قال الرئيس البولندي أندريه دودا، إن الرئيس الأميركي دونالد ترمب “يمارس السياسة بطريقة تجارية”، وتصريحاته بشأن تهجير سكان قطاع غزة تتطلب نهجاً هادئاً لمناقشة “مشكلة صعبة للغاية”، مشيراً إلى أنه أجرى مباحثات طويلة في ذلك الشأن مع رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد.
وأضاف خلال حوار لـ”الشرق” على هامش مشاركته في القمة العالمية للحكومات في دبي، أن ترمب يمارس السياسة بطرقته الخاصة، والتي تختلف عن السياسيين الآخرين، باعتباره طوال حياته كان رجل أعمال وليس سياسياً، وقال إن ترمب “يمارس السياسة بطريقة تجارية إلى حد ما”.
وتابع دودا أن ترمب “بدأ المفاوضات (بشأن غزة) ووضع شروطاً صعبة للغاية.. لكن هذه هي الشروط الأولى للتفاوض”، مشيراً إلى أن وقف إطلاق النار في القطاع يمثل “لحظة جيدة”، وأنه يأمل أن تفضي المباحثات بشأن غزة إلى “نتيجة معقولة ومقبولة ليس فقط للفلسطينيين والإسرائيليين، وإنما للدول المجاورة أيضاً”.
“أوروبا تعاني بسبب روسيا”
وبخصوص الحرب في أوكرانيا، قال الرئيس البولندي إن “روسيا لن تستطيع الفوز في الحرب من أجل خير العالم”، موضحاً أن ذلك لا يعني هزيمة موسكو عسكرياً وإنما عدم خروجها بميزة من الحرب.
وأشار إلى خسارة روسيا مئات الآلاف من الأرواح، مضيفاً أنه “رغم عدم وجود احترام للإنسان في روسيا”، بحسب قوله، فإن المجتمع الروسي يعلم الخسائر الهائلة التي تكبدها، كما قال إنه “إذا تدهور وضع روسيا نتيجة للحرب هذا يعني أن روسيا لم تنتصر في فهم المواطن الروسي، وهذا هو الأكثر أهمية حالياً”.
وقال الرئيس البولندي إن قضية الأراضي الأوكرانية التي تحتلها روسيا هي ذات أولوية للقانون الدولي، مؤكداً أن موسكو تنتهك القانون الدولي من خلال مهاجمة أوكرانيا واحتلال أراضيها، واستعادة كييف السيطرة على أراضيها المعترف بها دولياً تعني استعادة سيادة القانون الدولي، وهو أمر ذو أهمية “للأمن والسلام العالميين”.
وأضاف أن أوروبا كلها تعاني من تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا، فعلى سبيل المثال أدى الغزو إلى أزمة في الطاقة، بالإضافة إلى الإنفاق الأوروبي الضخم لدعم أوكرانيا، مشيراً إلى أن كل تلك الخسائر مسؤولة عنها روسيا، وتابع “روسيا مذنبة ومسؤولة لذلك أؤيد إطلاق الأموال الروسية في البنوك والصناديق الغربية”.
“روسيا ستعاود الهجوم”
ويرى دودا أن روسيا إذا انتصرت في الحرب “ستحاول بكل جشع الحصول على مزيد من الفوائد، ويعني ذلك نشوب حرب جديدة”، إذ ستهاجم مرة أخرى، وسيكون هناك المزيد من الخسائر ومزيد من البلاد سوف تتعرض للهجوم من قبل روسيا، “لذلك يجب إيقاف روسيا مهما كان الثمن” حسب تعبيره.
وذكر أن أوكرانيا تدافع عن نفسها بمساعدة الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وبولندا جزء من هذه المساعدات باعتبارها مركز لنقل الأسلحة، كما قدمت وارسو أكثر من 360 دبابة.
وأعرب عن ثقته في حلف شمال الأطلسي “الناتو” باعتباره أحد العوامل الأساسية لأمن بولندا، من خلال التزام الدفاع الجماعي الذي تنص عليه المادة الخامسة من معاهدة الحلف، بحيث إذا تعرضت بولندا للهجوم كعضو في الناتو “فإن الدول الأعضاء الأخرى سوف تأتي لمساعدتنا”.
وقال إن وارسو تنفق حالياً ما يقرب من 5% من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع، مؤكداً عزم بلاده تحديث وتعزيز قواتها المسلحة، حتى يكون لديها عنصر ردع قوي وحاسم “حتى لا نتعرض للهجوم”.
وفي شأن أسلوب التعامل مع الرئيس الأميركي، قال دودا إنه عمل مع ترمب خلال ولايته الأولى ولم “تكن هناك مشكلات”، ووصف الولاية الأولى لترمب بأنها “فترة من التعاون الممتاز بين بولندا والولايات المتحدة”.
وأشار إلى أن ذلك ربما يعود إلى “أننا أوفينا بالتزامات الإنفاق الدفاعي حيث كنا في السابق ننفق 2% من الناتج المحلي على الدفاع”، كما لفت إلى إبرام عقود مع الولايات المتحدة لتوريد الغاز، وعقود لشراء الأسلحة الأميركية بما في ذلك مقاتلات F-35، بالإضافة إلى بدء العديد من الشركات الأميركية الاستثمار في بولندا.
سياسة الطاقة
وتطرق الرئيس البولندي في حديثه إلى سياسات الطاقة، مشيراً إلى أن بلاده تحتوي على أحد أكبر احتياطيات الفحم، وهناك تقديرات تقول إن لديها من الفحم ما يكفي 240 عاماً قادمة.
وقال إن الحديث عن التعدين واستخراج الفحم ربما يتعارض مع سياسات المناخ والدعوات للتخلي عن الطاقة الأحفورية، مؤكداً أنه يؤيد تطوير مصادر الطاقة المتجددة والاستثمار في أبحاث مصادر الطاقة المتجددة، لكن في نفس الوقت عند النظر إلى بولندا والدول العربية في ما يتعلق بموارد الطاقة الأحفورية، فإنها مورد استراتيجي يجب العمل عليه.
ودعا دودا إلى الاستثمار في البحث العلمي لاستخدام مصادر الطاقة الأحفورية بما لا يضر المناخ، واصفاً ذلك بأنه تحد علمي وتنموي كبير، قد يؤدي إلى تأمين الطاقة عالمياً، وذكر أنه أجرى مباحثات في ذلك الشأن مع رئيس الإمارات ووزير الطاقة الإماراتي، وكانت وجهات نظر البلدين متوافقة.
وقال إن “تحول الطاقة يجب أن يكون عادلاً”، بما لا يؤدي إلى إفقار البلاد التي تحتوي على موارد الطاقة الأحفورية، بل يجب أن يحفز ذلك التحول التنمية.
وعلق على سياسة الرئيس الأميركي بشأن زيادة التنقيب عن النفط، قائلاً إن زيادة الإنتاج تعني انخفاض الأسعار عالمياً، وهو ما يحد من العائدات الروسية، بما يمثل ضغطاً على موسكو لطلب مفاوضات سلام مع أوكرانيا لإنهاء الحرب، والتوصل لحل سلمي يحترم القانون الدولي.
ولفت الرئيس البولندي إلى التأثير الكبير للذكاء الاصطناعي على تطورات الحياة في العالم في كافة المجالات مثل قطاع النقل، وهو ما أشار له الخبراء خلال القمة العالمية للحكومات، مضيفاً أنه خلال ال25 سنة القادمة سيكون الذكاء الاصطناعي العامل المؤثر في التطوير عالمياً.