أطلقت هيئة المكتبات التابعة لوزارة الثقافة السعودية، مشروع جرد وفرز مصادر المعلومات، بهدف تحويل المكتبات العامة إلى منصّات ثقافية، تشمل الفنون والآداب والمسرح وغيره، في جميع أنحاء المملكة.
يقوم المشروع على تحويل المكتبات العامة إلى مراكز ثقافية تفاعلية تحت مسمى “بيوت الثقافة”، سيصل عددها إلى 153 بيتاً بحلول عام 2030، ويضم كل واحد منها مكتبة، ومسرحاً وقاعات للندوات، وغرف تدريب، وبرامج ثقافية على امتداد العام.
تاريخ ثقافي ضخم
وأكد الدكتور عبد الرحمن العاصم، الرئيس التنفيذي لهيئة المكتبات لـ”الشرق”، أن الهدف من المشروع “هو المحافظة على التراث الثقافي المهم الذي ورثته هيئة المكتبات عن وزارة الثقافة والإعلام سابقاً، ممثلة بالمكتبات العامة، وإدراجه ضمن “بيوت الثقافة”، والاستفادة منه في الحراك الثقافي الجديد الذي يتعزّز مع رؤية 2030”.
وأوضح أن المشروع “شمل المكتبات العامة في المملكة كلها، والبالغ عددها 82 مكتبة، بنت مجموعاتها خلال 50 عاماً، وتمّ إخلاء 42 مكتبة، وهي المباني المستأجرة، لإجراء عملية الفرز وإعادة التأهيل والفهرسة والتصنيف، واستبعاد غير المناسب منها”.
أضاف: “كما تمّ فرز أكثر من 80% من المكتبات، ويوجد لدينا حتى الآن أكثر من 1,100,000 نسخة، وجدنا فيها الكثير من النوادر والمخطوطات المصوّرة، تعود إلى 27,000 عنوان نادر من مختلف المكتبات التي تمّ فرزها، وسيتم حفظها وإعادة توظيفها داخل “بيوت الثقافة”، وإهداء النسخ الأخرى المتكرّرة”.
معايير جديدة
وأشار العاصم إلى أن عملية الفرز تمرّ بمراحل عدّة، من الفرز لاستبعاد الكتب غير الصالحة، ثم الفهرسة الموضوعية، يليها فرز الكتب بحسب تكرار النسخ والندرة، بعدها يتمّ تقييم الكتب النادرة بناءً على تاريخ طباعتها. “فهناك القديمة جداً المطبوعة بالتقنيات الحجرية، إذ وجدنا كتاباً يعود إلى عام 1886، وهناك كتب متهالكة سيتم حفظها وترميمها وإتاحتها رقمياً، فضلاً عن الكتب التي سقطت عنها حقوق الملكية الفكرية”.
أضاف: “تأتي بعد ذلك عملية تغذية مكتبات “بيوت الثقافة” بناءً على معايير محدّدة، منها احتياجات المجتمع وبيت الثقافة، والكتاب السعودي، والبعد الزمني والجغرافي، وعدد النسخ، بحيث لا يكون في المكتبة الواحدة أكثر من ثلاث نسخ للكتاب الواحد”.
كما لفت إلى أن هيئة المكتبات، “تعتمد سياسة بناء المجموعات لتلبية احتياجات كل بيت ثقافي وفقاً لاحتياجات المجتمع”.
بُعد اقتصادي وثقافي
وأشار العاصم إلى أن المشروع يحمل بعداً اقتصادياً إضافة إلى أبعاده الثقافية، ويُسهم في تعزيز الناتج المحلي من خلال حفظ التراث الثقافي المحلي والعربي وإتاحته للجميع، كما أن الكتب والمطبوعات القديمة ذات القيمة الكبيرة التي سقطت عنها حقوق الملكية الفكرية ستتاح رقمياً، ما يفتح المجال أمام فرص اقتصادية واستثمارية جديدة.
تجدر الإشارة إلى أن هيئة المكتبات السعودية، تعمل على العديد من المبادرات والمشروعات الثقافية لتعزيز القراءة، وجعلها ركيزة أساسية لبناء اقتصاد المعرفة، ودعم مجتمع معلوماتي يسهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.