تعهدت إسرائيل رسمياً لإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، الأسبوع الماضي، بأنها لا تنوي تهجير الفلسطينيين قسراً من شمال غزة، ولا تسعى إلى تجويع السكان المدنيين هناك، وذلك وفقاً لخطاب إسرائيلي قال موقع “أكسيوس” إنه حصل على نسخة منه.
ورغم هذه التعهدات، فإن مسؤولين في إدارة بايدن يُعبرون عن قلق عميق من أن الجيش الإسرائيلي قد يمنع عشرات الآلاف من الفلسطينيين الذين غادروا شمال غزة، وخاصة بلدة جباليا، من العودة إلى ديارهم.
كما يخشى المسؤولون أن تصبح هذه الالتزامات الإسرائيلية غير ذات صلة في حال تولي إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترمب الحكم، نظراً لتراجع تهديد الولايات المتحدة بتعليق المساعدات العسكرية لإسرائيل.
وأشار “أكسيوس” إلى أن الخطاب الإسرائيلي أُرسل رداً على إنذار قدمه وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ووزير الدفاع لويد أوستن في 13 أكتوبر بشأن الأزمة الإنسانية في غزة.
وتضمن الخطاب الإسرائيلي المكون من 23 صفحة، والموجه إلى وزير الخارجية الأميركي ووزير الدفاع، وموقعة من وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي ووزير الدفاع يسرائيل كاتس، قائمة بالإجراءات التي اتخذتها إسرائيل خلال الشهر الماضي أو تخطط لاتخاذها في الأسابيع المقبلة لتحسين الوضع الإنساني.
وكان الوضع في شمال غزة أحد أبرز المخاوف التي أثارتها إدارة بايدن.
انتهاء مهلة الإنذار
وانتهت المهلة الأميركية الأربعاء الماضي، والتي كان يفترض بعدها، أنه إذا خلصت إدارة بايدن إلى أن إسرائيل لا تتخذ خطوات كافية لزيادة المساعدات إلى غزة، فإن بإمكانها تعليق إمدادات الأسلحة لإسرائيل بموجب القانون الأميركي.
وصرّح نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، فيدانت باتيل، الأسبوع الماضي أن إدارة بايدن لم تُجرِ تقييماً “في الوقت الحالي” بشأن انتهاك إسرائيل للقانون الأميركي، لكنه شدد على أن “التقييم لا يزال جارياً”.
وأرسلت الرسالة المؤرخة بتاريخ 13 نوفمبر بعد يوم واحد من زيارة وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر إلى واشنطن، حيث أطلع بلينكن ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان على التدابير التي تتخذها إسرائيل لمعالجة المخاوف الأميركية بشأن غزة.
تهديدات أميركية
وفقاً لـ”أكسيوس”، قال مسؤولان في إدارة بايدن إن إسرائيل لم تكن لتتخذ هذه الخطوات لولا الإنذار الأميركي والتهديد بتعليق المساعدات العسكرية.
وكتب الوزيران ديرمر وكاتس في الخطاب: “تؤكد إسرائيل أنه لا توجد سياسة لإجلاء المدنيين قسراً من أي مكان في قطاع غزة، بما في ذلك شمال القطاع”.
وزعما أن الجيش الإسرائيلي لم يصدر “أوامر إخلاء” للمدنيين الفلسطينيين في أي وقت خلال الحرب، لكنه اكتفى بتحذير المدنيين مسبقاً في مناطق معينة قبل العمليات العسكرية.
واعتبرا أن المدنيين الذين يختارون البقاء “يؤخذون في الحسبان أثناء التخطيط العملياتي، بما في ذلك تسهيل تقديم المساعدات الإنسانية”.
55 ألف فلسطيني
ولفت “أكسيوس”، إلى أن العملية العسكرية الإسرائيلية في جباليا دفعت في الواقع 55 ألف فلسطيني للنزوح، وقتلت مئات الفلسطينيين، بينهم نساء وأطفال، نتيجة ضربات جوية استهدفت مبان سكنية.
ونفى الوزيران الإسرائيليان أن تكون تل أبيب تُنفذ خطة لتجويع شمال غزة لإجبار مقاتلي حركة “حماس” على الاستسلام.
وجاء في رسالتهما: “الادعاء بأن ما يسمى خطة الجنرالات أُقرت من المستويات السياسية والعسكرية أو أنها تُنفذ من قبل إسرائيل هو ادعاء خاطئ تماماً”، وفق قولهما.
وزعما أن “إسرائيل لا تُقيّد دخول أو تقديم المساعدات الإنسانية في أي مكان في غزة، وبالتأكيد لا تفعل ذلك لإجبار المدنيين على الإخلاء”.
ورغم زعمهما، إلا أن وصول شاحنات المساعدات كان محدوداً أثناء العملية الإسرائيلية في شمال قطاع غزة، حيث لم يُسمح إلا بكمية ضئيلة من المساعدات من الوصول إلى جباليا.
وذكر الخطاب الإسرائيلي أن عدد شاحنات المساعدات التي دخلت غزة ارتفع إلى 200 شاحنة يومياً خلال أول أسبوعين من نوفمبر. وأصدر المجلس الوزاري الأمني الإسرائيلي تعليماته للجيش بزيادة العدد اليومي إلى 250 شاحنة، والتأكد من وصول ما يكفي منها إلى شمال غزة.
وطالبت الولايات المتحدة إسرائيل بالسماح بدخول 350 شاحنة يومياً. وزعم كاتس وديرمر أن عدم قدرة الأمم المتحدة على إرسال عدد كاف من الشاحنات إلى المعابر هو السبب في عدم تحقيق الهدف، لكنهما أكدا أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو “أمر الجيش بالوصول إلى هذا العدد في أسرع وقت ممكن”.
وزعم الوزيران أن إسرائيل أوقفت إدخال المساعدات عبر القنوات التجارية “لأنها كانت تعزز حكم حماس في غزة”.
وأضافا: “إذا ثبت أن إدخال المساعدات الإنسانية عبر القنوات غير التجارية غير كافٍ، فلن تُعارض إسرائيل إدخال المساعدات عبر القنوات التجارية مستقبلاً، بشرط ألا تتضرر مصالحها”.
ملف المعتقلين
وكان أحد مطالب الولايات المتحدة من إسرائيل هو السماح للجنة الدولية للصليب الأحمر بزيارة السجون ومراكز الاحتجاز في إسرائيل لتقييم أوضاع معتقلي غزة.
ورفض ديرمر وكاتس الطلب، معتبرين أن “سلوك اللجنة خالف مبادئها الخاصة بالحيادية والسرية”، وانتقدا تعاملها مع ملف الأسرى الإسرائيليين في غزة.
في المقابل، أعلن الوزيران أن المجلس الحكومي الأمني وافق على تشكيل “فريق مستقل” من قضاة إسرائيليين سابقين ومراقبين أجانب اثنين لزيارة مراكز الاحتجاز والسجون.
وكتبا: “إسرائيل مستعدة للتعاون الفوري مع الولايات المتحدة بشأن صلاحيات وعمل هذا الفريق المستقل، ومناقشة إمكانية مشاركة أميركية مباشرة”.
“الأونروا”
في سياق متصل، أعربت الولايات المتحدة عن قلقها بشأن القوانين الإسرائيلية الجديدة التي تحد بشكل كبير من عمليات وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” في الضفة الغربية والقدس الشرقية وغزة.
وقال الوزيران إن إسرائيل ترغب في مناقشة كيفية تسهيل الانتقال إلى وكالات بديلة قبل دخول القوانين حيز التنفيذ في أقل من 3 أشهر.
وذكرا أن المجلس الحكومي الأمني أوعز لوزارة الخارجية الإسرائيلية بتقديم مقترحات بديلة عن “الأونروا” في غزة والضفة.
وقالا إن بلدية القدس ستتولى تقديم الخدمات التعليمية والاجتماعية لعشرات الآلاف من الفلسطينيين في القدس الشرقية، بدلاً من الوكالة الأممية.
كما اقترحا أن تتولى السلطة الفلسطينية مسؤولية تقديم هذه الخدمات في الضفة الغربية.