وجد الآلاف من الفلسطينيين النازحين واقعاً مريراً بعد عودتهم إلى منازلهم في شمال قطاع غزة، حيث تحولت فرحة معظمهم إلى حزن، بعدما وقفوا أمام حجم الدمار الذي تسبب فيه الجيش الإسرائيلي.
ويشكو الكثير من الفلسطينين انعدام ظروف الحياة في شمال غزة، بعدما دمر القصف إسرائيلي المتواصل البنى التحتية، وتسبب في شح المياه والطعام وانقطاع الكهرباء وغياب المرافق الصحية وتفشي الأمراض.
ومع تحول معظم المنازل إلى أنقاض، أقام العائدون خياماً على هذه المنازل.
وتروي الفلسطينية عبير عسلية لـ”الشرق”، كيف فقدت خصوصيتها في الخيمة التي نزحت إليها مع أطفالها بأحد مراكز الإيواء في شمال مدينة غزة.
وفقدت النازحة الفلسطينية منزلها في جباليا بشمال مدينة غزة، بعدما دمره صاروخ إسرائيلي في الحرب، ونزحت لأكثر من مرة قبل أن يستقر بها المطاف في مركز إيواء تكدس فيه الآلاف.
ودخل اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في 19 يناير الجاري، ليبدأ النازحون رحلة العودة تدريجياً إلى المناطق الشمالية في قطاع غزة، لكن عبير تشكو من غياب مقومات الحياة في مركز الإيواء، وانعدام الخصوصية، في ظل أن العدد الكبير من الخيام متلاصقة وفي مساحة قليلة.
وقالت عبير لـ”الشرق”: “لا توجد أي مقومات للحياة ولا توجد مساحة، هناك تكدس للخيام فوق بعضها البعض”، مضيفة: “أنا وعائلة أختي في خيمة واحدة، ننام ويفصل بين بعضنا البعض شريط”، مضيفة: “لا توجد خصوصية، بل أصبحت معدومة تماماً”.
وتضطر عبير إلى الذهاب بنفسها للوقوف في طابور طويل لتعبئة المياه التي تصل إلى المخيم بكميات قليلة لا تكفي لتلبية احتياجات الآلاف، ما أدى إلى انتشار الأمراض، نظراً إلى ندرة الاستحمام، ونقص أدوات النظافة الشخصية.
وقالت: “العيش في الخيام يسبب لنا الأمراض.. هذا غير الإنفلونزا على مدار 24 ساعة، هذا الطفل وذاك يعانيان من الإنفلونزا على مدار 24 ساعة، إنفلونزا غير طبيعية”.
نصف مليون نازح
وأفاد المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، الأربعاء، بأن أكثر من نصف مليون نازح فلسطيني، عادوا من محافظات الجنوب والوسط إلى محافظات غزة والشمال خلال آخر 72 ساعة، عبر شارعي الرشيد وصلاح الدين، بعد 470 يوماً من تهجيرهم قسراً.
وتواجه بلدية غزة تحديات كبيرة مع تدمير أجزاء كبيرة من المناطق السكنية في المدينة، وعدم قدرة مراكز الإيواء المؤقتة على استيعاب الأعداد الهائلة للنازحين.
ووجهت البلدية نداءً عاجلاً إلى الدول والمؤسسات الإغاثية لتوفير المواد الأساسية على وجه السرعة.
وذكرت في بيان أن أهم الاحتياجات الفورية والعاجلة التي تتطلبها مدينة غزة تشمل براميل المياه، ومصادر الطاقة وزيادة كمية الوقود وقطع الغيار والمواسير لصيانة شبكات المياه والصرف الصحي.
وقال يحيى السراج رئيس بلدية غزة إن “هناك تحديات كبيرة تواجهنا حالياً، بعد عودة النازحين من جنوب قطاع غزة بعدم توفر الأماكن اللازمة للإيواء، وعدم وجود الأماكن اللائقة لهؤلاء السكان الذين عانوا طوال المدة السابقة، الأماكن المتاحة داخل المدينة ضيقة وقليلة، ولن نستطيع توفير مساحة كافية توفر الخصوصية”.
وأضاف: “نحن بحاجة إلى توفير الكرفانات التي تكون لائقة لحياة السكان، وتوفير الخدمات المجاورة لها من مرافق صحية، وعيادات وتوفير أماكن للراحة وتوفير الطعام لمختلف الحاجات لهؤلاء السكان”.
إزالة آثار الحرب
وأشارت بلدية غزة إلى حاجتها للآليات الثقيلة والمتوسطة لأعمال الصيانة وفتح الشوارع، وإزالة آثار الحرب ومولدات الكهرباء لتشغيل آبار المياه، وألواح الطاقة الشمسية والبطاريات، لتلبية احتياجات الأسر، وحماية الغطاء النباتي المتبقي في المدينة، والخيام لضمان إيواء العائلات التي فقدت منازلها، والكرفانات لتوفير مساكن مؤقتة.
وقال السراج: “الخيام الحالية عددها قليل جداً، وغير مناسبة ومتلاصقة معاً والأماكن المفتوحة تقع جنوب المدينة، وما زلنا غير قادرين على الوصول إليها، نأمل بعد انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي منها أن نستطيع الوصول إليها وبناء مخيمات إيواء لائقة ومتسعة لهؤلاء السكان”.
وأضاف:”فقدنا أكثر من 80% من الآليات الثقيلة والمتوسطة وسيارات الحركة، نعجز عن توفير الخدمات بالشكل اللائق للسكان، نريد أجهزة معدات ثقيلة لرفع الأنقاض وتوسيع الشوارع وصيانة شبكات المياه.”.