يدرس الرئيس الأميركي جو بايدن تخفيف أحكام الإعدام بحق 40 مسجوناً فيدرالياً، أو بعضهم، في خطوة من شأنها أن تحبط قدرة الرئيس المنتخب دونالد ترمب على استئناف وتيرة الإعدام السريعة التي ميزت ولايته الأولى، وفق ما أوردته صحيفة “وول ستريت جورنال”.
وقالت مصادر مطلعة، إن قرار بايدن النهائي لم يُتخذ بعد، وسط دراسة ما إذا كان ينبغي أن يصدر تخفيفاً شاملاً لجميع المحكوم عليهم بالإعدام في قضايا فيدرالية، أو ما إذا كانت أحكام الإعدام يجب أن تبقى على أكثر المدانين بتهم كبيرة وشنيعة.
ولا يملك بايدن السلطة لتخفيف أحكام أو إصدار عفو عن المدانين من محاكم في الولايات، وتتعلق قدرته في هذا الشأن بمن صدرت بحقهم أحكام من محاكم فيدرالية.
وإذا تم تخفيف أحكام الإعدام، فإن السجناء، الذين أدينوا جميعاً بالقتل، سيقضون عقوبة السجن مدى الحياة دون إفراج مشروط، ويأتي ذلك، بعد أن ضغط تحالف واسع النطاق من الجماعات الدينية وجماعات حقوق الإنسان على بايدن لاتخاذ هذه الخطوة، فيما اكتسبت الجهود زخماً في وقت سابق هذا الشهر، قبل تنصيب ترمب في 20 يناير.
وأوضحت المصادر أن وزير العدل ميريك جارلاند، الذي يشرف على السجون الفيدرالية، أوصى بايدن بتخفيف جميع الأحكام باستثناء عدد قليل منها، وهي المتعلقة بقضايا الإرهاب وجرائم الكراهية.
ومع توقعاتهم بأن الرئيس المنتخب من المرجح أن يستأنف عمليات الإعدام، صعد نشطاء من ضغوطهم على بايدن بعد الانتخابات، إذ أرسلت بعض المجموعات بطاقات بريدية إلى البيت الأبيض تحمل شعار “أوقفوا عمليات إعدام ترمب”، وطالبوا بتخفيف شامل للأحكام، لأنهم يعتقدون أن عقوبة الإعدام نفسها “غير أخلاقية وغير عادلة”.
ووقع مسؤولون تنفيذيون في مجال الأعمال وقضاة فيدراليون سابقون ومسؤولون عن إنفاذ القانون وأقارب ضحايا القتل، إلى جانب العشرات من جماعات المناصرة التي عارضت عقوبة الإعدام منذ فترة طويلة، على رسائل مفتوحة لتخفيف عقوبة الإعدام.
مدانون تشملهم الاستثناءات
وقد تشمل الاستثناءات المحتملة جوهار تسارناييف، المدان في تفجير “ماراثون بوسطن” عام 2013، الذي أسفر عن سقوط ثلاثة وإصابة أكثر من 250 آخرين.
كما تشمل روبرت باورز، الذي قتل 11 شخصاً في هجوم عام 2018، على كنيس في بيتسبرج، وديلان روف، الذي قتل 9 في عام 2015 في كنيسة إيمانويل الإفريقية الميثودية الأسقفية في تشارلستون، بساوث كارولينا.
وفي قضية معلقة، تسعى وزارة العدل إلى فرض عقوبة الإعدام على بايتون جيندرون، الذي ينتظر المحاكمة بتهمة إطلاق نار جماعي في عام 2022 في سوبر ماركت بمدينة نيويورك.
ويقضي جيندرون بالفعل عقوبة السجن مدى الحياة، بعد إقراره بالذنب في تهم القتل العمد، وهي أشد عقوبة بموجب قانون الولاية، لأن نيويورك لا تفرض عقوبة الإعدام.
ومن بين أولئك الذين يمكن أن تخفف أحكام الإعادم الصادرة بحقهم إلى السجن مدى الحياة، جندي مشاة سابق قتل فتاتين صغيرتين ورجلان أدينا في مخطط اختطاف مقابل فدية أودى بحياة 5 مهاجرين روس وجورجيين.
فزع جمهوري
في المقابل، شعر الجمهوريون بالقلق إزاء احتمال تخفيف العقوبة، إذ قال زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل في خطاب: “هذا يعني أن السياسة التقدمية أكثر أهمية للرئيس من الأرواح التي أزهقها هؤلاء القتلة”.
وأضاف: “هذا يعني أن أقوى إدانة من جانب المجتمع للتفوق الأبيض ومعاداة السامية يجب أن تفسح المجال للهراء القانوني”، في إشارة إلى دوافع السجناء ورفض مزاعم التفاوت العنصري في عقوبة الإعدام.
وخلال حملته الانتخابية لعام 2020، أدرج بايدن إلغاء عقوبة الإعدام الفيدرالية كأحد بنود الحملة، ولم يتم تنفيذ أي عمليات إعدام فيدرالية خلال فترة ولايته.
لكن في يوليو 2021، أصدر وزير العدل جارلاند وقفاً مؤقتاً لعمليات الإعدام، لمراجعة السياسات والإجراءات الخاصة بعقوبة الإعدام، وخاصة سياسات عهد ترمب التي سرّعت فرض عقوبة الإعدام.
ولم تقدم وزارة العدل أي تحديثات حول حالة المراجعة التي تقوم بها، لكنها قالت في وثيقة قضائية حديثة إنه من المتوقع أن تكتمل بحلول مارس المقبل.
ورفع جارلاند فعلياً سقف استخدام الحكومة الفيدرالية للعقوبة القصوى، حيث سمح للمدعين العامين بالسعي إلى فرض عقوبة الإعدام في بعض القضايا الوحشية، بينما سحبها في العديد من القضايا الأخرى.
ولم يفعل بايدن الكثير حتى الآن للدفع نحو إلغاء عقوبة الإعدام، حيث لم تعط الإدارة الأولوية لمشاريع القوانين الديمقراطية لإنهاء عقوبة الإعدام الفيدرالية، ولم يتبع الرئيس تعهد حملته الانتخابية بدعوة الولايات التي لا تزال عقوبة الإعدام سارية فيها إلى القضاء على هذه الممارسة.
وعلاوة على ذلك، استمرت الإدارة في السعي إلى فرض أحكام الإعدام في عدد قليل من القضايا، بما في ذلك بحق معتقلي سجن جوانتانامو، وبينهم المتهمون بتنفيذ هجمات 11 سبتمبر، لكن هذا السجل يتناقض مع دعم ترمب المتحمس لعقوبة الإعدام، سواء أثناء الحملة الانتخابية أو أثناء وجوده في منصبه.
وتحت قيادة وزير العدل في عهد ترمب، ويليام بار، أعادت الوزارة تنشيط غرف الإعدام، وذهبت إلى المحكمة العليا للتغلب على استئنافات السجناء في اللحظة الأخيرة، وأعدمت 13 رجلاً وامرأة، وكان آخر إعدام قبل أيام من تولي بايدن منصبه في يناير 2021.