كشفت دراسة جديدة عن تأثير الطقس على الصحة النفسية للمراهقين، حيث أظهرت النتائج أن التعرض لدرجات حرارة منخفضة في هولندا يرتبط بزيادة المشكلات النفسية الداخلية مثل القلق والاكتئاب، بينما يؤدي التعرض لدرجات حرارة دافئة في إسبانيا إلى زيادة مشكلات الانتباه.
وبيّنت الدراسة، التي تعتمد على بيانات دقيقة لدرجات الحرارة داخل أماكن السكن، أن هذه التأثيرات ظهرت بشكل رئيسي خلال الشهرين السابقين لتقييم الحالة النفسية.
وتسلط هذه النتائج الضوء على أهمية فهم تأثيرات التغيرات المناخية على الصحة النفسية للشباب، مع ضرورة تبني استراتيجيات صحيّة للتكيف مع هذه التغيرات.
واستهدفت الدراسة، المنشورة في دورية الجمعية الطبية الأميركية، تقييم العلاقة بين التعرض لدرجات الحرارة والمشكلات النفسية، بما في ذلك المشكلات الداخلية (مثل القلق والاكتئاب)، والمشكلات الخارجية (مثل العدوانية)، ومشكلات الانتباه، لدى المراهقين في هولندا وإسبانيا.
درجات الحرارة والصحة النفسية
شملت الدراسة 3 آلاف و934 مشاركاً من هولندا، و885 مشاركاً من إسبانيا، وركَّزت على تحليل درجات الحرارة اليومية خلال الفترات التي سبقت تقييم الأعراض.
أوضحت الدراسة أن التعرض لدرجات حرارة منخفضة، بين 3.3 درجة مئوية و12.4 مئوية، في هولندا، ارتبط بزيادة المشكلات الداخلية مثل القلق والاكتئاب.
وتشير الأبحاث إلى أن التعرض للبرد يسبب اضطرابات في وظائف الجسم، بما في ذلك الدماغ، نتيجة لردود فعل فسيولوجية مثل ضيق الأوعية الدموية، والالتهابات، والرعشة.
ورغم أن بعض الدراسات السابقة لم تجد ارتباطاً بين البرد والمشكلات النفسية عند استخدام بيانات واسعة النطاق، إلا أن هذه الدراسة، بفضل دقتها العالية، تمكنت من الكشف عن هذه العلاقة.
وقد يعود غياب الارتباط في إسبانيا إلى عدم كفاية التعرض للبرد لتحفيز استجابة فسيولوجية، حيث كانت درجات الحرارة فيها أقل برودة من نظيرتها في هولندا.
على الجانب الآخر، كشفت الدراسة أن التعرض لدرجات حرارة دافئة، بين 15.6 درجة مئوية و24.3 درجة مئوية، في ثلاث مناطق بإسبانيا ارتبط بزيادة مشكلات الانتباه لدى المراهقين. ويُعتَقد أن الحرارة تؤثر على الجسم من خلال زيادة الالتهابات وارتفاع مستويات الكورتيزول، واضطراب النوم، مما يؤدي إلى تأثيرات على الانتباه والسلوك.
اضطراب النوم
تشير الأدلة العلمية إلى أن اضطراب النوم الناتج عن ارتفاع درجات الحرارة الليلية قد يكون عاملاً وسيطاً يفسر هذه العلاقة، حيث أظهرت دراسات سابقة أن اضطراب النوم يؤثر سلباً على أداء مهام الانتباه.
وفيما يخص المشكلات السلوكية الخارجية، لم تجد الدراسة أي ارتباط بدرجات الحرارة. ورغم النظريات التي تشير إلى أن الحرارة قد تزيد من العدوانية، إلا أن الدراسات الحديثة لم تؤكد هذه الفرضية بشكل قاطع.
تسلط هذه النتائج الضوء على تأثير التغيرات المناخية على الصحة النفسية للمراهقين، مع الحاجة الملحة لمزيد من الأبحاث لفهم هذه العلاقة في مختلف الظروف المناخية.
وتشير الدراسة إلى أهمية تطوير استراتيجيات صحية عامة تهدف إلى التخفيف من التأثيرات السلبية للمناخ على الصحة النفسية، خاصة مع تزايد وتيرة تغير المناخ عالمياً.