بدعم من الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، أعيد انتخاب مايك جونسون رئيساً لمجلس النواب، الجمعة، بعد أن أبرم صفقة “خلف الكواليس” مع الجمهوريين المحافظين لتأمين حصوله على الأصوات اللازمة لانتخابه.
وجاء فوز جونسون بعد مواجهة متوترة مع عدد من المشرعين الجمهوريين المحافظين، ومكالمة هاتفية من ترمب إلى عضوين من “كتلة الحرية” في مجلس النواب، مما يسلط الضوء على نفوذ الرئيس القادم على الأغلبية الجمهورية المنقسمة في مجلس النواب.
ومنذ صعوده إلى أعلى منصب في مجلس النواب في أكتوبر 2023، بعد أن أطاحت الكتلة نفسها، بسلفه كيفن مكارثي، كان لدى جونسون واحدة من أصعب الوظائف في واشنطن. والآن، مع سيطرة الجمهوريين الكاملة على الحكومة، يواجه جونسون “مهمة مستحيلة”، وهي تمرير أجندة دونالد ترمب المحلية الضخمة.
وقال جونسون، بعد فوزه بمنصب رئيس مجلس النواب إن الأولوية الأولى لمجلس النواب الذي يسيطر عليه الجمهوريون ستكون حماية حدود الولايات المتحدة ومنح إدارة ترمب الموارد التي تحتاجها لحملتها المخطط لها على المهاجرين غير المسجلين، بما في ذلك الترحيل الجماعي.
كما تعهد بتمديد التخفيضات الضريبية التي أقرها ترمب خلال ولايته الأولى، وحماية الصناعة الأميركية من “الصفقات التجارية أحادية الجانب”.
“تصويت درامي ودور حاسم لترمب”
وكان تصويت الجمعة لرئاسة مجلس النواب أكثر من مجرد عملية تصويت روتينية، إذ بدأ التصويت وسط حالة من عدم اليقين، مع مواجهة جونسون معارضة من جناح محافظ داخل الحزب الجمهوري، كادت أن تضعف فرصه في الفوز.
وكان جونسون، الذي حل محل كيفن مكارثي بعد إقالته في 2023، بحاجة إلى دعم شبه كلي، لإعادة انتخابه، نظراً لأن الجمهوريين يسيطرون على 219 مقعداً مقارنة بـ 215 مقعداً يشغلها الديمقراطيون، ما يعني أنه لا يستطيع خسارة أكثر من صوت جمهوري واحد.
وعارض توماس ماسي، وهو مشرع من كنتاكي، إعادة انتخاب جونسون، ودعم توم إيمر، وهو جمهوري من مينيسوتا.
وفي البداية، دعم رالف نورمان، وهو جمهوري من ساوث كارولينا، جيم جوردان من أوهايو، ودعم كيث سيلف من تكساس بايرون دونالدز من فلوريدا، لكنهما غيرا تصويتهما لصالح جونسون بعد محادثات معه في غرفة بجوار قاعة مجلس النواب.
وكان تدخل ترمب محورياً في تغيير مواقف النائبين، مما مكن جونسون من الحصول على 218 صوتاً، وهو العدد اللازم للفوز. وهذا الانتصار لم يكن فقط دليلاً على نفوذ ترمب داخل الحزب الجمهوري، بل أيضاً إشارة إلى قدرته على فرض رؤيته السياسية، حتى في ظل الأغلبية الجمهورية الهشة.
وقال جونسون بعد إعادة انتخابه: “الرئيس ترمب هو على الأرجح الرئيس الأقوى (…) وصوته ونفوذه لهما أهمية فريدة، أعتقد أن هذا كان عاملاً كبيراً”.
أجندة ترمب ومستقبل الحزب
وجاء فوز جونسون في وقت حساس للحزب الجمهوري، حيث يواجه الكونجرس الـ119 تحديات تشريعية كبرى. وتشمل الأولويات تمديد التخفيضات الضريبية، وتعزيز أمن الحدود، وتوسيع مشاريع النفط والغاز. ومع ذلك، يعتمد نجاح هذه الأجندة بشكل كبير على قدرة الحزب الجمهوري على توحيد صفوفه في ظل الانقسامات الداخلية.
وجعل ترمب، الذي يسعى إلى بدء ولايته الثانية بقوة، من انتخاب جونسون أولوية قصوى، إذ يرى في استقرار قيادة مجلس النواب عاملاً حاسماً لتمرير أجندته. وفي تصريحات لشبكة CNN، أكد ترمب أن نجاح جونسون يعني تحقيق استقرار سياسي يعزز ثقة الناخبين. وقال: “فوز جونسون سيكون بمثابة ختام جميل لانتصارنا الانتخابي الكبير.”
وأظهرت التصريحات مدى أهمية فوز جونسون بالنسبة للرئيس المنتخب، خاصة أن الجمهوريين يخططون لإجراء إصلاحات كبيرة تشمل سياسات الهجرة، وخفض الضرائب باستخدام أدوات تشريعية معقدة لتجاوز العرقلة الديمقراطية المحتملة في مجلس الشيوخ.
واعتبرت CNN أن فشل جونسون في مهمة إعادة انتخابه كرئيس للمجلس من الجولة الأولى، كان ليثير الشك بشأن قدرته على قيادة الأغلبية الجمهورية التي تسيطر على البيت الأبيض، ومجلس النواب، ومجلس الشيوخ.
ومع افتتاح الكونجرس رقم 119، تبدأ حقبة جديدة لترمب في واشنطن، حيث يتطلع الجمهوريون إلى تحقيق نتائج ملموسة فور عودته إلى المكتب البيضاوي في 20 يناير.
وحدة هشة وضغوط تشريعية
ورغم فوز جونسون، تظل الأغلبية الجمهورية أمام اختبار صعب، فمع أغلبية ضئيلة داخل مجلس النواب، يهدد أي انقسام بتعطيل تنفيذ أجندة ترمب.
وقد يجد ترمب نفسه بحاجة إلى تأمين دعم شبه كامل من حزبه أو الحصول على مساعدة من الديمقراطيين، لتمرير أجندته التشريعية الطموحة.
وستزداد المخاطر إذا ما أقر مجلس الشيوخ تعيين إليز ستيفانيك من نيويورك سفيرة للأمم المتحدة، خاصة بعد تعيين مايك والتز النائب من فلوريدا مستشاراً للأمن القومي، وهو المنصب الذي لا يحتاج إلى تصديق من المجلس.
وستؤدي هذه التعيينات إلى تضييق هامش الأغلبية الجمهورية في مجلس النواب.
وأشارت CNN إلى أن هذه التحديات ليست جديدة، بل تعكس الصعوبات التي واجهها الجمهوريون منذ استعادة الأغلبية في انتخابات عام 2022.
وبالإضافة إلى ذلك، يواجه الحزب تحديات سياسية كبرى، مثل رفع سقف الدين، وإصلاح نظام الهجرة، وتمويل مشاريع البنية التحتية. وأي إخفاق في تمرير هذه القوانين قد يعرض الحزب لانتقادات شديدة من الداخل والخارج.
وفي الوقت نفسه، ترى “نيويورك تايمز” أن جونسون سيتعامل مع “رئيس غير متوقع المزاج أظهر بالفعل ميله إلى عرقلة المفاوضات في الكونجرس وفرض مطالب جديدة في اللحظات الأخيرة. وسيحاول إدارة مجموعة غير مستقرة من المشرعين الذين، رغم احترامهم الكبير لترمب، أظهروا استعدادهم لتحديه في مشاريع رئيسية، ولا يكترثون كثيراً للتداعيات السياسية لإثارة الدراما داخل الحزب”.
جونسون في مواجهة المعارضة الداخلية
ورغم دعم ترمب، لا تزال هناك أصوات معارضة داخل الحزب الجمهوري، مثل النائب توماس ماسي، الذي رفض التصويت لجونسون، مشيراً إلى تحفظات تتعلق بمواقفه السابقة. كما أصدر 11 نائباً جمهورياً بياناً أكدوا فيه أن دعمهم لجونسون جاء بسبب ولائهم لترمب وليس اقتناعاً كاملاً بقيادته.
وكتبت المجموعة في الرسالة: “يجب على جونسون أن يثبت أنه لن يفشل في تنفيذ أجندة الرئيس ترمب الجريئة”.
وأضافوا أنهم يريدون أن يروا جونسون يطرح تشريعاً يستهدف مجموعة من الأهداف السياسية بما في ذلك تأمين الحدود وخفض التضخم وإنهاء تداول الأسهم من قبل أعضاء الكونجرس، من بين أحكام أخرى.
وقالوا أيضاً إنهم يعتقدون أن جونسون كان يجب أن يتعهد بعدة التزامات بما في ذلك التأكد من أن مشاريع القوانين القادمة تقلل الإنفاق والعجز.