أعلن المستشار الألماني أولاف شولتز، الأربعاء، إقالة وزير المالية كريستيان ليندنر، والدعوة إلى إجراء تصويت على الثقة بالحكومة منتصف يناير المقبل، وسط توقعات بانهيار الائتلاف الحاكم المكون من حزب شولتز “الاشتراكي الديمقراطي”، وحزبا “الخضر” و”الديمقراطي الحر”، بعد أشهر من الخلافات بشأن الإصلاحات الاقتصادية.
وقال شولتز في مؤتمر صحافي، إن “وزير المالية لم يُظهر أي استعداد لتنفيذ أي من مقترحاتنا”، مضيفاً أنه “يتعين على أي شخص ينضم إلى الحكومة أن يتصرف بمسؤولية وموثوقية، ولا يمكنه الفرار حين تصبح الأمور صعبة، يتعين أن يكون مستعداً لتقديم تنازلات لصالح جميع المواطنين”، في إشارة إلى ليندنر الذي يتزعم حزب “الديمقراطي الحر”.
وأضاف: “لكن هذا تحديداً ليس محور تركيز كريستيان ليندنر في الوقت الحالي، إنه يركز على محسوبيته”، مشدداً على الحاجة لـ”حكومة قادرة على العمل، ولديها القوة لاتخاذ القرارات اللازمة”.
وأشار شولتز إلى أن ألمانيا، أكبر اقتصاد في أوروبا، “بحاجة بعد فوز دونالد ترمب بالانتخابات الأميركية لإظهار أنه يمكن الاعتماد علينا”، لافتاً إلى أنه سيدعو لإجراء تصويت على الثقة بالائتلاف في 15 يناير المقبل، ما قد يمهد الطريق لإجراء انتخابات فيدرالية مبكرة في مارس المقبل.
الانسحاب من الائتلاف
من جهته، قال وزير المالية ليندنر للصحافيين بعد انهيار محادثات الائتلاف الحاكم، إن “أولاف شولتز يرفض الاعتراف بأن بلادنا بحاجة إلى نموذج اقتصادي جديد”، معتبراً أنه “أظهر عدم امتلاكه القوة اللازمة لإعطاء بلاده دفعة جديدة”.
وأردف: “بدلاً من ذلك، أعطاني المستشار بعد ظهر اليوم إنذاراً نهائياً لتعليق نظام كبح الديون الدستوري، ولم يكن بوسعي أن أفعل ذلك، لأنني سأكون قد حنثت بالقسم الذي أقسمته عند تولي منصبي”.
وذكر أن حزبه يتجه حالياً إلى الانسحاب من الائتلاف في الانتخابات التي من المرجح أن تجرى بحلول نهاية مارس، وسيخوض حملة انتخابية للمشاركة في حكومة مختلفة.
وفي السياق، قال وزير الاقتصاد روبرت هابيك المنتمي لحزب “الخضر” للصحافين في وقت متأخر الأربعاء، إن “ألمانيا ستتخذ قراراً جديداً بشأن الائتلاف الحكومي القادم، وحتى ذلك الحين، سنظل في مناصبنا، ونحن ملتزمون التزاماً راسخاً بالوفاء الكامل بواجباتنا، وتوفير الاستقرار من داخل الحكومة، وهو ما تستطيع ألمانيا أن تقدمه لأوروبا، بل ما يتعين عليها أن تقدمه”.
من جهته، قال المتحدث باسم الحكومة لوكالة الأنباء الألمانية، إن زعيم الحزب (الديمقراطي الحر) هدد بالانسحاب من الائتلاف.
وأشارت وسائل إعلام ألمانية، إلى أن ليندنر سبق أن اقترح على شريكه شولتز إجراء انتخابات مبكرة مطلع العام المقبل، لكن الأخير رفض.
ورقة ليندنر
ومع دخول ألمانيا حالة من الركود الاقتصادي وانخفاض عائدات الضرائب، بدأ الائتلاف بإجراء محادثات عن الميزانية والتوجه الاقتصادي المستقبلي للحكومة.
وقدم الحزب “الديمقراطي الحر” ورقة تتضمن مطالب بإصلاحات اقتصادية ووصفت بـ”الليبرالية”، كان من الصعب على الحزبين الآخرين في الائتلاف قبولها، بحسب مجلة “بوليتيكو”.
وتقترح ورقة ليندنر التي تسربت إلى وسائل الإعلام، الأسبوع الماضي، تخفيضات ضريبية والتراجع جزئياً عن بعض سياسات المناخ بهدف تحفيز النمو الاقتصادي، فيما يطالب الحزبان الآخران في الائتلاف بزيادة الانفاق الحكومي.
وفي اجتماع وصفته المجلة بـ”الدراماتيكي” لزعماء الأحزاب الثلاثة، مساء الأربعاء، قال ليندنر لشولتز إنه “لا يرى أي مسار لمواصلة حزبه في الائتلاف الحكومي الحالي”، وحثّ على “تمهيد الطريق لإجراء انتخابات مبكرة”.
وذكر مصدران مطلعان على المباحثات لـ”بوليتيكو”، أن هذه المطالب دفعت شولتز لإعلان إقالة وزير المالية.
وبدون الحزب “الديمقراطي الحر” وهو أصغر حزب في الائتلاف، قد يستمر شولتز في رئاسة “حكومة أقلية”، إما بمفرده مع حزبه “الاشتراكي الديمقراطي” أو مع حزب “الخضر”، ثاني أكبر حزب في ألمانيا، بالاعتماد على أغلبية برلمانية مؤقتة يتم تجميعها، بحسب وكالة “رويترز”.
ولفتت “بوليتيكو”، إلى أن شولتز ليس لديه الأغلبية اللازمة لتمرير الميزانية، معتبرةً أن ذلك يزيد من احتمال التصويت بحجب الثقة، وإجراء انتخابات مبكرة.
ومن المتوقع أن يؤدي هذا التغيير السياسي لتغذية الإحباط المتزايد تجاه الأحزاب الحاكمة، وسط تصاعد شعبية القوى اليمنية المتطرفة وأبرزها حزب “البديل من أجل ألمانيا” المناهض للهجرة.