كشف وزير خارجية إيران عباس عراقجي، الأحد، تفاصيل التطورات الأخيرة في سوريا، التي أدت إلى سقوط نظام بشار الأسد مع استيلاء الفصائل المسلحة المعارضة على البلاد، قائلاً إن عجز الجيش السوري “كان مفاجئاً” لتأثره بـ”الحرب النفسية”، فيما رجّح إمكانية التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة خلال أسابيع.
وقال عراقجي، في مقابلة مع التلفزيون الإيراني أوردتها وكالة “إرنا”: “كل شيء كان واضحاً، فالتحليلات التي كانت موجودة والأخبار كانت تشير إلى وجود مثل هذه الخطوة في سوريا. تحليلياً وإعلامياً، كنا نعلم أن هناك مخططاً وراء الكواليس من قبل أميركا وإسرائيل لإحداث مشاكل متتالية في محور المقاومة، وكان هذا المخطط موجوداً دائماً”.
وأضاف: “بعد التطورات في غزة ولبنان، كان من الطبيعي أن تستمر هذه التحركات، ولكن من الناحية الميدانية والمعلوماتية، كان أصدقاؤنا في أنظمة المعلومات الأمنية في بلدنا وفي سوريا على علم تام بالتحركات في محافظة إدلب وتلك المناطق. وتم نقل جميع المعلومات ذات الصلة إلى الحكومة والجيش السوري”.
وتابع عراقجي: “ما كان مفاجئاً هو عجز الجيش السوري عن التصدي لهذه الحركة التي بدأت، والثانية هي سرعة التطورات”، مشيراً إلى أن الجيش السوري أصبح “أسير الحرب النفسية”.
وأوضح وزير الخارجية الإيراني أن الأسد نفسه كان متفاجئاً واشتكى من سلوك جيشه خلا لقائه الأخير به رفقة كبير مستشاري المرشد الإيراني علي خامنئي، علي لاريجاني نهاية نوفمبر الماضي.
وأشار إلى أنه كان من الواضح أنه لم يكن هناك تحليل مناسب للجيش السوري حتى في الحكومة السورية.
ونوه عراقجي إلى أن الفصائل المسلحة السورية أخذت بالاعتبار مسألة مواجهة إيران لإسرائيل وانهماك روسيا في أوكرانيا.
وزاد: “كل هذا لعب دوراً في حساباتهم، لكنه في رأيي العامل الأساسي في نجاحهم في الآونة الأخيرة في سوريا، كان الجيش السوري الذي لم يصمد ولو كان قد قاوم لما سقطت حتى حلب”.
مسار “أستانا”
وعن مسار اجتماعات “أستانا”، التي اختتمت في العاصمة القطرية الدوحة، قبل أيام، أوضح عراقجي أن الهجمات الأخيرة التي وقعت في سوريا كانت ضد مسار “أستانا”، لأنه كان من المفترض أن يحدث شيء آخر.
وتابع: “أحد أهداف عملية أستانا كان أنه بعد إحلال السلام في سوريا، ستقوم الدول الثلاث الضامنة، إيران وروسيا وتركيا، بمساعدة سوريا والمعارضة على إقامة حوار سياسي بينهما، وإصلاحات سياسية، وتغييرات في الدستور إذا لزم الأمر، وقد تحركنا بهدوء في هذا الاتجاه خلال السنوات الماضية، ويجب القول إن هذا الاتجاه لم يسر بشكل جيد كما كان متوقعاً”.
وقال عراقجي: “عندما هُزم تنظيم داعش، انسحبت قواتنا بطلب من الحكومة السورية، ولم يكن لدينا أي واجب آخر، بالطبع بعض قواتنا ظلت هناك وكان على عاتقهم مسؤولية الدور الاستشاري”.
وذكر أن الجانب الثالث من دعم إيران لسوريا يتعلق بالعلاقة بين الحكومة السورية وشعبها ومعارضيها، قائلاً: “كنا نوجه الحكومة السورية دائماً للحديث مع معارضيها من أجل حل الخلافات بينهم، وتعاونا معهم في هذا الأمر إلى حد النصح والتوجيه”.
ولفت عراقجي إلى أن حكومة الأسد “لم تملك المرونة والسرعة الكافيتين للسير في هذا الاتجاه”، قائلاً: “الموضوع الداخلي في سوريا، والحوار مع المعارضين أو ربما مواجهتهم، كان يتعلق بالجانب السوري نفسه، وفي النهاية ساعدناهم على حد النصح والتشاور والتوجيه. وهذا في الواقع هو الجزء الذي يعاني الآن من مشاكل، والجيش السوري لم يؤد مهمته بشكل صحيح، ولم يكن من المفترض أبداً أن نحل محل الجيش لحل وتسوية مشاكلهم الداخلية”.
وأضاف وزير الخارجية الإيراني: “موقفنا كان دائماً دعم الحوار بين الحكومة السورية ومعارضيها، إذ تم تسجيل بعض فصائل المعارضة في سوريا على قائمة الجماعات الإرهابية التابعة للأمم المتحدة، والحقيقة أن المعارضين للحكومة السورية هم من أطياف متعددة، من شمال سوريا وجنوبها”.
ولفت إلى أنه في ختام اجتماعم الأخير مع الأسد “شجعنا وأصررنا على الحوار بين الحكومة السورية والمعارضة، والعبارة التي أضفناها هي معارضة مشروعة أي المعارضين الذين لا ينتمون إلى الجماعات الإرهابية. وكان موقفنا دائماً هو تشجيع حكومة الأسد على التحدث والتفاعل مع جماعات المعارضة”.
وأردف: “حقيقة أن الجيش السوري لم يتمكن من المقاومة إطلاقاً، كان متعلقاً بالجوانب النفسية للمسألة، أو ربما هناك كانت قضايا أخرى”.
ولفت إلى حضور وزراء خارجية السعودية ومصر والعراق وقطر والأردن وتركيا وروسيا، قائلاً: “الدول المهمة في المنطقة كانت حاضرة لاجتماعات أستانا وكان لنا لقاء مشترك معهم، وكان سؤال الجميع هو لماذا تراجع الجيش السوري بهذه السرعة ولماذا كانت مقاومته قصيرة إلى هذه الدرجة. هذه السرعة في التطورات كانت مفاجئة للجميع”.
اتفاق وشيك في غزة
وتطرق وزير الخارجية الإيراني إلى الوضع في غزة، قائلاً: “وقف إطلاق النار في غزة له تعقيداته، وjجري حالياً مناقشة انجاز وقف إطلاق النار في غزة قبل تولي الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب للسلطة في 20 يناير المقبل. لم أر خبراً موثوقاً في هذا الصدد، لكنني أتوقع وقفاً للنار خلال الأسابيع القليلة المقبلة بناءً على بعض المعطيات”.
وتابع: “دخلت إسرائيل إلى غزة بهدف معلن وهو تدمير حركة حماس، وإن الدخول في اتفاق لوقف النار الآن يعني قبولها بالهزيمة، لذلك فإن مشكلة رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو هي أنه سيكون قد قبل الهزيمة لو قبل بوقف إطلاق النار”.
وأضاف عراقجي: “جبهة المقاومة تمر بفترة صعبة منذ أكثر من عام وأبدت مقاومة مثالية، ولا تزال المقاومة قائمة في غزة. وعلى الرغم من الضربات التي تلقاها، تمكن (حزب الله) من إعادة تنظيم نفسه بسرعة وكبد إسرائيل الضحايا وأجبرها على وقف إطلاق النار، لماذا وافقت إسرائيل على وقف إطلاق النار في جنوب لبنان؟ ليس هناك سبب سوى مقاومة (حزب الله)”.
وتابع: “المقاومة ستجد طريقها على أية حال، لأنها هدف مثالي وليست حرب كلاسيكية، ولهذا السبب لا يمكن تدمير المقاومة، رغم أنها تواجه قيوداً، لكنها في النهاية تمكنت من توفير أسلحتها الخاصة ومتابعة طريقها الخاص. ولا ينبغي لأحد أن يعتقد أن هذا المسار سيتوقف عندما تخرج سوريا من دائرة المقاومة”.
وأشار عراقجي إلى أن مواجهة إسرائيل والدفاع عن حقوق الفلسطينيين هو “نضال مستمر”، محذراً من “مؤمرات إسرائيلية” أكثر من أي وقت مضى.