بحث رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الأحد، قضايا تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين، في أول محادثة بينهما منذ تنصيب الرئيس الأميركي، فيما تعهدا بالعمل معاً بشأن الأمن في الشرق الأوسط، واتفقا على عقد لقاء قريب، حسبما أوردت “بلومبرغ”.
وتحدث الزعيمان عن كيفية تعزيز العلاقات الاقتصادية الثنائية العادلة، إذ تأتي تلك المحادثات وسط تهديد ترمب بفرض تعريفات جمركية على كندا والمكسيك والصين في الأول من فبراير المقبل.
وسعى ستارمر، خلال المحادثة، إلى تحديد أوجه التشابه القليلة بين خططهما الاقتصادية، من خلال إخبار ترمب بخطط حكومته لتعزيز النمو الاقتصادي.
ومن المتوقع أن تعطي وزيرة الخزانة البريطانية، راشيل ريفز، الضوء الأخضر، لسلسلة من مشروعات البنية التحتية الكبرى في خطاب مقرر في وقت لاحق هذا الأسبوع، إذ لا تزال بريطانيا تسعى إلى إضفاء الطابع الرسمي على شراكة تجارية مع الولايات المتحدة، بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي “بريكست” في عام 2020.
التعريفات الجمركية
وفي حين أن الولايات المتحدة وبريطانيا تعدان حليفان مقربان تاريخياً، فإن أجندة ترمب السياسية تجعله على خلاف مع لندن في العديد من المجالات، بما في ذلك خطط لفرض تعريفات جمركية، قد تؤثر على صادرات بريطانيا حتى لو اختار عدم استهدافها بشكل مباشر.
واشتكى ترمب مراراً من العجز التجاري والحواجز، مشيراً إلى أنه سيستخدم التعريفات الجمركية لتحقيق التوازن في التجارة الثنائية.
وسبق أن تعهد ترمب بفرض تعريفات تجارية كبيرة تصل إلى 20% على جميع السلع المصدرة للولايات المتحدة. وتوقعت صحيفة “تليجراف” البريطانية أن تضر هذه التعريفات لندن، حيث تعد الولايات المتحدة أكبر سوق للصادرات البريطانية.
وتسعى بريطانيا إلى إقامة علاقة بناءة مع إدارة ترمب، رغم أن ستارمر، الذي تولى حزبه “العمال” اليساري الوسطي، السلطة في بريطانيا، العام الماضي، له آراء سياسية معارضة للرئيس الأميركي.
وكان ترمب، أشاد بستارمر قبل المكالمة، وذلك لقيامه بـ”عمل جيد جداً” خلال الأشهر الأولى من توليه منصبه، موضحاً أنه في حين أنهما يختلفان في وجهات النظر السياسية، إلا أن علاقتهما “جيدة جداً”.
وقال ترمب للصحافيين على متن الطائرة الرئاسية، السبت: “أنا أحبه (ستارمر) كثيراً. إنه ليبرالي، وهو أمر مختلف بعض الشيء بالنسبة لي، لكنني أعتقد أنه شخص جيد جداً وقام بعمل جيد جداً حتى الآن. بريطانيا والسعودية كانتا في الاعتبار كأول رحلة خارجية له في ولايته الثانية”.
ومن المتوقع أن يزور رئيس الوزراء البريطاني، واشنطن، في الأسابيع المقبلة، إذ التقى ترمب لأول مرة على العشاء في نيويورك في سبتمبر الماضي، خلال الحملة الرئاسية الأميركية، وبعد ذلك وصفهما ترمب بأنهما “أصدقاء”.
أميركا أم أوروبا؟
وتعرض ستارمر لضغوط متزايدة لإقامة روابط اقتصادية أوثق مع أوروبا، بعد خمس سنوات من خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، حيث أظهر استطلاع جديد للرأي أن الناخبين يفضلون بوضوح، إعطاء الأولوية لمزيد من التجارة مع أوروبا.
وأظهر استطلاع أجرته مؤسسة YouGov، على ما يقرب من 15 ألف شخص، أن “البريطانيين في كل دائرة انتخابية في إنجلترا واسكتلندا وويلز يؤيدون إقامة علاقات أوثق مع الاتحاد الأوروبي، بدلاً من التجارة عبر الأطلسي مع واشنطن”، وفق ما أوردته صحيفة “الجارديان”.
وأشار الاستطلاع إلى أن الاعتقاد السائد بين البريطانيين هو أن لندن “أفضل حالاً في التجارة مع جيرانها في القارة” في ظل وجود زعيم حزب الإصلاح نايجل فاراج، الحليف المقرب من ترمب.
وقال 46% من البريطانيين في الاستطلاع، إن الاتحاد الأوروبي يجب أن يكون على رأس أولويات الحكومة، عندما يتعلق الأمر بالتجارة، في حين اختار أقل من نصف هذا العدد، 21%، الولايات المتحدة.
وبموجب ترتيبات ما بعد “بريكست”، التي وافق عليها رئيس الحكومة السابق بوريس جونسون، تقع بريطانيا خارج السوق الموحدة للتكتل، ما يعني أن السلع التي تتاجر بها الشركات البريطانية من وإلى الاتحاد الأوروبي تواجه تأخيرات تستغرق وقتاً وكلفتها على الحدود أكبر أثناء إجراء عمليات التفتيش.