أعرب وزير الخارجية الأوكراني السابق دميترو كوليبا، الأربعاء، عن قناعته بعدم قدرة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب على التوصل إلى اتفاق سلام مع روسيا، معتبراً أن توقيع الرئيس فولوديمير زيلينسكي على اتفاق يتضمن “تنازلاً” عن أراض أوكرانية تعني “نهايته السياسية”.
وقال كوليبا لمجلة “بوليتيكو” الأميركية، إن “الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ليس في وضع يسمح له بالموافقة على اتفاق سلام”، مشيراً إلى أن “ترمب قد يهدد استقرار الجبهات الأوكرانية إذا قررت الإدارة الأميركية الجديدة قطع إمدادات الأسلحة إلى كييف”.
وشكك كوليبا في قدرة الرئيس الروسي على قبول هذا العرض الأميركي، قائلاً: “لا أعتقد أن بوتين سيوافق على ذلك، إذ لا يزال يعتقد أن بإمكانه القضاء على أوكرانيا وسحقها، وهو يعتقد أنه على بعد خطوة واحدة من فضح الغرب باعتباره ضعيفاً”.
وتعهد ترمب خلال حملته الانتخابية بإنهاء حرب أوكرانيا، مشدداً على أنه يستطيع القيام بذلك في يوم واحد، لكن تفاصيل كيفية إنهاء الحرب، وفق رؤية ترمب، لا تزال غامضة.
والشهر الماضي، قال نائب الرئيس الأميركي المنتخب جي دي فانس، إن أي اتفاق سيشمل على الأرجح تنازل أوكرانيا عن بعض الأراضي، بمعنى قبول أن تحتفظ روسيا بجميع أو جزء من الـ 20% من الأراضي الأوكرانية التي تسيطر عليها حالياً، مع وضع منطقة منزوعة السلاح.
ويرى كوليبا، أن “هذا لن ينجح، بالنظر إلى أن بوتين ليس مهتماً بالدبلوماسية بل يسعى بدلاً من ذلك إلى استنزاف الغرب، على أمل أنه يمكنه الحصول على كل ما يريد”.
التنازل عن الأراضي
وذكر الوزير السابق، أنه لا يرى كيف يمكن لزيلينسكي، أن يوقع أي اتفاق يقبل فيه بضم روسيا لشبه جزيرة القرم أو منطقة دونباس في شرق أوكرانيا، رغم ادعائه أنه يبحث عن حلول دبلوماسية.
وكان زيلينسكي أشار في وقت سابق من الشهر الجاري، إلى أن الحرب ستنتهي “بشكل أسرع” بفضل ترمب.
وأضاف في مقابلة إذاعية: “يجب أن نفعل كل شيء لضمان أن تنتهي الحرب في العام المقبل بطرق دبلوماسية”. ومع ذلك، من غير الواضح ما إذا كان الرئيس الأوكراني يعتقد حقاً أن التسوية التفاوضية ممكنة، أم أنه يحاول فقط الظهور بشكل بناء لإرضاء ترمب.
ووفقاً للمشورة التي تلقاها، يجب ألا يكون هو من يقول لا أولاً لترمب، بل يترك الروس يظهرون كطرف غير معقول، حسبما نقلت المجلة.
ويرى كوليبا، أنه “من غير المعقول أن يوقع زيلينسكي اتفاقاً يتنازل فيه عن الأراضي، يحتفظ فيه الروس بدونباس، ويحتفظون بالقرم، ولا عضوية بحلف شمال الأطلسي (الناتو)، هل يمكن لزيلينسكي التوقيع؟ لا يمكن بسبب الدستور. ولأن ذلك سيكون نهاية زيلينسكي سياسياً”.
وكان كوليبا استقال في سبتمبر الماضي من منصبه، في خطوة وصفها أصدقاؤه بأنه “مغادرة مفروضة” في إطار تعديل حكومي مثير للجدل نفذه أندريه يرماك، رئيس موظفي زيلينسكي القوي.
ورفض كوليبا التعليق على استقالته، لكنه قال: “يجب على زيلينسكي أن يسمح بعودة الأشخاص الأقوياء إلى حكومته”.
وأكبر مخاوف كوليبا هو أن يحرم ترمب أوكرانيا من الأسلحة والذخائر، أو في أفضل الأحوال يضعها في “حمية جوع” لجعلها أكثر استجابة إذا فشلت، كما هو محتمل، محاولته لتحقيق السلام.
وفي حال حدث ذلك، حذر كوليبا من أن آفاق كييف ستكون “قاتمة”، متوقعاً أن “تنهار الجبهة في دونباس ويدخل الروس إلى بوابات دنيبرو وبولتافا وزابوريجيا. وسيكون ذلك أخطر لحظة لأوكرانيا في هذه الحرب”.
دعم أوروبا
وأضاف كوليبا أنه إذا “قام ترمب بحرمان أوكرانيا من الأسلحة، فإن رد فعل أوروبا سيكون أمراً حاسماً”، مشيراً إلى أن “المجهول الكبير هو كيفية تصرف الاتحاد الأوروبي”.
وذكر أنه “لا يزال غير متأكد مما إذا كان الاتحاد الأوروبي سيقدم الدعم لتعويض فقدان أو تقليص الدعم الأميركي لأوكرانيا”. وأضاف: “إذا وجدوا طريقة لاستمرار الإمدادات وزيادتها، فإن ذلك سيمنح أوكرانيا وقتاً أطول”.
واعتبر أن “أكبر مجهول في المعادلة هو مدى استعداد أوروبا لفعل ذلك. سيكون أمام الأوروبيين خياران: إما أن يتبعوا استراتيجية الانتظار والترقب ويقتدوا بخطى ترمب، أو يقبلوا حقيقة أنهم يجب أن يتحملوا حصة أكبر من المسؤولية”.
وحذر كوليبا من أنه “لا يمكن للاتحاد الأوروبي بمفرده تعويض ما سيفقد إذا اتخذت الولايات المتحدة مساراً مختلفاً”، لكنه أردف: “يعتمد ذلك على قدرة أوروبا واستعدادها لزيادة إنتاجها من الأسلحة بشكل كبير في فترة زمنية قصيرة”.