أمر الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الخميس الماضي، برفع السرية عن السجلات المتعلقة باغتيال الرئيس السابق جون كينيدي، والسيناتور الأميركي السابق روبرت كينيدي، وزعيم الحقوق المدنية مارتن لوثر كينج الابن، إذ كانت تلك الملفات محل اهتمام المؤرخين والصحافيين والسياسيين، لعقود من الزمن، بما في ذلك ترمب نفسه، الذي وعد في ولايته الأولى بالإفراج عن السجلات المتعلقة باغتيال جون ف. كينيدي.
في عام 2017، أصدر ترمب 2800 سجل، لكنه أرجأ الإفراج عن الوثائق الأكثر ترقباً في التحقيق، مشيراً إلى مخاوف تتعلق بالأمن القومي.
وفي عام 2018، أذن ترمب بالكشف عن حوالي 19 ألف وثيقة. وفي عام 2022، أصدر الرئيس جو بايدن مجموعة أخرى منها، على الرغم من أن العديد منها لا يزال قيد السّرية.
وفي الأمر التنفيذي المتعلق بالاغتيالات الثلاثة، كتب ترمب: “عائلاتهم والشعب الأميركي يستحقون الشفافية والحقيقة”.
متى يمكن الإفراج عن الوثائق التي تم رفع السرية عنها؟
من غير الواضح متى سيتم الإفراج عن الوثائق علناً، لكن ترمب وجه مدير الاستخبارات الوطنية والنائب العام ومسؤولين آخرين لتقديم خطة لـ”الإفراج الكامل والشامل عن السجلات” المتعلقة باغتيال جون كينيدي في غضون 15 يوماً.
كما وجه ترمب المسؤولين بمراجعة الوثائق المتعلقة باغتيال روبرت كينيدي وكينج وتقديم خطة للإفراج عنها في غضون 45 يوماً.
وحسبما نقلت وكالة “أسوشيتد برس”، فأن بضعة آلاف من الوثائق لا تزال بحاجة إلى رفع السرية عنها. ولا يعتقد الخبراء أن هذه الوثائق ستحتوي على أي تفاصيل جديدة ومذهلة.
ما الذي يجب أن يحدث قبل إصدار الوثائق؟
يقول جيفرسون مورلي، محرر نشرة JFK Facts ومراسل صحيفة “واشنطن بوست” السابق، إن هناك أكثر من 3600 وثيقة تتعلق باغتيال جون ف. كينيدي بها تعديلات طفيفة وهامة. لكن هذا العدد لا يأخذ في الاعتبار سوى السجلات المحفوظة في مجموعة الأرشيف الوطني، وفق “واشنطن بوست”.
وقال مورلي، إن المسؤولين يجب أن يحدّدوا ما إذا كانت السجلات خارج هذه المجموعة، بما في ذلك تلك التي تحتفظ بها عائلة كينيدي ووكالات مثل وكالة الاستخبارات المركزية CIA ومكتب التحقيقات الفيدرالي FBI، تندرج تحت الأمر التنفيذي لترمب.
بعد ذلك، سيحتاجون إلى تحديد مكانها ومراجعتها. وأضاف أن الوثائق المتعلقة باغتيال روبرت ف. كينيدي وكينج ستستغرق أيضاً وقتاً أطول لتحديد مكانها لأنها ليست موحدة مثل الكثير من سجلات جون ف. كينيدي.
وقال مورلي إنه مع مراجعة الوثائق، من الممكن أن يثير مسؤولو ووكالات الاستخبارات مخاوف مرة أخرى بشأن رفع السرية عنها بالكامل.
في عام 1992، أصدر الكونجرس قراراً يقضي بالإفراج عن السجلات المتعلقة باغتيال جون ف. كينيدي في عام 1963 في غضون 25 عاماً. وكان فريق ترمب تحت ضغط لتلبية هذا الموعد النهائي في عام 2017، لكنه أرجأ الإفراج عن بعض الوثائق بعد ضغوط شديدة من وكالات بما في ذلك وكالة الاستخبارات المركزية ومكتب التحقيقات الفيدرالي. وزعمت الوكالات أن التهديد للأمن القومي يفوق المصلحة العامة.
ما الذي يُتوقَّع في وثائق كينيدي ومارتن لوثر كينج؟
لقد كان الإفراج عن الوثائق وحجبها سبباً في تغذية نظريات المؤامرة المحيطة بالاغتيالات لفترة طويلة.
بعد اغتيال جون كينيدي، أنشأ الرئيس الأميركي، ليندون جونسون، الذي تولى مقاليد السلطة بعد اغتيال كينيدي سنة 1963، لجنة خلصت إلى أن المسلح، لي هارفي أوزوالد، كان يعمل بمفرده ولا ينتمي لأي محموعة. وعلى مدى عقود من الزمان، تصاعدت نظريات المؤامرة، وتساءل البعض عما إذا كان أوزوالد قد تواطأ مع مسلح آخر أو تلقى أوامر من عملاء الاتحاد السوفيتي أو قوة أجنبية أخرى، وفق “واشنطن بوست”.
وهناك نظرية أخرى سائدة مفادها أن المسؤولين الأميركيين، بما في ذلك وكالة المخابرات المركزية، كانوا متورطين بطريقة ما، حسب الصحيفة الأميركية.
وينقسم الخبراء والمؤرخون حول التفاصيل التي يعتقدون أنها موجودة في الوثائق غير المنشورة، وما إذا كانت ستدعم أو تدحض أياً من النظريات.
لكن مورلي قال إن نشرها لا يهدف إلى العثور على “دليل دامغ”. وقال: “ماذا حدث؟ من الصعب جداً القول، وليس لدي نظرية”. “ولكن هذا هو السبب في أننا بحاجة إلى الاطلاع على بقية السجلات”.
وقام روبرت ف. كينيدي جونيور، ابن شقيق جون ف. كينيدي، والمرشح الذي اختاره ترمب لمنصب وزارة الصحة والخدمات الإنسانية، بتضخيم نظرية تورط وكالة المخابرات المركزية علناً. وقال في مقابلة مع قناة “فوكس نيوز” إن “والدي، روبرت ف. كينيدي، أكد أن الوكالة قتلت شقيقه”.
عند توقيع الأمر التنفيذي الخميس، طلب ترمب من أحد مساعديه التأكد من أن القلم الذي استخدمه سيُعطى لكينيدي الأصغر.
كيف تم اغتيال كينيدي ومارتن لوثر كينج؟
كان الديمقراطي جون كينيدي رئيساً للولايات المتحدة في الفترة من يناير 1961 حتى 22 نوفمبر 1963، عندما لقي حتفه بالرصاص في دالاس بولاية تكساس. وكان برفقته زوجته جاكلين كينيدي وحاكم ولاية تكساس جون كونالي وزوجته نيللي كونالي. كما أصيب الحاكم كونالي في الهجوم.
كان جون كينيدي يبلغ من العمر 46 عاماً وقت وفاته. تولى نائبه ليندون جونسون السلطة وأمر بإجراء تحقيق من قبل لجنة برئاسة رئيس المحكمة العليا إيرل وارن.
توصلت لجنة التحقيقات إلى أن لي هارفي أوزوالد، وهو جندي سابق في مشاة البحرية تحول إلى ناشط شيوعي، كان مسؤولاً عن وفاة جون كينيدي. وقررت اللجنة أن أوزوالد، الذي كان يبلغ من العمر 24 عاماً آنذاك، كان يتصرف بمفرده. وقد قُتل أوزوالد بالرصاص أثناء نقله من مقر الشرطة إلى سجن المقاطعة على يد مالك ملهى ليلي في دالاس، جاك روبي، بعد يومين من وفاة جون كينيدي.
وفي ما يتعلق بالسيناتور روبرت ف. كينيدي، شقيق جون كينيدي وعضو مجلس الشيوخ الديمقراطي عن ولاية نيويورك، فقد لقي حتفه بالرصاص في 5 يونيو 1968 في لوس أنجلوس.
وكان روبرت كينيدي قد أعلن ترشحه للانتخابات الرئاسية في عام 1968. وبعد فوزه في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي في كاليفورنيا، التقى بأنصاره في فندق السفير، قبل أن يتعرض لإطلاق نار من قبل شخص يدعى سرحان سرحان، وهو أردني فلسطيني يبلغ من العمر 24 عاماً آنذاك، وقد تم نقل كينيدي إلى مستشفى، قبل أن يلفظ أنفاسه.
ويقضي سرحان، البالغ من العمر الآن 80 عاماً، عقوبة السجن مدى الحياة في سجن ريتشارد جيه دونوفان الإصلاحي في مقاطعة سان دييجو، كاليفورنيا.
أما مارتن لوثر كينج جونيور، وهو ناشط بارز في الحقوق المدنية، فقد تعرض هو الآخر لإطلاق النار، بينما كان يقف على شرفة غرفته في الطابق الثاني في فندق لورين في ممفيس بولاية تينيسي في 4 أبريل 1968. وكان عمره آنذاك 39 عاماً. تم نقل كينج إلى مستشفى سانت جوزيف، حيث توفي متأثراً بجراحه.
في عام 1969، اعترف جيمس إيرل راي، وهو رجل يبلغ من العمر 40 عاماً، هارب من سجن ميسوري في عام 1967 حيث كان يقضي عقوبة بالسجن لمدة 20 عاماً بتهمة ارتكاب جريمة سرقة في خمسينيات القرن الماضي، بقتل مارتن لوثر كينج. وقد ألقت قوات سكوتلاند يارد القبض عليه في لندن. ووفقاً للأرشيف الوطني، خلص مكتب التحقيقات الفيدرالي إلى أن راي كان “قاتلاً بدوافع عنصرية”.
حكم على راي بالسجن لمدة 99 عاماً في سجن براشي ماونتن في بيتروس، تينيسي، من قبل محكمة مقاطعة شيلبي الجنائية، وتوفي بعد 29 عاماً من عقوبته في عام 1998 بسبب مضاعفات صحية.