حذر رئيس الوزراء ميشيل بارنييه، الثلاثاء، من أن فرنسا وصلت إلى “لحظة الحقيقة”، حيث من المقرر أن تنضم زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان إلى ائتلاف يساري للإطاحة بحكومته خلال الأسبوع الجاري، حسب “بلومبرغ”.
وقدم حزب “التجمع الوطني” الذي تتزعمه لوبان، إلى جانب تحالف يساري، اقتراحات، الاثنين، لعقد تصويت حجب الثقة ضد الحكومة. ولا تملك أحزاب الائتلاف الحاكم الذي يدعم بارنييه الأعداد الكافية لمواجهة تحرك جماعي من المجموعتين.
وعقب الانتخابات المبكرة التي أجريت في يونيو الماضي، أصبح “التجمع الوطني” أكبر حزب منفرد في مجلس النواب، ما حول لوبان إلى الشخصية السياسية الأكثر نفوذاً في باريس.
وعلى الرغم من خضوع بارنييه لجميع مطالب لوبان تقريباً لتعديل ميزانية فرنسا لعام 2025، إلا أنها قالت إن حزبها ما زال يرفض دعم مشروع القانون، وهو ما يمهد الطريق لانهيار الحكومة.
وما لم تحدث مفاجأة في اللحظات الأخيرة، سيكون ائتلافه الهش أول حكومة فرنسية تُجبر على الخروج من خلال تصويت بحجب الثقة منذ 1962.
وسعى رئيس الوزراء الفرنسي إلى استرضاء لوبان في اللحظة الأخيرة، بالتخلي عن اقتراح لتقليص تعويضات الأدوية بعد الرضوخ لمطالبها الأسبوع الماضي، بعدم زيادة الضرائب على الكهرباء.
خلافات سياسية
وخاطب بارنييه مجلس النواب الاثنين قائلاً: “الآن يعود الأمر إليكم، بصفتكم برلمانيين، لتقرروا ما إذا كنتم تريدون تزويد بلادنا بقوانين مالية مسؤولة لا غنى عنها ومفيدة، أو ندخل منطقة مجهولة”.
ويعارض سياسيون من اليسار واليمين المتطرف ميزانية بارنييه التي تسعى لكبح العجز العام المتزايد في فرنسا من خلال توفير 60 مليار يورو عن طريق زيادة الضرائب وخفض الإنفاق.
ويتمتع اليسار واليمين المتطرف معاً بأصوات كافية للإطاحة ببارنييه، وأكدت زعيمة “التجمع الوطني” مارين لوبان، الاثنين، أن حزبها سيصوت لصالح مشروع قانون حجب الثقة الذي طرحه التحالف اليساري ولصالح مشروع قانون من حزبها.
واعتمدت حكومة الأقلية برئاسة بارنييه على دعم “التجمع الوطني” لبقائها. ويلقي كل من مؤيدي بارنييه ومعسكر لوبان باللوم على الآخر وقالا إنهما بذلا كل ما في وسعهما للتوصل إلى اتفاق وكانا منفتحين على الحوار.
وإذا تم التصويت بحجب الثقة بالفعل، فسيتعين على بارنييه تقديم استقالته، لكن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد يطلب منه البقاء في المنصب مؤقتاً بينما يبحث عن رئيس وزراء جديد، وهو ما يمكن أن يحدث العام المقبل فقط.
وعلى أية حال، لا يمكن إجراء انتخابات برلمانية مبكرة جديدة قبل يوليو المقبل، ومن شأن انهيار الحكومة أن يتسبب في فجوة بقلب أوروبا مع كون ألمانيا أيضاً في وضع انتخابي قبل أسابيع من عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.
أوضاع اقتصادية “فوضوية”
وأوضحت “بلومبرغ” أن مغامرة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بإجراء انتخابات مبكرة، أدت إلى انقسام مجلس النواب إلى 3 كتل متعارضة بشدة: كتلة مركزية متضائلة تدعم الرئيس، وتحالف يساري، وكتلة يمينية متطرفة قوية بقيادة لوبان.
وفي ظل عدم إمكانية تشكيل ائتلاف، عيَّن ماكرون بارنييه رئيساً للوزراء في سبتمبر بمهمة أساسية تتمثل في ترتيب الأوضاع الاقتصادية “الفوضوية” في فرنسا.
ومع انخفاض الإيرادات الضريبية إلى ما دون التقديرات بكثير، تتوقع الحكومة الآن أن يصل عجز الميزانية إلى 6.1% من الناتج الاقتصادي هذا العام بدلاً من الانخفاض إلى 4.4% كما كان مخططاً في البداية.
وتهدف ميزانية بارنييه لعام 2025 إلى تضييق الفجوة إلى 5% من خلال زيادات ضريبية وخفض الإنفاق بقيمة 60 مليار يورو.
وفي المقابلة مع “بلومبرغ”، أصر وزير المالية الفرنسي أنطوان أرماند على أن التراجع عن الالتزام بخفض العجز في الميزانية نحو 5% في عام 2025 ونحو 3% في عام 2029 “ليس خياراً”.
وشدد على أن مسؤوليته كوزير للمالية هي “الالتزام بهدف 5% الذي قررنا تحقيقه في بداية ولايتنا، ليس فقط لفرنسا أو للحكومة لأنه مطلوب الآن من أجل أن تظل أوروبا قارة مزدهرة”.
وإذا تم طرد بارنييه من منصبه، فسيتعين على ماكرون إعادة تعيينه أو اختيار رئيس وزراء جديد. ولكن الرئيس سيواجه نفس المهمة الصعبة في ظل عدم وجود إمكانية لإجراء انتخابات تشريعية جديدة حتى يوليو المقبل.
وأضاف أرماند، أنه لا يزال يتعين على أي حكومة جديدة أن تقترح بشكل عاجل ميزانية لعام 2025. كما سعى إلى طمأنة المستثمرين، قائلاً إنه واثق من أن فرنسا ستواصل إصلاح اقتصادها وجذب المستثمرين.