تتخوف أوروبا من وقوع “سيناريو كارثي” تعرقل فيه الحكومات الأوروبية “الموالية لروسيا” في التكتل، محاولة انتزاع زمام المبادرة بشأن أوكرانيا من الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وذلك في وقت يستضيف فيه الاتحاد الأوروبي، الخميس، قمة خاصة لمناقشة ملفيْ الدفاع واستمرار الدعم لكييف، وفق مجلة “بوليتيكو”.
ويجتمع زعماء الاتحاد الأوروبي في قمة خاصة لمناقشة استمرار الدعم لأوكرانيا والدفاع الأوروبي، وسط مخاوف بين أعضاء التكتل المكون من 27 دولة، من أن البنية الأمنية بأكملها لعالم ما بعد عام 1945، والتي تعتمد على دعم الولايات المتحدة، قد تنهار في أي يوم.
ومنذ عودة ترمب إلى البيت الأبيض في ولايته الثانية، تحدث الزعماء الأوروبيون كثيراً عن السيادة والدفاع، إذ قال مسؤولون من الحكومات الأوروبية إنهم يدركون أن الوقت قد حان لترجمة الكلمات إلى أفعال، ولكن البعض يخشون بالفعل أن تسوء الأمور بشكل رهيب.
وفي حين تحدث الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن الحاجة إلى “صحوة لا تصدق”، ووصف المستشار الألماني المحتمل فريدريش ميرتس أوروبا بأنها “على بعد خمس دقائق من منتصف الليل” (في إشارة إلى وقوع حدث سيء)، فإن القلق من أولئك المقربين من تلك المحادثات هو أن الأحداث تجري بسرعة أكبر مما يمكنهم التعامل معها.
وفي حين نجح ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر في بث بعض المشاعر الإيجابية، بعد محاولتهما التقرب من ترمب الأسبوع الماضي، فقد ساءت الأمور بشكل كبير منذ ذلك الحين، إذ تبع ذلك اجتماعاً شهد مشاحنات بين ترمب والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في المكتب البيضاوي، الجمعة، وتلا ذلك قرار ترمب بوقف المساعدات العسكرية.
ماذا ستبحث القمة الأوروبية؟
وفي السياق، كتبت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين إلى زعماء الاتحاد الأوروبي، الثلاثاء، رسالة مفادها أن أوروبا “تواجه خطراً واضحاً وحاضراً على نطاق لم يشهده أي منا. إن مستقبل أوكرانيا الحرة ذات السيادة وأوروبا الآمنة والمزدهرة على المحك”.
وإحدى القضايا الأولى التي سينظر فيها القادة هي الخطة التي أعلنتها فون دير لاين، لإطلاق ما يصل إلى 800 مليار يورو من الإنفاق الدفاعي الإضافي على مدى السنوات القادمة.
وتتضمن خطة فون دير لاين فكرة اقتراض الاتحاد الأوروبي 150 مليار يورو، لتمويل المعدات الأوروبية الشاملة في مجالات مثل الدفاع الجوي والصاروخي، وأنظمة المدفعية، والصواريخ، والذخيرة، والطائرات المسيرة وغيرها من الاحتياجات.
وتقترح المفوضية تخفيف قواعد الإنفاق في الاتحاد الأوروبي، للسماح للحكومات بتعزيز قواتها العسكرية. ووفقاً لفون دير لاين، فإن السماح للدول بزيادة الإنفاق الدفاعي بما يعادل 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي على مدى أربع سنوات من شأنه أن يترجم إلى نحو 650 مليار يورو في مختلف أنحاء الكتلة.
في عام 2025، سيوفر الاتحاد الأوروبي لأوكرانيا 30.6 مليار يورو، 12.5 مليار يورو من الاتحاد الأوروبي، وحوالي 18 مليار يورو على شكل قروض دول مجموعة السبع بموجب ما يسمى “مبادرة العصر”.
ومن المتوقع أن يناقش الزعماء أيضاً، كيفية استخدام الأصول الروسية التي تم تجميدها منذ بداية الحرب في أوكرانيا، وفي حين يتم بالفعل استخدام الفائدة الناتجة عن أصول بقيمة 200 مليار يورو للمساعدة في تمويل المساعدات، فإن دول مثل فرنسا، ترحب بالفكرة الأكثر إثارة للجدل المتمثلة في مصادرة الأصول نفسها، رغم أن معارضي الخطة يقولون إنها ستواجه عقبات قانونية، وقد تتسبب في عدم الاستقرار المالي.
ولا يزال الدبلوماسيون والمسؤولون في الاتحاد الأوروبي يدرسون تفاصيل المقترحات، ولكن بشكل عام تم وصفها بأنها “خطوة أولى في الاتجاه الصحيح”.
وقال مسؤولان في الاتحاد الأوروبي، إن إعلان فون دير لاين الصحافي، كان مخططاً له منذ فترة، ولكن تم تصميمه كرد فعل على قرار الولايات المتحدة بسحب المساعدات لأوكرانيا، كما أعلن بنك الاستثمار الأوروبي نيته تغيير قواعده لتسهيل تمويل المشاريع الدفاعية.
رفض المجر
وهناك معركة تدور حول إرسال المزيد من الدعم العسكري إلى أوكرانيا، إذ كان المسؤولون يتوقعون تضمين خطة أعلنت عنها الشهر الماضي الممثلية السامية للشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي كايا كالاس، لشحن ما لا يقل عن 1.5 مليون طلقة مدفعية هذا العام إلى أوكرانيا، فضلاً عن معدات أخرى مثل أنظمة الدفاع الجوي والصواريخ والطائرات بدون طيار في بيان القمة.
وفي حين لن يظهر البيان الختامي حتى نهاية القمة، فإن أحدث مسودة متداولة مساء الثلاثاء، والتي اطلعت عليها “بوليتيكو”، تدعو الوزراء إلى إيجاد طريقة لضمان تقدم شحنات الأسلحة، لكن المجر ترفض الموافقة عليها.
ويؤكد نص المسودة على أن الاتحاد الأوروبي “سيستمر في تزويد أوكرانيا بالدعم المالي المنتظم والمتوقع”.
وفي الإطار، قال مالكولم تشالمرز، نائب المدير العام في المعهد الملكي للخدمات المتحدة في لندن: “إن السيناريو الكابوسي هو أن تعلن الولايات المتحدة عن صفقة قريباً تقبل معظم مطالب روسيا ثم تخبر أوكرانيا وأوروبا بقبولها أو تركها. هم ليسوا خائفين من أميركا فحسب، بل إنهم حذرون من أنفسهم”.
وأضاف: “في حين أن القمة التي تم ترتيبها على عجل، بعد أيام فقط من التجمعات الأقل رسمية في باريس ولندن، تشير إلى نية للتوصل إلى حلول، فإن الدبلوماسيين يستعدون بالفعل لمواجهة زعماء مؤيدين لروسيا مثل رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان، لعرقلة الأمر برمته”.
وبعد أكثر من 3 سنوات منذ الغزو الروسي لأوكرانيا وستة أسابيع فقط منذ أصبح ترمب رئيساً، ستختتم قمة الخميس، أسبوعاً من اللحظات التي تحدد التاريخ على الجانب الآخر من المحيط الأطلسي.