دعا المسؤول الجديد عن السياسة الصناعية في الاتحاد الأوروبي إلى اعتماد استراتيجية “أوروبا أولاً” بالقطاعات التجارية الرئيسية، في محاولة لمنع الاتحاد من التعرّض لأضرار جانبية في “حرب تجارية عالمية”، محتملة أثارها الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.
وقال ستيفان سيجورني نائب رئيس المفوضية الأوروبية للازدهار والاستراتيجية الصناعية، وزير الخارجية الفرنسي السابق والحليف المقرب للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، لصحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية، إن أوروبا يجب أن تعمل “في موقف الهجوم” لتعزيز مصالحها التجارية الاستراتيجية، وتجنب إغراقها بواردات مدعومة بشدة من الصين.
وأضاف سيجورني: “أعتقد بشكل أساسي أن أوروبا لديها كل ما تكسبه من الانفتاح على العالم”، ولكن “عندما تقول الصين (صنع في الصين)، أو تقول الولايات المتحدة (أميركا أولاً)، يتعين علينا أن نقول: (صنع في أوروبا) أو (أوروبا أولاً)”.
وتعهدت المفوضية الجديدة باستعادة القدرة التنافسية للاتحاد الأوروبي خلال السنوات الخمس المقبلة، وهي المهمة التي ستصبح أكثر صعوبة إذا نفذ الرئيس المنتخب ترمب تهديداته بفرض تعريفات جمركية شاملة على جميع الواردات، وتمزيق الصفقات التجارية وخفض القيود التنظيمية المفروضة على الشركات الأميركية.
وأشار سيجورني إلى أن “أكبر مخاوفه” هو أن تصبح أوروبا “ضحية ثانوية لحرب تجارية عالمية”.
وتابع: “إذا أغلقت جميع أسواق العالم، فلن تكون السوق المفتوحة المتبقية الوحيدة هي السوق الأوروبية. وإذا أغلقت الولايات المتحدة أبوابها أمام أميركا اللاتينية، والهند، والصين، فلن تكون السوق الأوروبية وجهة لجميع الطاقات الفائضة في العالم، وإلا فسوف نجد أنفسنا في وضع أزمة اقتصادية قصيرة الأجل”.
“رسالة حازمة” إلى واشنطن
وأكد أنه يتعين على بروكسل أن ترسل “رسالة حازمة إلى الولايات المتحدة لإخبارهم بأننا اليوم لا نرى أي سبب لتقليل قيمة مناقشاتنا التجارية، وتبادلاتنا التجارية”.
وتابع: “ينبغي على الإدارة الجديدة أن تدرك أن الولايات المتحدة لن تربح شيئاً من خوض حرب تجارية”، فيما قلل من أهمية الانتقادات التي وجهت إلى الاتحاد الأوروبي بأنه يسعى إلى تبني “أجندة حمائية”.
وأضاف: “الأمر لا يتعلّق على الإطلاق بالحمائية، لأن أوروبا ليس لديها مصلحة حقيقية في حرب تجارية عالمية. ولدينا مصلحة استراتيجية وتكنولوجية في تطوير صناعاتنا، لتوفير فرص العمل وتحقيق النمو”.
وأقر سيجورني بما وصفه بـ”الموسيقى السلبية” بشأن اقتصاد أوروبا، الذي تضرر في الأسابيع الأخيرة بسبب تسريح عمال من شركات صناعة السيارات وصناعة الصلب، وانهيار شركة Northvolt السويدية لتصنيع البطاريات الكهربائية، التي كان يحتفى بها باعتبارها رائد التحول الأخضر في القارة.
وفي ضربة كبيرة لاستراتيجية بروكسل الصناعية القائمة، تقدمت شركة “نورث فولت”، وهي الشركة الناشئة الأكثر تمويلاً في الاتحاد الأوروبي، بطلب إفلاس بموجب الفصل 11 الأسبوع الماضي، ما أدى إلى خسائر بمئات الملايين من اليورو لمستثمرين بما في ذلك مؤسسة “جولدمان ساكس” والاتحاد الأوروبي نفسه، الذي ضمن قروضاً بنحو 300 مليون يورو للشركة.
قطاعات استراتيجية
وأوضح سيجورني أن المفوضية ستركز جهودها على القطاعات الاستراتيجية بما في ذلك الصلب وتصنيع السيارات والفضاء، فضلاً عن تقنيات الطاقة النظيفة، لافتاً إلى ضرورة “القيام بذلك بطريقة مستهدفة للغاية، على القطاعات الاستراتيجية المهمة. ولكن يتعين القيام بذلك على نحو هجومي وليس دفاعي”.
وقال سيجورني إنه يجب حماية الصناعات “التاريخية”، لأنها توفر “دعماً مهماً للغاية” للتقنيات النظيفة الحاسمة للتحوّل الأخضر.
ونوّه بأن المفوضية الجديدة، التي تولت السلطة في الأول من ديسمبر، ستحدد القطاعات الحرجة في أول 100 يوم لها.
ومن بين الجهود السياسية الرئيسية الأخرى الجمع بين أسواق رأس المال في الكتلة لخلق بيئة استثمارية أفضل، وهو طموح على المدة الطويل عرقلته اعتراضات الدول الأعضاء.
ومضى قائلاً: “نريد إضفاء الحيوية على سياسة صناعية أوروبية ومبدأ اقتصادي، وهو ما لم يكن لدينا حتى الآن. كان لدينا مجرد تجاور بين تدابير مختلفة كانت في بعض الأحيان غير متماسكة مع بعضها “.
وتأتي هذه الخطط قبل أسابيع فقط من تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، والذي هدد ترمب خلال حملته الانتخابية بفرض رسوم جمركية بنسبة 60% على السلع الواردة من الصين، التي يلقي باللوم عليها في العجز التجاري الأميركي، وبنسبة تصل إلى 20% على السلع من جميع الدول الأخرى.