تنضم بريطانيا هذا الأسبوع إلى قادة الاتحاد الأوروبي في محادثات “غير مسبوقة” بشأن إنشاء آليات تمويل دفاعية على مستوى أوروبا، في وقت تسعى فيه القارة لتعزيز قدراتها العسكرية وسط مخاوف من تراجع الدعم الأميركي، حسبما نقلت “فاينانشيال تايمز”.
وستجري وزيرة الخزانة البريطانية، راشيل ريفز، محادثات مع وزراء مالية أوروبيين آخرين خلال اجتماع مجموعة العشرين في كيب تاون هذا الأسبوع، مع دخول الحرب في أوكرانيا عامها الرابع.
وقال وزير المالية البولندي، أندريه دومانسكي، للصحيفة: “يمكن أن يكون صندوقاً أو بنكاً. على سبيل المثال، هناك فكرة تأسيس بنك يتخصص في إعادة التسلح، وهو أمر ندرسه جدياً”.
وأضاف دومانسكي أن المناقشات مع بريطانيا مستمرة منذ أشهر. وتابع: “بدون بريطانيا العظمى، يصعب تصور دفاع أوروبا”.
وأكدت وزارة الخزانة البريطانية أن ريفز “ستطرح مقترحات تمويل الدفاع” مع نظرائها الأوروبيين خلال اجتماع مجموعة العشرين، لكنها أوضحت أن المحادثات “لا تزال في مراحلها الأولى”، وفق “فاينانشيال تايمز”.
وطالب الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، حلفاء الناتو الأوروبيين بزيادة الإنفاق الدفاعي إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي، بدلاً من الهدف الحالي البالغ 2% الذي لا يزال بعضهم غير قادر على تحقيقه، أو المخاطرة بفقدان الحماية الأميركية.
تحقيق الاستقلال
وقالت “فاينانشيال تايمز” إن تحرك ترمب السريع لإعادة التواصل مع روسيا، التي تعتبرها معظم الدول الأوروبية “تهديداً وجودياً”، أثار مناقشات “حارقة” بشأن كيفية تعزيز القدرات الدفاعية الأوروبية بشكل جماعي وتقليل الاعتماد على القوات والأسلحة الأميركية.
وصرّح المستشار الألماني المقبل فريدريش ميرتس، الأحد، بأن ألمانيا يجب أن تعيد تشكيل ترتيباتها الأمنية بشكل جذري، وتنهي اعتمادها على واشنطن المستمر منذ عقود، مشيراً إلى أن ترمب “غير مكترث إلى حد كبير” بمصير أوروبا، وأن على القارة “تحقيق الاستقلال”.
وجرت مناقشات موسعة بشأن الإنفاق الدفاعي الأوروبي المشترك خلال اتصال هاتفي هذا الأسبوع بين رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، ورئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، وكذلك خلال اتصال منفصل بين فون دير لاين ورئيس وزراء النرويج، يوناس جار ستوره، وفقاً لمصدر مطلع على المحادثات.
بنك إعادة التسلح
وتبحث الدول الأوروبية عن سبل لتعزيز قدراتها الدفاعية في ظل ميزانيات وطنية مقيدة بشدة. ومن خلال الاستفادة من الضمانات الوطنية، يمكن أن يسهم إنشاء بنك في تمكين الدول من زيادة الإنفاق الدفاع دون زيادة ميزانياتها العامة، حسبما ذكرت الصحيفة.
وتسعى بريطانيا إلى زيادة الإنفاق الدفاعي من 2.3% إلى 2.5% من الناتج المحلي الإجمالي، ما يتطلب ما لا يقل عن 5 مليارات جنيه إسترليني إضافية سنوياً، رغم القيود الشديدة التي تفرضها قواعدها المالية الذاتية على زيادة النفقات.
وتضمنت المقترحات فكرة طرحها الجنرال نيك كارتر، القائد السابق للجيش البريطاني، وتتمثل في إنشاء “بنك إعادة التسلح” للاستفادة من مدخرات أوروبا، على غرار البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، الذي أُنشئ بعد سقوط الستار الحديدي لدعم دول وسط وشرق أوروبا.
وقال شخص مطلع على المناقشات مع فريق ريفز للصحيفة إن “وزارة الخزانة مهتمة بهذا الطرح”. لكن مسؤولين في الوزارة أشاروا إلى وجود عدة نماذج للتمويل المتعدد الأطراف قيد الدراسة، وأن ريفز منفتحة على جميع الخيارات للخطوات المقبلة.
ويرى خبراء أن ميزة مقترح “بنك إعادة التسلح” الذي طرحه كارتر تكمن في تقليل تأثير زيادة الإنفاق الدفاعي على القواعد المالية.
وقال آندي كينج، وهو مسؤول بريطاني سابق يعمل الآن في شركة الاستشارات “فلينت جلوبال”، للصحيفة إن مثل هذا البنك يمكن أن يوفر “موارد كبيرة للدفاع، دون أن يؤثر بشكل جوهري على القواعد المالية”.