليو الماضي، أصبحت نائبة الرئيس كامالا هاريس المرشحة الديمقراطية، لكنها خسرت الانتخابات الرئاسية.
وقالت USA Today إن بايدن ظهر في أكثر لحظاته حماساً عندما تحدَّث عن جهود ابنه هانتر بايدن للبقاء متعافياً من الإدمان، متحدثاً عنه “ليس كشخص سبّب له الإحراج، بل كمقاتل جعل والده يشعر بالفخر. واعترف بايدن في النهاية بأن عمْره كان قضية جوهرية”.
وأضاف بايدن: “لم تكن لدي أي نية للترشح بعد وفاة ابني بو.. هذا حقيقي، وليس مزاحاً”، مشيراً إلى وفاة ابنه الأكبر عام 2015 بسبب سرطان الدماغ”.
ومضى يقول: “في انتخابات 2020 عندما قرر ترمب الترشح مجدداً، اعتقدت حقاً أن لدي أفضل فرصة لهزيمته. لم أكن أبحث عن أن أكون رئيساً وأنا في الخامسة والثمانين أو السادسة والثمانين من عمري، لذلك تحدثت عن تسليم الشعلة إلى الجيل المقبل من قادة الحزب الديمقراطي”، وهي عبارة فسّرها الكثيرون في حزب الرئيس على أنها إشارة إلى عدم نيته السعي لولاية ثانية.
وصرّح بايدن بأن خبرته الطويلة كانت أحد الأصول المهمة في إدارة الشؤون الخارجية. وقال: “لأني شخص كبير في السن فأنا أعرف كل زعيم عالمي منذ فترة طويلة. لذلك، لدي منظور حول كل منهم ومصالحهم”.
وأشار إلى ترؤوسه للجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي قبل أن يتولى منصب نائب الرئيس لفترتين.
وأكمل حديثه قائلاً: “أعتقد أن ذلك ساعدني في التعامل مع بعض التغيرات الأساسية التي تحدث، سواء في أوروبا أو أميركا اللاتينية أو الشرق الأوسط أو الشرق الأقصى”.
وقال إنه “أعاد بناء التحالفات التي أضعفها ترمب خلال ولايته الأولى، وتمكَّن من إدارة نقطة تحول في التاريخ، ومع مغادرته منصبه، لا توجد قوات أميركية مشاركة في حروب خارجية”، على الرغم من أن الولايات المتحدة منخرطة بعمق في الحرب في أوكرانيا، وحرب إسرائيل على قطاع غزة.
“أميركا القائد المحوري”
ورأى بايدن في المقابلة أن “العالم أصبح صغيراً حقاً، وأن الولايات المتحدة تظل القائد المحوري للعالم”. لكن بحسب USA Today، فإن هذا الرأي يتعارض مع رؤية ترمب التي تدعو إلى “أميركا أولاً”، حيث تكون الإدارة المقبلة أقل اهتماماً بدورها العالمي.
وعبّر بايدن عن أمله في أن يقول التاريخ “إنني توليت المنصب وكان لدي خطة لاستعادة الاقتصاد، وإعادة ترسيخ قيادة أميركا على الساحة العالمية، هذا كان أملي، وآمل أن يُسجل أنني فعلت ذلك بنزاهة وصدق، وأنني كنت أقول ما يدور في ذهني”.
خطة الإنقاذ
ودافع بايدن عن خطة الإنقاذ الأميركية البالغة 1.9 تريليون دولار، والبرامج التشريعية الأخرى التي جرى إقرارها في أعقاب جائحة “فيروس كورونا”، معتبراً أنها كانت ضرورية لتعزيز النمو وخلق الوظائف، رغم الانتقادات الواسعة التي اعتبرت أن الإنفاق الضخم ساهم في ارتفاع التضخم.
وبرر ذلك بقوله: “لقد أنفقنا أموالاً لتحقيق ذلك. لكن الحقيقة أننا حققنا هبوطاً سلساً على الأرض، دون ركود اقتصادي”. وكان معظم الاقتصاديين توقعوا أن الركود أمر لا مفر منه.
وتساءل: “كيف يمكن لأميركا في عالم متغير أن تقود العالم دون أن تكون لديها أفضل بنية تحتية في العالم، وأفضل نظام تعليمي، ودون أن تكون في موقع يتيح لها امتلاك أفضل نظام صحي؟ هذه ببساطة أمور اعتقدت أنها ضرورية”.
ورغم تباطؤ معدلات التضخم، لا تزال تكاليف الغذاء والإيجار المرتفعة تشكّل تحديات يومية لملايين الأميركيين، وفقاً للصحيفة.
ومع استعداد بايدن لمغادرة منصبه، يقترب معدل البطالة من أدنى مستوياته التاريخية، وتشهد أسواق الأسهم ارتفاعات ملحوظة، كما يشهد الاقتصاد نمواً مستمراً.
“إشادة من ترمب”
كما تحدَّث بايدن عن أن “ترمب قدم لي العديد من الإطراءات حول بعض الأمور الاقتصادية التي قمت بها. ويعتقد أنني أغادر (البيت الأبيض) وأنا أترك ورائي سجلاً جيداً”.
لكن في الوقت ذاته، حذَّر بايدن من أن “ترمب قد يُعرِّض فترة الازدهار الاقتصادي للخطر إذا طبَّق بعض السياسات التي يدافع عنها”.
وفسَّر تحذيراته قائلاً: “أعتقد أنه إذا نفَّذ خفض الضرائب بقيمة 5 تريليونات دولار، وإذا قرر زيادة الرسوم الجمركية على نطاق واسع، فإن كل هذا سيؤدي فقط إلى زيادة تكاليف المستهلكين في أميركا. وإذا قرر إلغاء بعض البرامج الكبرى، سواءً كانت خطة الإنقاذ أو البنية التحتية أو قانون المناخ، أعتقد أنه سيتسبب في ضرر لنفسه وللاقتصاد”.
“خيبة أمل بايدن”
ويرى بايدن أن فشله في التصدي بشكل فعال للمعلومات المضللة، “بما في ذلك التي يبثها ترمب”، بمثابة أكبر خيبة أمل بالنسبة له، موضحاً أن “هذه التحديات تعكس الثورة في طريقة وصول الأميركيين إلى الأخبار، ومن يثقون بهم لإخبارهم بها”.
وأشار بايدن إلى خطاب ترمب حول تهديد المهاجرين، لكنه خلط بين حادثتين من هجمات نفَّذها شخصان من قدامى المحاربين العسكريين باستخدام الشاحنات، أحدهما في نيو أورلينز، والآخر في لاس فيجاس.
وأضاف بايدن: “الشخص في لاس فيجاس هو جندي بالجيش، وُلد وتربى في أميركا”، ثم قال: “ومع ذلك، يأتي الرئيس، الذي سيعود ليكون رئيساً، ويقول: من الواضح أن هناك غزواً من الجنوب وكل هؤلاء المهاجرين يتسببون في كل هذه المشاكل”.
وفي لاس فيجاس، كان الرجل الذي يقف وراء تفجير سيارة تسلا “سايبر تراك” خارج فندق ترمب من المؤيدين له، وترك كتابات تدعو إلى “استيقاظ الشعب” وتقول إن الولايات المتحدة “مريضة للغاية ومتجهة نحو الانهيار”.
أما في نيو أورلينز، فقد كان الرجل الذي قاد الشاحنة نحو حشد في الحي الفرنسي أميركياً ووُلِد في تكساس، وانجذب إلى أفكار تنظيم “داعش”.
وقال ترمب في منشور له على “تروث سوشيال” بعد الهجوم في نيو أورلينز: “عندما قلت إن المجرمين الذين يأتون إلى هنا أسوأ بكثير من المجرمين الذين لدينا في بلادنا، تم دحض هذا التصريح من قِبَل الديمقراطيين ووسائل الإعلام المزيفة، لكن تبين أنه كان صحيحاً”.
كما عبّر بايدن عن إحباطه من الوقت الطويل الذي استغرقه بدء تنفيذ مشاريع البنية التحتية. وقال: “سيتحدث المؤرخون عن مدى تأثير ذلك الكبير، ولكن لم يكن له تأثير فوري على حياة الناس”.
وأردف بالقول: “أعتقد أننا كنا سنصبح في وضع أفضل بكثير لو تمكَّنا من الدفع قُدماً لتنفيذ بعض هذه المشاريع بشكل أسرع”.