اعتبر وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، أن إقدام الولايات المتحدة وإسرائيل، على مهاجمة منشآت طهران النووية سيكون “ضرباً من الجنون”، محذّراً من أن ذلك سيُفضي إلى “كارثة سيئة للغاية” على منطقة الشرق الأوسط.
جاء هذا التحذير في مقابلة أجراها عراقجي، مع شبكة Sky News بالعاصمة الإيرانية طهران، هي الأولى له منذ تنصيب الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الذي وصفته الشبكة البريطانية بأنه “العدو اللدود” لإيران.
وأشارت Sky News إلى أن عراقجي سخر من ترمب لاقتراحه “تهجير” الفلسطينيين من قطاع غزة، مقترحاً بدلاً من ذلك إرسال الإسرائيليين إلى جرينلاند.
وذكرت أن عراقجي وجه إليها دعوة لزيارة وزارة الخارجية الإيرانية لإجراء المقابلة، مستغلاً الفرصة للتعليق على الحديث عن احتمال شن إسرائيل هجوم على برنامج الأسلحة النووية الإيراني بدعم أميركي.
وقال عراقجي: “لقد أوضحنا أن أي هجوم على منشآتنا النووية سيواجه بردّ فوري وحاسم. لكنني لا أعتقد أنهم سيُقدِمون على هذا العمل الجنوني. هذا بالفعل جنون. وسيحوّل المنطقة بأكملها إلى كارثة سيئة للغاية”.
وخلال فترة ولايته الأولى، أعلن ترمب انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي المبرم مع إيران عام 2015، الذي فرض قيوداً على تخصيب اليورانيوم مقابل رفع العقوبات.
وتؤكد إيران أن برنامجها النووي مخصص لأغراض سلمية ومدنية. ومع ذلك، يقول مسؤولون غربيون إن طهران استأنفت تخصيب اليورانيوم إلى مستويات ليس لها هدف سوى إنتاج سلاح نووي، منذ انسحاب ترمب من الاتفاق.
وألمح ترمب إلى أنه يفضل “حلاً دبلوماسياً”، قائلاً إن التوصل إلى اتفاق جديد مع إيران سيكون “أمراً جيداً”.
لكن عراقجي شدد على أن إيران تحتاج إلى أكثر من ذلك، لإقناعها بالدخول في مفاوضات جديدة، خاصةً في ظل ما حدث في الاتفاق الأول، فيما أبدى استعداده للاستماع إلى ترمب.
وأضاف عراقجي: “الوضع مختلف وأكثر تعقيداً من السابق. هناك الكثير مما يجب أن يفعله الطرف الآخر لكسب ثقتنا… لم نسمع حتى الآن سوى كلمات مثل: أمر جيد، وهذا بالطبع غير كافٍ”.
“خذوهم إلى جرينلاند”
وأعرب وزير الخارجية الإيراني عن رفضه تصريحات ترمب الأخيرة بشأن الشرق الأوسط، حيث أثارت فكرة الرئيس الأميركي بترحيل سكان قطاع غزة غضباً واسعاً.
وسخر عراقجي من الفكرة بطرح اقتراح آخر، قائلاً: “اقتراحي مختلف. بدلاً من الفلسطينيين، حاولوا طرد الإسرائيليين. خذوهم إلى جرينلاند، وهكذا تضربون عصفورين بحجر واحد”.
وجدد الرئيس الأميركي التعبير عن رغبته في نقل فلسطينيين من قطاع غزة إلى مصر والأردن، رغم الرفض الرسمي من القاهرة وعمّان لهذا المقترح، مشيراً إلى أنه سيلتقي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في واشنطن قريباً، للتفاوض بشأن “حل الدولتين”.
وزعم ترمب في تصريحات لصحافيين، أنه يعتقد أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وملك الأردن عبد الله الثاني سيقبلان بنقل بعض من سكان غزة إلى بلديهما.
وشدد الأردن ومصر، في وقت سابق، على رفضهما أي محاولة لتهجير الفلسطينيين خارج أرضهم، سواء مؤقتاً أو على المدى الطويل.
“إعادة بناء” حلفاء إيران
وخلال الفترة القصيرة التي أمضاها في المنصب، شهد وزير الخارجية الإيراني اغتيال حلفاء وأصدقاء لطهران والإطاحة بهم من السلطة، بحسب Sky News.
وأقر عراقجي خلال المقابلة بتضرر حلفاء إيران، قائلاً: “حماس وحزب الله تعرضا لأضرار. لكن في الوقت نفسه، هما يعيدان بناء نفسيهما، لأن كما قلت، هي مدرسة فكرية، هذه قضية، وهذا هدف سيظل دائماً موجوداً”.
وخلال الحرب التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة من 7 أكتوبر 2023، واصلت واشنطن تقديم الدعم لحليفتها قائلة إنها تساعد إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد جماعات مدعومة من إيران مثل “حماس” في غزة، و”حزب الله” في لبنان، والحوثيين في اليمن.
اتفاق مع الغرب
ووفق شبكة Sky News، فإن الإيرانيين في شوارع طهران، يأملون في التوصل إلى اتفاق مع الغرب يؤدي إلى رفع العقوبات، وتحسين الأوضاع الاقتصادية المتدهورة في البلاد.
وتشير بعض التقديرات إلى أن معدل التضخم في إيران بلغ 50%، في حين يقترب معدل البطالة بين الشباب من 20%، وسجلت العملة الوطنية أدنى مستوياتها على الإطلاق.
وأضافت Sky News أن الثقة بين إيران والولايات المتحدة، بلغت أدنى مستوياتها، مما يجعل التوصل إلى اتفاق ورفع العقوبات “تحدياً كبيراً للغاية”.
وفي ديسمبر الماضي، أفادت صحيفة “وول ستريت جورنال” نقلاً عن مصادر أميركية مطلعة، بأن فريق الرئيس الأميركي ترمب، يدرس خيارات متاحة لمنع إيران من صنع وامتلاك سلاح نووي، بما في ذلك “شن غارات جوية وقائية”، في خطوة من شأنها كسر السياسة القديمة المتمثلة في احتواء طهران بالدبلوماسية والعقوبات.
وذكرت الصحيفة الأميركية، في تقرير، أن خيار توجيه ضربات عسكرية للمنشآت النووية الإيرانية يخضع حالياً لمراجعة أكثر جدية من بعض أعضاء فريق ترمب، فيما عزا بعض المسؤولين بالفريق تلك المناقشات إلى “ضعف موقف إيران الإقليمي والكشف عن تزايد أنشطتها النووية في الآونة الأخيرة”.