أبدى وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، استعداد بلاده للتفاوض مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بشأن البرنامج النووي، معتبراً أن الخلافات يمكن حلها عبر التعاون والمفاوضات، لكنه شدد خلال استقباله مدير الوكالة، رافائيل جروسي، في طهران، الخميس، على أن إيران “لن تتفاوض أبداً تحت الضغط والترهيب”.
وأفادت وكالة “مهر” للأنباء الإيرانية، بأن وزير الخارجية عباس عراقجي، ناقش خلال لقائه مع المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، صباح الخميس، القضايا المتعلقة بملف البرنامج النووي الإيراني.
من جانبه، أشار رئيس منظمة الطاقة النووية الإيرانية، محمد إسلامي، إلى أن طهران أجرت “محادثات بناءة” مع مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وفق وسائل إعلام إيرانية.
ونقلت وكالات إيرانية عن إسلامي قوله، إن “أي قرار يشكل تدخلاً” ضد برنامج طهران النووي، سيقابل بإجراءات مضادة فورية”.
وسيلتقي جروسي خلال زيارته إلى طهران، التي بدأها، الأربعاء، بالرئيس الإيراني مسعود بيزشكيان لأول مرة منذ تولي الأخير المنصب في يوليو الماضي، ويأمل جروسي أن يساعد اللقاء في كسر الجمود القائم بين الجانبين منذ زمن طويل.
وبعد لقائهما، من المقرر أن يعقد رئيس مؤسسة الطاقة الذرية الإيرانية محمد إسلامي والمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل جروسي، مؤتمراً صحافياً مشتركاً.
وقال وزير الخارجية عباس عراقجي، في منشور على منصة “إكس”، الخميس، إنه أجرى “محادثات مهمة ومباشرة” مع المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل جروسي في طهران هذا الصباح.
وأضاف: “ستواصل إيران بصفتها عضوا ملتزماً في معاهدة منع الانتشار النووي التعاون الكامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية”.
وتابع: “يمكن حل الخلافات من خلال التعاون والحوار. اتفقنا على المضي قدماً بشجاعة وحسن نية”، مشيراً إلى أن “إيران لم تترك طاولة المفاوضات بشأن برنامجها النووي السلمي”.
واعتبر عراقجي، أن “الكرة في ملعب الاتحاد الأوروبي ومجموعة E3 (بريطانيا وفرنسا وألمانيا)”، مضيفاً: “نحن على استعداد للتفاوض على أساس مصلحتنا الوطنية وحقوقنا غير القابلة للتصرف، ولكننا لسنا مستعدين للتفاوض تحت الضغط والترهيب”.
بدوره، قال متحدث باسم الخارجية الإيرانية، إن البرنامج النووي الإيراني “كان ولا يزال سلمياً”، مؤكداً أن طهران لم تختر أبداً “طريق المواجهة” فيما يتعلق به.
ضغوط أوروبية
وقال دبلوماسيون إن الدول الأوروبية الموقعة على الاتفاق النووي مع إيران في عام 2015 (بريطانيا وفرنسا وألمانيا)، تسعى إلى استصدار قرار جديد ضد إيران من جانب مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية الأسبوع المقبل، للضغط على طهران بسبب قلة تعاونها، في وقت يترقب فيه العالم عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.
وتهدد مثل هذه القرارات بمزيد من التوتر الدبلوماسي مع إيران. فقد ردت إيران على قرارات سابقة وانتقادات أخرى وجهت إليها من جانب مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية المكون من 35 دولة بتكثيف أنشطتها النووية، ومنع كبار مفتشي الوكالة من دخول البلاد، الأمر الذي زاد من المخاوف الغربية بشأن أهدافها.
ومن شأن هذا القرار أن يكلف الوكالة الدولية للطاقة الذرية بإصدار ما يسمى “تقريراً شاملاً” عن الأنشطة النووية الإيرانية بالإضافة إلى تقاريرها الفصلية المنتظمة. وستتضمن التقارير وصفاً مفصلاً، وتركيزاً أكبر على المشكلات مثل فشل إيران المستمر في تفسير آثار اليورانيوم التي عثر عليها في مواقع غير معلنة.
والهدف هو إجبار إيران على العودة إلى طاولة المفاوضات للموافقة على قيود جديدة على أنشطتها النووية مقابل تخفيف العقوبات، وكلاهما أقل شمولاً مما ورد في الاتفاق النووي لعام 2015 مع القوى الكبرى الذي سحب ترمب بلاده منه في عام 2018، ما أدى إلى انهياره.
وفي ذلك الاتفاق وافقت إيران على قيود صارمة على أنشطتها النووية وعلى عمليات تفتيش دولية أكثر صرامة، حيث سعت القوى الغربية إلى تخفيف خطر الصراع بين إيران ومنافسيها الإقليميين من خلال تقليص قدراتها النووية.
وكانت الجهود الغربية لإجراء مفاوضات مع إيران، بحيث يجري التوصل لاتفاق جديد قبل “يوم انتهاء” اتفاق عام 2015 في أكتوبر من العام المقبل، تستند إلى حد كبير على افتراض فوز المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس بانتخابات الرئاسة الأميركية، نظراً لرفض ترمب التفاوض مع إيران.
مخاوف بشأن خطط ترمب
وقال دبلوماسيون إن الولايات المتحدة ليست القوة الدافعة وراء القرار، ولكن من المتوقع أن تدعمه، كما حدث مع القرار السابق ضد إيران في يونيو. وتناقش القوى الأوروبية التي تسعى إلى الحصول على قرار، والمعروفة باسم E3، المسودة مع الإدارة الأميركية المنتهية ولايتها.
ولا يزال السؤال القائم بشأن ما إذا كانت إدارة ترمب المقبلة ستكون منفتحة على المفاوضات بشأن ما أطلق عليه بعض الدبلوماسيين صفقة “الأقل مقابل الأقل”، مقارنة بصفقة عام 2015.
وسيجري مراقبة التنازلات والوعود التي يحصل عليها جروسي من إيران عن كثب، بحثاً عن مؤشرات على انفتاح إيران على المحادثات.
ونقلت وسائل إعلام رسمية، الثلاثاء، عن بيزشكيان قوله إن طهران لن يكون بمقدورها تجاهل عدوها اللدود الولايات المتحدة، وتحتاج إلى “التعامل مع أعدائها بصبر”.
وفي حين لم ترد تقارير عن خطط إدارة ترمب لإجراء محادثات مع طهران بعد توليها السلطة في يناير المقبل، قال الرئيس المنتخب خلال الحملة الانتخابية: “لا أريد أن ألحق الضرر بإيران، ولكن لا يمكنهم امتلاك أسلحة نووية”.