قال مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا، جير بيدرسون، أمام مجلس الأمن الدولي، إن الإعفاء من العقوبات الأميركية للمعاملات مع المؤسسات السورية الحاكمة محل ترحيب لكن “عملاً أكبر بكثير… سيكون ضرورياً حتماً”.
وبعد 13 عاماً من الحرب الأهلية، أُطيح بالرئيس السوري بشار الأسد في هجومٍ خاطفٍ شنَّته قوات المعارضة بقيادة هيئة تحرير الشام قبل شهر.
وكانت الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي ودول أخرى قد فرضت عقوبات شديدة على سوريا بعد حملة الأسد على الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية في عام 2011، والتي تحوَّلت إلى حربٍ أهلية.
سوريا والعقوبات
وقال بيدرسون للمجلس، الأربعاء: “أرحب بإصدار حكومة الولايات المتحدة في الآونة الأخيرة ترخيصاً عاماً مؤقتاً جديداً، لكن عملاً أكبر بكثير في المعالجة الكاملة للعقوبات والتصنيفات (في القوائم) سيكون ضرورياً حتماً”.
وأصدرت الولايات المتحدة، الاثنين، إعفاءً من العقوبات، عُرف باسم “الترخيص العام”، للمعاملات مع المؤسسات الحاكمة في سوريا لمدة ستة أشهر، في مسعى لتسهيل تدفق المساعدات الإنسانية، والسماح ببعض المعاملات في مجال الطاقة.
وقالت دوروثي كاميل شيا، نائبة السفير الأميركي في الأمم المتحدة، لمجلس الأمن: “الولايات المتحدة ترحب بالرسائل الإيجابية من هيئة تحرير الشام، لكنها في نهاية المطاف ستنظر إلى التقدم في الأفعال وليس الأقوال”.
العقوبات الأوروبية
ورحَّبت وزارة الخارجية في دمشق، الأربعاء، بالخطوة الأميركية، ودعت إلى الرفع الكامل للقيود لدعم تعافي سوريا.
وفي وقت سابق، قال وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، إن العقوبات التي يفرضها الاتحاد الأوروبي على سوريا، والتي تعرقل توصيل المساعدات الإنسانية، وتعوق تعافي البلاد، قد تُرفَع سريعاً.
وانتقد السفير الروسي لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة ودول أخرى على سوريا، وأضاف: “نتيجة لذلك، يتعرض الاقتصاد السوري لضغوط شديدة ولا يستطيع الصمود أمام التحديات التي تواجه البلاد”. وكانت روسيا حليفة للأسد طوال الحرب.
إنهاء المعاناة
وكانت هيئة تحرير الشام، المعروفة سابقاً باسم “جبهة النُصرة”، الجناح الرسمي لتنظيم القاعدة في سوريا إلى أن قطعت علاقاتها بالتنظيم في عام 2016. وإلى جانب التدابير أحادية الجانب، كانت الجماعة مدرجة أيضاً في قائمة عقوبات مجلس الأمن الدولي لتنظيم القاعدة، وتنظيم داعش، لأكثر من عقدٍ، ومعرَّضة لتجميدٍ عالمي للأصول وحظر للأسلحة.
ولا عقوبات من الأمم المتحدة على سوريا بسبب الحرب الأهلية.
وكانت حكومة الأسد قد عيَّنت قبل عام قصي الضحَّاك سفيراً لسوريا لدى الأمم المتحدة لكنه قال في كلمة لمجلس الأمن، الأربعاء، إنه يتحدث باسم القيادة الجديدة.
وقال الضحَّاك: “عانى السوريون لسنوات طويلة، وآن الوقت كي يتنفسوا الصعداء، ويعيشوا حياة كريمة في وطنهم أسوة بغيرهم من شعوب العالم. حان الوقت لإنهاء المعاناة، ولتمكين السوريين من العيش بأمان وبرفاه، والتمتع بحياة كريمة في وطنهم، وصنع مستقبل أفضل لوطنهم”.
ومضى يقول: “لذا تدعو سوريا الأمم المتحدة، ودولها الأعضاء كافة، للعمل على الرفع الفوري، والكامل للتدابير القسرية الانفرادية، وتوفير التمويل اللازم لتلبية الاحتياجات الإنسانية، واستعادة الخدمات الأساسية”.
هجمات إسرائيل على سوريا
وقال بيدرسون إنه يسعى للعمل مع السلطات الانتقالية في سوريا “حول كيفية تطوير الأفكار والخطوات الناشئة، والمهمة التي جرى التعبير عنها، والمبادرة بها حتى الآن نحو انتقالٍ سياسيٍ موثوقٌ به، يحتوي الجميع”.
وأضاف أن الهجمات على سيادة سوريا وسلامة أراضيها يتعين وقفها، منتقداً إسرائيل تحديداً.
ومع انهيار حكومة الأسد، في ديسمبر، شنَّت إسرائيل سلسلة من الضربات ضد البنية التحتية العسكرية السورية، ومواقع تصنيع الأسلحة “لمنع وقوعها في أيدي الأعداء”، وفق زعمها.
وقال بيدرسون: “التقارير التي تتحدث عن استخدام جيش الدفاع الإسرائيلي للذخيرة الحيَّة ضد المدنيين، وتهجيرهم، وتدمير البنية الأساسية المدنية، تثير القلق الشديد أيضاً”.
وأضاف: “مثل هذه الانتهاكات، إلى جانب الغارات الجوية الإسرائيلية في أجزاء أخرى من سوريا، وهو ما تحدثت عنه تقارير حتى الأسبوع الماضي، في حلب، قد تعرض احتمالات الانتقال السياسي المنظَّم لمزيد من الخطر”.