تجاهل وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو دعوة من الاتحاد الأوروبي لحضور اجتماع وزراء الخارجية في بروكسل الذي عُقد، الاثنين، بهدف تعزيز العلاقات وبحث القضايا الثنائية، وفق ما أوردت مجلة “بوليتيكو”.
وقالت منسقة الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي كايا كالاس، إنها وجّهت دعوة لروبيو لحضور الاجتماع شخصياً أو افتراضياً، لبحث القضايا المشتركة، وتوضيح رؤية الإدارة الأميركية التي تضمنت مؤخراً خططاً مثيرة للجدل، منها ضم جزيرة جرينلاند، موطن 55 ألف مواطن من الاتحاد الأوروبي.
ورغم الدعوة العلنية، لم يحضر روبيو الاجتماع، ولم يصدر أي بيان رسمي بشأن ذلك حتى الآن، بحسب “بوليتيكو”.
وقال دبلوماسي أوروبي للمجلة، إن إدارة الرئيس دونالد ترمب “تفضل” التعامل مع دول التكتل “بشكل ثنائي”، وسط تصاعد المخاوف الأوروبية من احتمالية اتباع استراتيجية “فرّق تسد”.
وعند الاستفسار عن دعوة كالاس، قال متحدث باسم روبيو عبر البريد الإلكتروني: “ليس لدينا أي خطط سفر للإعلان عنها في الوقت الحالي”.
قلق أوروبي
غياب روبيو لا يُعتبر بالضرورة خطأً دبلوماسياً، إذ يلتقي وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي عادةً مرة واحدة على الأقل شهرياً، مما يعني أن بإمكان روبيو حضور الاجتماع المقبل المقرر في 24 فبراير.
ولكن صمت روبيو أثار قلقاً بين المسؤولين في بروكسل، الذين يتوقعون أن إدارة ترمب “تتعمد تهميش الاتحاد الأوروبي”، معتبرين أن هذه الاستراتيجية محاولة لـ”تقسيم التكتل وإضعافه”.
وتشكل هذه الاستراتيجية تحولاً مفاجئاً عن مسار العلاقات الوطيدة خلال فترة ولاية إدارة الرئيس السابق جو بايدن، التي عملت بتنسيق وثيق مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين في قضايا متعددة، منها فرض العقوبات على روسيا.
ويكمن الخطر بالنسبة لأوروبا في إمكانية أن يضعف ترمب وحدة الاتحاد الأوروبي، مما يجعل بروكسل أكثر عرضة للضغوط الأميركية في ملفات مثل التجارة، بحسب “بوليتيكو”.
وعلى الرغم من أن الاتحاد الأوروبي يتولى التفاوض بشأن الاتفاقيات التجارية نيابة عن جميع دول التكتل الـ27، إلا أن الضغوط الانتقائية على دول معينة قد تؤدي إلى تقويض تماسك الموقف الأوروبي المشترك.
وترى “بوليتيكو”، أن استراتيجية “فرق تسد” التي يتبعها ترمب تجاه الاتحاد الأوروبي “فعّالة إلى حد ما”. فقد هدّد الدنمارك بفرض عقوبات ما لم تستجب لمطالبه المتعلقة بجرينلاند، رغم أن هذه المطالب لم يتم توضيحها بشكل دقيق.
وقال دبلوماسيان أوروبيان للمجلة، إنه “بدلاً من السعي للحصول على رد قوي ومنسق من قادة الاتحاد الأوروبي، طلبت رئيسة الوزراء الدنماركية ميت فريدريكسن، من زملائها التزام الصمت خوفاً من أن تزيد تصريحاتهم من تعقيد الموقف”.
وذكر دبلوماسي أوروبي ثالث: “من الواضح أن إدارة ترمب تفضل التعامل معنا بشكل ثنائي. ومع هذا التوجه، سنحتاج إلى إظهار الوحدة”.
وعلى الرغم من أن فريق ترمب لم يوضح بشكل رسمي نهجاً محدداً تجاه الاتحاد الأوروبي، إلا أن أفعاله تعبر بوضوح عن استراتيجيته.
ولم يوجه الرئيس الأميركي دعوة لأي من كبار ممثلي الاتحاد الأوروبي لحضور حفل تنصيبه الذي جرى في 20 يناير الجاري، وبدلاً من ذلك، اختار دعوة رئيسة وزراء إيطاليا جورجيا ميلوني.
وأجرى ترمب أول محادثة مع زعيم أوروبي، وذلك عبر اتصال هاتفي مع رئيسة وزراء الدنمارك وُصف بـ”السيئ للغاية” بعد أن هدد بفرض عقوبات في حال لم تستجب كوبنهاجن لمطالبه بشأن جرينلاند.
كما تصاعد القلق الأوروبي من عدم وضع وزير الخارجية الأميركي الاتحاد الأوروبي ضمن أولوياته، فمنذ توليه منصبه، أجرى مكالمات مع وزراء خارجية من عشرات الدول غير الأعضاء في الاتحاد، إضافة إلى 5 فقط من وزراء خارجية دول التكتل، بينما لم يتواصل مع أي من مسؤولي الاتحاد الأوروبي.
وهذا الوضع خلق فجوة واضحة بين عواصم دول الاتحاد وبروكسل، فقد أعرب عدد من الوزراء الذين حظوا بمكالمة مع روبيو، عن تفاؤلهم الكبير بتطور العلاقات تحت إدارة ترمب.
وقال وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاجاني للصحافيين في بروكسل، بعد حديثه مع روبيو: “لم تكن هناك أي رسائل سلبية من الأميركيين تجاه إيطاليا، لذا أعتقد أن الأمور تسير في الاتجاه الصحيح. هناك مجال لحوار جيد مع الولايات المتحدة”.
أما كبار مسؤولي الاتحاد الأوروبي، فلم يكن أمامهم خيار سوى إبداء “التفاؤل”، والتأكيد على انفتاحهم على الحوار مع الإدارة الأميركية الجديدة.