أعرب مسؤولون أميركيون وأوكرانيون، الأربعاء، عن تفاؤلهم بإمكانية تحسّن العلاقات بين البلدين، إذ قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إن هناك “تحركاً إيجابياً” في التعاون مع الولايات المتحدة، وإنه يتوقع نتائج، الأسبوع المقبل، تتضمن اجتماعاً في المستقبل بين الجانبين، وسط تحركات أوروبية متسارعة لزيادة الإنفاق الدفاعي، واستمرار الدعم لكييف.
وقال أندريه يرماك، أقرب مستشار لزيلينسكي، إنه بحث خلال اتصال هاتفي مع مستشار الأمن القومي الأميركي مايك والتز “الخطوات المقبلة من أجل الوصول إلى سلام عادل ودائم” في أوكرانيا.
وأضاف يرماك على منصة “إكس”: “تبادلنا وجهات النظر بشأن القضايا الأمنية، وتنسيق المواقف في إطار العلاقات الثنائية”، مشيراً إلى أن الجانبين حددا موعداً لاجتماع مسؤولين أوكرانيين وأميركيين في وقت قريب “لمواصلة هذا العمل المهم”.
وجاءت هذه المحادثات بعد سلسلة من الإجراءات الأميركية التي توصف بـ”العقابية” عقب المشاحنات بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب وزيلينسكي التي جرت بالمكتب البيضاوي، الجمعة الماضي.
وتشمل هذه الإجراءات تعليق الدعم الاستخباراتي، وشحنات الأسلحة إلى أوكرانيا، في خطوة من المتوقع أن تضر بقدرات أوكرانيا على الدفاع عن نفسها ضد الهجمات الروسية.
رسالة أوكرانية “إيجابية”
وأشار الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الثلاثاء، إلى أنه تلقى رسالة من زيلينسكي قال فيها إنه على “استعداد للجلوس على طاولة المفاوضات”، بحسب وكالة “رويترز”.
وفي ذات السياق، لفت مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض، إلى أن ترمب يفكر في إعادة المساعدات الأميركية الموجهة إلى أوكرانيا في حال “تم ترتيب محادثات السلام، واتخاذ تدابير لبناء الثقة”.
وأشار والتز لشبكة FOX NEWS، إلى أن الرسالة الأوكرانية كانت “خطوة أولى جيدة، وإيجابية”، موضحاً أن “المسؤولين كانوا في مناقشات بشأن تاريخ ومكان وطبيعة فرق تفاوض، وذلك بهدف إنهاء الحرب”.
وأضاف: “نحن نتحدث عن تدابير لبناء الثقة، والتي سنتخذها بعد ذلك مع الروس، واختبار هذا الجانب”، لكنه لم يذكر ما هي طبيعة هذه التدابير.
وتابع والتز: “في حال تمكنا من حسم هذه المفاوضات، والتحرك نحوها، ووضع بعض تدابير بناء الثقة على الطاولة، فإن الرئيس سينظر بجدية في رفع هذا الإيقاف”.
ودعا مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض الجانبين لـ”التفاوض بصدق نحو سلام جزئي، ثم سلام دائم”، في حين قال مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية CIA جون راتكليف، إن ترمب “لديه أسئلة حقيقية بشأن ما إذا كان زيلينسكي ملتزماً بعملية السلام، وقال لنوقف هذا الدعم”.
وأعرب راتكليف عن أمله في رفع تعليق التبادل الاستخباراتي والأسلحة “قريباً”، وأكد التزامه بالعمل مع أوكرانيا تجاه “تحقيق السلام”، بعد الخطاب الذي أرسله زيلينسكي إلى ترمب الليلة الماضية.
وتابع: “أعتقد أننا سنعمل كتفاً بكتف مع أوكرانيا لمواجهة العدوان هناك، وتهيئة مناخ أفضل لمفاوضات السلام لتمضي قدماً”.
تحركات أوروبية
وتأتي هذه الخطوات بالتزامن مع سعي الدول الأوروبية لتعزيز الإنفاق الدفاعي، والحفاظ استمرار الدعم لأوكرانيا بعد أن أثار إيقاف المساعدات الأميركية الشكوك بشأن مدى التزام واشنطن بدعم حلفائها الأوروبيين في حلف شمال الأطلسي “الناتو”.
ويجتمع زعماء الاتحاد الأوروبي في قمة خاصة لمناقشة استمرار الدعم لأوكرانيا والدفاع الأوروبي، وسط مخاوف بين أعضاء التكتل المكون من 27 دولة، من أن البنية الأمنية بأكملها لعالم ما بعد عام 1945، والتي تعتمد على دعم الولايات المتحدة، قد تنهار في أي يوم.
ومنذ عودة ترمب إلى البيت الأبيض في ولايته الثانية، تحدث الزعماء الأوروبيون كثيراً عن السيادة والدفاع، إذ قال مسؤولون من الحكومات الأوروبية إنهم يدركون أن الوقت قد حان لترجمة الكلمات إلى أفعال، ولكن البعض يخشون بالفعل أن تسوء الأمور بشكل رهيب.
وفي حين تحدث الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن الحاجة إلى “صحوة لا تصدق”، ووصف المستشار الألماني المحتمل فريدريش ميرتس أوروبا بأنها “على بعد 5 دقائق من منتصف الليل” (في إشارة إلى وقوع حدث سيء)، فإن القلق من أولئك المقربين من تلك المحادثات هو أن الأحداث تجري بسرعة أكبر مما يمكنهم التعامل معها.
وفي حين نجح ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر في بث بعض المشاعر الإيجابية، بعد محاولتهما التقرب من ترمب الأسبوع الماضي، فقد ساءت الأمور بشكل كبير منذ ذلك الحين، إذ تبع ذلك اجتماعاً شهد مشاحنات بين ترمب و زيلينسكي، وتلا ذلك قرار الرئيس الأميركي بوقف المساعدات العسكرية لكييف.
وإحدى القضايا الأولى التي سينظر فيها القادة هي الخطة التي أعلنتها رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، لإطلاق ما يصل إلى 800 مليار يورو من الإنفاق الدفاعي الإضافي على مدى السنوات القادمة.
وتتضمن خطة فون دير لاين فكرة اقتراض الاتحاد الأوروبي 150 مليار يورو، لتمويل المعدات الأوروبية الشاملة في مجالات مثل الدفاع الجوي والصاروخي، وأنظمة المدفعية، والصواريخ، والذخيرة، والطائرات المسيرة وغيرها من الاحتياجات.
ومن المتوقع أن يناقش الزعماء أيضاً، كيفية استخدام الأصول الروسية التي تم تجميدها منذ بداية الحرب في أوكرانيا، وفي حين يتم بالفعل استخدام الفائدة الناتجة عن أصول بقيمة 200 مليار يورو للمساعدة في تمويل المساعدات، فإن دول مثل فرنسا، ترحب بالفكرة الأكثر إثارة للجدل المتمثلة في مصادرة الأصول نفسها، رغم أن معارضي الخطة يقولون إنها ستواجه عقبات قانونية، وقد تتسبب في عدم الاستقرار المالي.