يبدو أن المقاتلات الإسرائيلية التي شنت غارات على أهداف عسكرية في إيران، فجر السبت، مهّدت طريقها جيداً قبل الوصول إلى أهدافها في طهران، إذ قالت مصادر مطّلعة لـ”الشرق”، إن الهجوم الإسرائيلي تضمن استهداف أنظمة رادار في سوريا، بغرض تأمين مسار آمن للطائرات وهي تحلّق لمسافة تزيد على 1300 كيلومتر.
كانت وكالة الأنباء السورية الرسمية “سانا”، ذكرت أن هجوماً جوياً إسرائيلياً استهدف بعض المواقع العسكرية في وسط وجنوب سوريا، في وقت مبكر السبت، مشيرةً إلى أن الدفاعات الجوية السورية تصدت لصواريخ إسرائيلية “من اتجاه الجولان السوري المحتل والأراضي اللبنانية”، وأسقطت عدداً منها.
وفيما لم تحدد دمشق ما هي طبيعة الأهداف التي طالها القصف الإسرائيلي، ذكرت مصادر سورية لـ”الشرق”، أن الطائرات الإسرائيلية استهدفت، فجر السبت، منظومة رادار في منطقة تل قليب بمحافظة السويداء جنوب غربي البلاد، ولواء “التأمين الإلكتروني” بمنطقة تدمر وسط سوريا.
وأوضحت المصادر أن نقطة الرادار الواقعة في تل قليب تتولى عادةً مهمة مراقبة الأجواء الأردنية، أما اللواء الذي قصفته إسرائيل في تدمر، يمتلك قدرة التشويش إلكترونياً على طائرات النقل وتموين الوقود جواً، وطائرات الحرب الإلكترونية التي تنفذ مهام تشويش واستطلاع وإنذار مبكر.
ولفتت المصادر إلى أن ضرب إسرائيل لأنظمة الرادار والتشويش أدى إلى إمكانية عبور أحد الأسراب المهاجمة للأجواء السورية، وسُمع صوت المقاتلات الإسرائيلية بوضوح وهي تعبر أجواء مناطق البادية القريبة من العراق، والمنطقة الجنوبية على الحدود مع الأردن.
وقال مصدر مطّلع، إن الرادارات السورية رصدت مقاتلة بصمتها الرادارية مطابقة لطائرة EL/W 2090، وهي طائرة تجسس وإنذار مبكر طورتها إسرائيل وتشابه مقاتلة AWACS الأميركية.
وفي تحليل لمدى فاعلية الخطة الإسرائيلية في تأمين تحليق مقاتلاتها دون أن تواجهها عقبات في الأجواء، رأى خبير عسكري سوري تحدث لـ”الشرق”، أن الهجمات الإسرائيلية تبدو كاختبار لقدرة سلاح الجو الإسرائيلي على التحرك بحرية، معتبراً أن التجربة كانت “ناجحة”.
وأضاف: “خلال عبور المقاتلات الإسرائيلية لأجواء 3 دول إقليمية، والدولة الهدف (إيران) لم يتم إسقاط أي منها”.
وتابع: “بغض النظر عن الأضرار التي لحقت بإيران، فسلاح الجو الإسرائيلي أنجز عملية معقدة لوجستياً واستخباراتياً وعسكرياً”.
العراق ينفي تعرضه لضربات إسرائيلية
وفي شأن ذي صلة، زعمت صحيفة “نيويورك تايمز” أن الهجوم الإسرائيلي طال أيضاً أنظمة دفاع جوي في العراق، في إطار تأمين تل أبيب لمسار مقاتلاتها وهي في طريقها لضرب أهدف في إيران.
إلا أن مستشار رئيس الوزراء العراقي حسين علاوي نفى لـ”الشرق” ما أوردته الصحيفة الأميركية، مؤكداً أنه “لم يتم استهداف أي مواقع عسكرية عراقية من جانب إسرائيل”.
من جانبها قالت بعثة إيران لدى الأمم المتحدة، السبت، إن الطائرات الحربية الإسرائيلية هاجمت إيران من المجال الجوي العراقي.
وألقت البعثة، في منشور على منصة “إكس”، باللوم على الولايات المتحدة بسبب ما وصفته بتواطؤها، موضحة: “المجال الجوي العراقي تحت احتلال وقيادة وسيطرة الجيش الأميركي، والنتيجة التواطؤ الأميركي في هذه الجريمة مؤكد”.
ونشر موقع “راداو” الكردي على منصة “إكس” صوراً لما قال إنها بقايا صاروخ عُثر عليها في جزيرة مكيشيفة في محافظة صلاح الدين شمال العاصمة بغداد.
وشنت إسرائيل 3 موجات من الهجمات على نحو 20 هدفاً عسكرياً إيرانياً في محافظات طهران وخوزستان وإيلام، وأظهرت القوات الإسرائيلية قدرات تشغيلية مثيرة، من خلال نقل ترسانة كبيرة لمسافة تزيد عن 1300 كيلومتر من إسرائيل.
وباختراقها أنظمة الدفاع الإيرانية، استهدفت القدرات الإسرائيلية، مجموعة متنوعة من المنشآت العسكرية بناءً على معلومات استخباراتية. ويبرز هذا العمل قدرة على الضرب في عمق الأراضي الإيرانية، وهو تطوّر قد يكون له تداعيات بعيدة المدى على أمن المنطقة.
وهذه هي المرة الأولى منذ الحرب “الإيرانية-العراقية”، التي يتعرض فيها “قلب إيران” لهجوم مباشر، ما يفتح فصلاً جديداً مقلقاً في الشرق الأوسط.
وعلى مدى أعوام، شنت إسرائيل عدة هجمات على أهداف مرتبطة بإيران في سوريا. لكنها كثفت هجماتها منذ الهجوم الذي شنته عليها حركة “حماس” في السابع من أكتوبر الماضي.