تمر كوريا الجنوبية بأزمة سياسية غير مسبوقة، إذ يواجه رئيسها المعزول يون سوك يول، إجراءً قانونياً قد يؤدي إلى إقالته من منصبه، كما قد يواجه عقوبة تصل إلى الإعدام أو السجن المؤبد، وذلك بعد إقراره مرسوماً بفرض الأحكام العرفية، الشهر الماضي.
ووجه الادعاء، الأحد الماضي، اتهاماً رسمياً بقيادة عصيان للرئيس يون، الموقوف عن العمل، بسبب مساءلته، فيما يتعلق بفرضه الأحكام العرفية لفترة وجيزة في الثالث من ديسمبر الماضي.
وأصبح يون، الذي تولى في السابق مسؤولية الادعاء العام، في الحبس الانفرادي منذ أن اعتقل في 15 يناير، ليكون أول رئيس في منصبه يعتقل في أعقاب ممانعة لتنفيذ القرار على مدى أيام مما تسبب في أزمات بين الحرس الرئاسي والجهات التي حاولت تنفيذ أمر اعتقاله.
ومن المرجح أن تستغرق محاكمة يون ستة أشهر. ورغم أن الحصانة الرئاسية تحمي يون من معظم الملاحقات الجنائية، فإنها لا تحميه في “حالة اتهامه بالتمرد أو الخيانة”.
وبينما تستعد العاصمة سول لجلسات استماع في المحكمة، واستمرار الاحتجاجات الفوضوية والخطاب القاسي المتزايد من القوى المؤيدة والمعارضة ليون، إليكم ما يمكن توقعه بعد ذلك.
ماذا سيحدث الآن؟
سيظل يون في السجن. وسيتم نقله من مرفق احتجاز إلى محكمة في العاصمة سول لإجراء جلسات محاكمة في قضية التمرد، التي من المتوقع أن تستمر حوالي 6 أشهر، إذ قال الادعاء إن يون قاد تمرداً عندما فرض لفترة قصيرة الأحكام العرفية في 3 ديسمبر الماضي.
وإلى جانب يون، تم اعتقال وزير الدفاع ورئيس الشرطة، وعدد من القادة العسكريين الآخرين، واتهامهم بالتمرد وإساءة استخدام السلطة وجرائم أخرى تتعلق بمرسوم الأحكام العرفية.
ومن المرجح أن تستمر الاحتجاجات في وسط العاصمة سول.
وبعد أن وافقت محكمة محلية في 19 يناير الماضي على أمر اعتقال رسمي لتمديد احتجاز يون، اقتحم العشرات من مؤيديه مبنى المحكمة، ما أسفر عن تدمير النوافذ والأبواب وأملاك أخرى، كما هاجموا رجال الشرطة باستخدام الحجارة وأنابيب حديدية وأشياء أخرى. وأسفرت أعمال العنف عن إصابة 17 من رجال الشرطة، كما قامت الشرطة بتوقيف 46 من المحتجين.
ماذا عن منصبه الرئاسي؟
إلى جانب ذلك، يترقب يون قرار المحكمة الدستورية، التي أمامها حتى يونيو المقبل لتحديد ما إذا كانت ستقوم بإقالته رسمياً من منصبه كرئيس أو إعادة تنصيبه.
ويتوقع المراقبون أن يصدر الحكم قبل الموعد النهائي.
وفي حالتي الرئيسين المُقالين السابقين، روه مو هيون، في 2004، وبارك جيون هي، في 2016، استغرقت المحكمة 63 يوماً و91 يوماً على التوالي، قبل أن تقرر إعادة تنصيب روه وإقالة بارك، وإذا قررت المحكمة الدستورية إقالة يون من منصبه، يجب إجراء انتخابات لاختيار خلفه خلال شهرين.
وتظهر الاستطلاعات العامة الأخيرة في كوريا الجنوبية، أن “مرشحي الحزب الحاكم والمعارضة يتنافسون بشكل متقارب في السباق المحتمل لانتخابات رئاسية تكميلية”.
كيف يتعامل حلفاء ومعارضو الرئيس مع القضية؟
حذر شين دونج-ووك، المتحدث باسم حزب “سلطة الشعب” المحافظ الحاكم، من أن الادعاء سيواجه عواقب قانونية وسياسية غير محددة بسبب “التهم غير الصحيحة” التي وُجهت إلى يون.
وقال فريق دفاع يون، إن الادعاء الذي وجه التهمة إلى الرئيس يسعى لكسب دعم القوى السياسية، التي تريد إبعاده. واصفاً التهم بأنها “عار في تاريخ الادعاء الكوري الجنوبي”.
أما الحزب الديمقراطي الليبرالي المعارض، الذي قاد عملية عزل يون في 14 ديسمبر الماضي، فقد اعتبر توجيه التهمة واعتقاله “بداية معاقبة زعيم التمرد”.
ودعا متحدث باسم الحزب، الرئيس يون، إلى التوقف عن ما وصفه بمحاولته “تحريض مؤيديه اليمينيين المتطرفين استناداً إلى أوهام لا أساس لها”.
ونفى يون بشكل قاطع ارتكاب أي خطأ، قائلاً إن “إعلان الأحكام العرفية كان تصرفاً مشروعاً يهدف إلى رفع الوعي العام بشأن خطر الجمعية الوطنية (البرلمان) التي تسيطر عليها القوى الليبرالية، والتي كانت تعرقل أجندته”.
وبعد إعلان الأحكام العرفية في 3 ديسمبر الماضي، أرسل يون الجنود ورجال الشرطة إلى الجمعية الوطنية (البرلمان)، لكن عدداً من النواب تمكنوا من دخول قاعة الجمعية للتصويت بالإجماع ضد مرسوم يون، ما أجبر حكومته على رفعه.
واستمر فرض الأحكام العرفية، وهي الأولى من نوعها في كوريا الجنوبية منذ أكثر من 4 عقود، 6 ساعات فقط، لكنها أثارت ذكريات مؤلمة عن الحكام المدعومين من الجيش، الذين استخدموا الأحكام العرفية والمرسوم الطارئ لقمع المعارضين في الستينيات والثمانينيات من القرن الماضي.