أثار ترشيح الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب النائب مات جيتز لمنصب وزير العدل جدلاً واسعاً في الأوساط اليهودية بسبب تصريحاته “المثيرة للجدل” واتهامه بـ”مُعاداة السامية”، فضلاً عن دعوته شخصيات عُرفت بإنكارها “الهولوكوست” من أجل حضور خطاب حالة الاتحاد عام 2018.
واعتبرت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” إن ترمب يقدم بهذا الاختيار شخصية “مثيرة للفتنة” لطالما تجادلت مع الجماعات اليهودية، وتبنت “نظرية مؤامرة مُعادية للسامية”.
واُنتخب جيتز صاحب الـ42 عاماً لعضوية الكونجرس الأميركي عام 2016، ليمثل دائرة في شمال غرب ولاية فلوريدا، واكتسب سُمعة باعتباره أحد أبرز مؤيدي ترمب.
وذكرت الصحيفة الإسرائيلية أن أعضاء مجلس الشيوخ، من كلا الحزبين، اندهشوا من ترشيح جيتز لقيادة وزارة العدل، وسط توقعات بأن يواجه عراقيل في مجلس الشيوخ خلال إجراءات التصديق على ترشيحه.
ومنذ إعلان ترشيحه، تصدر جيتز عناوين الأخبار التي أشارت إلى خلافاته مع اليهود والمنظمات اليهودية، كما تم التحقيق معه بتهمة “الاتجار بالجنس”.
وسارعت الجماعات اليهودية البارزة إلى انتقاد القرار، متهمة إياه بأنه “معادٍ السامية”. وقالت اللجنة اليهودية الأميركية: “في وقت نشهد مستويات تاريخية من مُعاداة السامية، نحتاج إلى شخص يقود وزارة العدل يمكنه التصدي لمُعاداة السامية، وليس الترويج لها”.
وتابعت: “إن تاريخ مات جيتز في الإدلاء بتصريحات مثيرة للجدل، بما في ذلك ترويجه لنظريات المؤامرة المُعادية للسامية، يجب أن يكون سبباً كافياً لاستبعاده، خاصةً أنه يترشح ليكون على رأس مسؤولي إنفاذ القانون في الولايات المتحدة”.
وحثت اللجنة ترمب على “إعادة النظر في هذا الترشيح، وإلا فإنه سيتعين على مجلس الشيوخ تحمل مسؤولية رفضه”.
نظرية “الاستبدال العظيم”
من جهته، انتقد رئيس “رابطة مكافحة التشهير”، وهي منظمة يهودية غير حكومية تدعم إسرائيل، ما قال إنه “تاريخ طويل من تورط جيتز في مُعاداة السامية”.
وأضاف جوناثان جرينبلات: “بدءاً من تصويته ضد قانون التوعية بمُعاداة السامية إلى دفاعه عن نظرية الاستبدال العظيم، ودعوته لأحد منكري (الهولوكوست) كضيف في خطاب حالة الاتحاد لعام 2018”.
وتنص نظرية “الاستبدال العظيم” على أن “السكان الفرنسيين الكاثوليك البيض، والأوروبيين المسيحيين البيض عموماً، يجري استبدالهم بشكل منتظم بغير الأوروبيين، خاصةً سكان الشرق الأوسط من خلال الهجرة الجماعية والنمو السكاني”.
وكتب جرينبلات على منصة “إكس”: “لا ينبغي تعيينه في أي منصب رفيع، ناهيك عن الإشراف على التنفيذ المحايد لقوانين أمتنا”.
إنكار الهولوكوست
وفي عام 2018، انتقدت رابطة مكافحة التشهير والائتلاف اليهودي الجمهوري جيتز، الذي كان في فترة ولايته الأولى آنذاك، لدعوته تشارلز جونسون، الذي يتهم بإنكار الهولوكوست، كضيف في خطاب حالة الاتحاد.
وشكك جونسون في الرقم المزعوم لضحايا الهولوكوست البالغ 6 ملايين يهودي، وقال إن “250 ألفاً فقط منهم ماتوا على يد قوات هتلر، وإن ذلك كان بسبب المرض”.
وفي عام 2021، بينما كانت وزارة العدل الأميركية تحقق مع جيتز بتهمة “الاتجار بالجنس”، كانت علاقته بالسياسي اليهودي جويل جرينبرج محل تدقيق أيضاً، لكن المدعين رفضوا في النهاية توجيه تهم للأخير، والذي نفى ارتكاب أي مخالفات.
ووصف جيتز، في وقت سابق، رابطة مكافحة التشهير بأنها “عنصرية” بعد أن طالبت شبكة FOX NEWS بطرد المذيع تاكر كارلسون بسبب ترويجه لنظرية مؤامرة “الاستبدال العظيم”.
وقال جيتز، حينها، إن كارلسون كان “محقاً بشأن نظرية الاستبدال عندما شرح ما يحدث لأميركا”، مضيفاً: “رابطة مكافحة التشهير منظمة عنصرية”.
وخلال جلسة استماع للجنة القضائية بمجلس النواب عقدت في نوفمبر 2023، استجوب جيتز باميلا نادل، وهي مديرة برنامج الدراسات اليهودية في الجامعة الأميركية، بشأن ما إذا كان من الممكن انتقاد الملياردير اليهودي والناجي من الهولوكوست جورج سوروس دون أن يتم اعتبار ذلك مُعادياً للسامية.
وكان جيتز اتهم سوروس بتمويل قوافل المهاجرين التي جعلها الجمهوريون محور حملتهم في انتخابات التجديد النصفي لعام 2018.
وفي ذلك الوقت، ردت مؤسسة “المجتمع المفتوح” التابعة لسوروس على جيتز، وقالت في بيان: “نشجع جيتز على تصحيح الحقائق، ومحاولة عدم تأجيج مناخ الخوف والكراهية الذي يعزز المتطرفين ويؤجج التهديدات بالعنف”.
وعارض جيتز، إلى جانب النائبة مارجوري تايلور جرين، في الربيع الماضي، مشروع قانون كان يهدف إلى تحديد تعريف رسمي لمُعاداة السامية.