قال وزير الخارجية في الإدارة السورية الجديدة أسعد الشيباني، الأربعاء، إن سوريا سوف “تحتكم إلى الدستور والقانون دون أن تخضع إلى حكم جماعة أو أقليات أو أي أفكار أيديولوجية”، مؤكداً أن الخبراء المشاركين في صياغة الدستور من كافة السوريين، وسيجري الإعلان عن أسمائهم قريباً، ولافتاً إلى رغبة دمشق في إصلاح العلاقات مع دول الخليج.
وأضاف الشيباني خلال جلسة في منتدى “دافوس” مع رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير: “سنصيغ الدستور بعد المؤتمر الوطني”، مشيراً إلى أن “الشعب السوري كان ضحية للنظام السوري السابق، بعد أن قتل أكثر من مليون شخص، ولاذ أكثر من 15 مليون سوري بالفرار من ويلات الحرب”، مؤكداً أنه “يرفض حدوث ذلك في المستقبل”.
وتابع: “علينا تخطي كل التصدعات والتفرقة الطائفية، ليس هناك أي حاجة لمعاقبة أي شخص من أي خلفية دينية، أو طائفية.. سوريا ستكون لكل الشعب السوري، وبناءً عليه سنصوغ رؤيتنا”.
وأشار الشيباني إلى أن الإدارة السورية الجديدة تعتمد على مصادر ناجحة، وتستلهم منها كرؤية السعودية 2030، والنموذج السنغافوري، والسويسري، معتبراً أن سوريا سوف تكون مكان سلام وتطور ونمو، ومكاناً خالياً من الحروب لتنتقل إلى النمو والابتكار.
إصلاح العلاقات مع دول الخليج
وقال الشيباني: “اخترنا زيارة دول الخليج لأننا نريد إصلاح العلاقات بين سوريا وهذه الدول، لأن نظام بشار الأسد أثقلها بالمشاكل من خلال تصدير الكبتاجون، بالإضافة إلى الإساءة لهم، وهذه الدول بالغة الأهمية في المنطقة، لأنها ستساعدنا في المستقبل”.
ويرى الشيباني أن سوريا في الوقت الحالي ليست تهديداً لأي دولة حول العالم، ومضى قائلاً: “سنغير هذه الرؤية التي أسسها نظام الأسد؛ لأن سوريا كانت مصدراً للكبتاجون واللاجئين وكافة التهديدات.. لا نشكل في الوقت الحالي أي تهديد أبداً، ونحن بحاجة إلى مد جسور التعاون مع دول العالم، ونكون دولة سلام”.
ولفت وزير الخارجية إلى أن سوريا لديها لاجئون في جميع أنحاء العالم، واكتسبوا الكثير من الخبرات في تلك البلدان، كما أنهم يتمتعوا بخلفيات متنوعة خلال فترة إقامتهم، معتبراً أنهم “يمثلوا قيمة مضافة لمستقبل سوريا”.
وعن مسألة عودة اللاجئين قال :”الآلاف عادوا لأنهم يحبون بلدهم، حتى من سبق له العيش في الدول الأوروبية أو في كافة أنحاء العالم.. نحن بحاجة لهم لجعل سوريا بلد تنافسي على الصعيد العالمي، ونستحق أن نعيش في مثل هذه الظروف”.
العقوبات الاقتصادية على سوريا
وعن أكبر التحديات التي واجهتها الإدارة السورية الجديدة بعد مرور ما يقرب من 50 يوماً في الحكم، قال:” إنها العقوبات الاقتصادية لقد ترك لنا النظام السابق الكثير من العقوبات التي يجب رفعها، لكونها حالياً تعمل ضد الشعب”، معتبراً أن رفعها سوف يساعد في استقرار دمشق.
وأكد الشيباني أن الإدارة السورية الجديدة ورثت دولة منهارة، موضحاً: “لا توجد منظومة اقتصادية قائمة”، مشدداً على أن أمام دول العالم فرصة كبيرة للاستثمار في سوريا، لا سيما وأنها تتمتع بموارد متنوعة في قطاعات السياحة والصناعة، بالإضافة إلى المواد البشرية، مؤكداً على أن الاقتصاد السوري سوف يكون منفتحاً على الاستثمار الأجنبي المباشر.
وقال وزير الخارجية السوري: “هناك نية لمساعدة سوريا من دول الخليج والاتحاد الأوروبي، ولكن في ظل هذه العقوبات لا يمكنهم مساعدتنا، هذه العقوبات سببها اليوم موجود في موسكو، في حال أراد العالم معاقبته”، في إشارة إلى الرئيس السوري السابق بشار الأسد الذي منحته روسيا حق اللجوء الإنساني.
وأضاف: “لا نود أن نحول سوريا إلى منطقة بحاجة دائمة إلى الدعم الإنساني، نحتاج إلى بناء بلدنا سريعاً من خلال التركيز على الطاقة، لا سيما وأن لدينا مشكلة في قطاع الكهرباء، لذلك أقمنا العديد من الشراكات لتحسينها”.
وعن دور المرأة في مستقبل سوريا قال: “المرأة تحظى بتقدير، ويجب أن يكون دورها نشط في مستقبلنا، وهي طرف في الجهود الحالية لبناء سوريا الجديدة، لا سيما أنها عانت خلال 14 سنة الماضية”.
وتابع: “من موقعي أقول يجب منحها حقوقها من دون أي ضغوط عليها؛ لأنها جزء من الصور الكاملة لسوريا”، مشيراً إلى أنه من البديهي أن تكون حاضرة في الحكومة.
سوريا في دافوس
وأوفدت الحكومة السورية الجديدة وزير الخارجية، أسعد الشيباني، لتمثيلها في اجتماعات المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس بسويسرا.
هذه المشاركة، التي وصفها الشيباني بأنها “الأولى من نوعها في تاريخ البلاد”، تُعد خطوة رمزية وعملية نحو كسر عزلة دامت عقوداً، وإعادة دمج سوريا في النظام الدولي.
تأتي هذه الخطوة في إطار مسعى واضح نحو تطبيع العلاقات مع المجتمع الدولي، وفتح الباب أمام مساعدات واستثمارات أجنبية ضرورية لإعادة بناء الاقتصاد المدمر بفعل الحرب. ويأمل الشيباني أن تُسهم هذه المشاركة في وضع سوريا مجدداً على الخارطة الاقتصادية العالمية، في وقت تُواجه فيه البلاد تحديات هائلة على جميع المستويات.