قال وزير الطاقة التركي ألب أرسلان بيرقدار، إن بلاده مستعدة لتزويد سوريا ولبنان بالكهرباء، وإن فريقاً من المسؤولين الحكوميين موجود بالفعل في سوريا لبحث كيفية حل مشكلاتها فيما يتعلق بالطاقة.
وأعادت تركيا، التي دعمت الفصائل المسلحة التي شاركت في الإطاحة بالرئيس بشار الأسد، بعد حربٍ أهلية استمرت 13 عاماً، فتح سفارتها في دمشق، وأجرت بالفعل اتصالات عالية المستوى مع قائد الإدارة الجديدة أحمد الشرع.
وقال بيرقدار لصحافيين بمدينة شانلي أورفا بجنوب شرق تركيا: “ربما يتم تلبية طلبات الكهرباء التي تحتاجها سوريا ولبنان في البداية عن طريق تصديرها من تركيا، وبالطبع يمكننا رؤية الصورة بشكل أكثر وضوحاً بعد الاطلاع على الوضع في شبكة النقل”.
ووفقاً لتصريحات سابقة لبيرقدار، من المقرر أن يبحث وفد الوزارة الذي وصل إلى دمشق، السبت، التعاون المحتمل في مجال الطاقة، بما في ذلك نقل الكهرباء لتغطية جزء من عجزها.
وأضاف أن الطاقة الكهربائية التي كانت متوافرة في سوريا بقدرة 8 آلاف و500 ميجاوات قبل الحرب انخفضت إلى نحو 3 آلاف و500 ميجاوات.
وأوضح أن “الغالبية العظمى من الأفراد يوفرون احتياجاتهم من الكهرباء من خلال المولدات، لذلك فإن هناك في الواقع حاجة ماسة للغاية للكهرباء”، مضيفاً أن فريق الوزارة يبحث في كيفية استخدام موارد سوريا نفسها من النفط، والغاز الطبيعي.
وسبق أن تعهَّد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بأن أنقرة ستفعل كل ما يلزم لإعادة إعمار سوريا. وتمد تركيا حالياً بالكهرباء بعض مناطق شمال سوريا، حيث شنَّت 4 عمليات عسكرية منذ عام 2016.
أنهكت الحرب قطاع النفط والغاز ضمن انهيار الاقتصاد بوجه عام، وحوّلت سوريا إلى مستورد للطاقة. إذ باتت دمشق تعتمد على الاستيراد لتأمين 95% من احتياجاتها النفطية، فبحسب تقديرات رسمية تستورد البلاد نحو 5 ملايين برميل شهرياً، أو ما يزيد على 160 ألف برميل يومياً، بعدما كانت تصدّر 150 ألفاً من الخام يومياً قبل عام 2011، بحسب منصة “الطاقة” المتخصصة في القطاع.
قطاع الطاقة في سوريا
وقطاع الطاقة في سوريا مرشح لأن يمثل شريان حياة لجهود بناء الدولة، إذا ما استطاعت سوريا العودة إلى مستويات إنتاجها النفطي قبل اندلاع الحرب في عام 2011، والبالغة نحو 400 ألف برميل يومياً (حتى أن بعض التقارير تشير إلى أنها ناهزت في مرحلة ما نصف مليون برميل يومياً)، إذ قد تحقق عوائد سنوية تصل إلى نحو 15 مليار دولار بسعر 70 دولاراً لبرميل النفط، وهي في أمس الحاجة الآن إلى تلك الموارد لإعادة إعمار بنيتها التحتية التي تدمرت إبان حرب ضروس، كما يقول محلل قطاع الطاقة المقيم في لندن إحسان الحق.
وتكشف تقارير البنك الدولي والأمم المتحدة عن تكاليف ضخمة لإعادة إعمار سوريا، تتراوح بين 250 و300 مليار دولار.
وفيما يخص الغاز، كانت سوريا تنتج 30 مليون متر مكعب يومياً قبل 2011، لكن الإنتاج انخفض 10 ملايين متر مكعب يومياً، بما يقل عن احتياجات البلاد لتشغيل محطات الكهرباء البالغة 18 مليون متر مكعب يومياً.
“لكن عودة قطاع النفط والغاز إلى العمل بكامل طاقتهما من جديد سيعتمد كثيراً على مدى دعم الغرب لسوريا، ورفع العقوبات الاقتصادية التي فُرضت على النظام السابق، واستقرار الوضع الأمني في البلاد”، على حد قول إحسان الحق.
كما يُرجّح أن تلجأ حكومة تصريف الأعمال، لتلبية احتياجات تشغيل محطات الكهرباء، إلى الحصول على إمدادات الطاقة من تركيا كمرحلة مبدئية، وبصورة أكبر وعلى المدى المتوسط من قطر، إحدى أكبر الدول المنتجة للغاز المسال عالمياً، وكِلا الدولتين تمتلكان علاقات جيدة مع الإدارة السورية الجديدة.
“بالفعل تركيا بدأت بإرسال إمدادات نفطية عبر الشاحنات إلى سوريا، وتنتظر البلاد أن تحذو قطر حذوها عبر إرسال شحنات الغاز المسال”، بحسب الحق.
وتسيطر قوات سوريا الديمقراطية (قسد) حالياً على مناطق كبيرة في شرق وشمال شرق البلاد، حيث يتواجد معظم الاحتياطي النفطي، البالغ إجماليه 2.5 مليار برميل، بحسب إحصاءات إدارة معلومات الطاقة الأميركية.
كما تضم المنطقة التي تحكمها “قسد” أكبر الحقول في البلاد، بما في ذلك حقل السويدية، الذي كان ينتج ما بين 110 آلاف إلى 116 ألف برميل من النفط يومياً، وحقل الرميلان، الذي كان ينتج 90 ألف برميل يومياً، في الحسكة، فضلاً عن حقول دير الزور، وعلى رأسها حقل العمر النفطي الذي كان ينتج نحو 80 ألف برميل يومياً، بحسب منصة “الطاقة” المتخصصة.