أعرب نائب الرئيس الإيراني للشؤون الاستراتيجية، محمد جواد ظريف، الأربعاء، عن أمل بلاده في أن “ينتهج الرئيس الأميركي دونالد ترمب مساراً عقلانياً”، وأن “يكون أكثر جدية وتركيزاً في تعامله مع طهران”، مشدداً على أن “إيران اكتسبت المزيد من القدرات النووية منذ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي”.
وأضاف ظريف خلال جلسة في منتدى “دافوس” مع المحلل السياسي ومقدم برنامج GPS بشبكة CNN فريد زكريا، أن “إيران لا تشكل تهديداً أمنياً للعالم”، قائلاً: “لو أردنا إنتاج أسلحة نووية لفعلنا ذلك منذ زمن بعيد”، حسبما ذكرت وكالة الأنباء الإيرانية “إرنا”.
وذكر ظريف أن “إيران لا تشكل أي تهديد أمني کما يحاول البعض تقديم هذه الصورة عنها، ويلجؤون إلى آليات مثل الترويج لمخطط الرهاب من إيران”، وفق تعبيره، لتبرير ممارساتهم ضد الأبرياء بما في ذلك في غزة، مؤكداً أن “هذه المزاعم لا أساس لها”.
وفي ولايته الأولى انسحب ترمب في 2018 من الاتفاق النووي الذي أبرمته طهران مع قوى عالمية عام 2015، إذ أعاد فرض عقوبات أميركية قوية في إطار سياسته الرامية إلى تطبيق أقصى درجات الضغط على إيران.
وتعهد ترمب بالعودة إلى السياسة التي انتهجها في ولايته الأولى، التي سعت إلى استخدام الضغوط الاقتصادية لإجبار طهران على التفاوض على اتفاق بشأن برنامجها النووي، وبرنامجها للصواريخ الباليستية، وممارساتها الإقليمية.
وتزايدت المخاوف بين كبار صناع القرار في طهران من أن ترمب قد يسمح خلال ولايته الثانية لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بضرب المواقع النووية الإيرانية، بالتزامن مع تشديد العقوبات الأميركية على صناعة النفط في البلاد.
وقد تُضطر طهران نتيجة لتلك المخاوف، فضلاً عن تزايد السخط في الداخل، بسبب المصاعب الاقتصادية إلى الانخراط في مفاوضات مع إدارة ترمب بشأن برنامجها النووي.
علاقات إيران الإقليمية
وفي معرض إشارته إلى سياسة الضغوط القصوى الأميركية، قال ظريف: “لقد فشلت محاولات واشنطن عن ثني إيران لمواصلة الطريق، وكانت النتيجة الوحيدة لسياساتهم ممارسة ضغوط اقتصادية ثقيلة على الشعب الإيراني”.
وأشار إلى أن” سياسات إيران النووية، على عكس الاتهامات التي وجهتها بعض الدول، كانت مبنية على المبادئ السلمية، ولم تتجه أبداً نحو إنتاج الأسلحة النووية”.
وقال ظريف بشأن التوترات في المنطقة بين طهران وتل أبيب، إن “النقطة المهمة هي أن عنوان المشكلة خاطئ، فإن القضية في المنطقة ليست مرهونة بإيران، وإنما يتعلق الأمر بسلوك إسرائيل، وسياسته القائمة على الفصل العنصري، والإبادة الجماعية، وانتهاك الحقوق الفلسطينية، وطالما ظلت القضية الفلسطينية من دون حل فإن المقاومة ستستمر بدعم إيراني أو بدونه”.
وحول علاقات إيران الإقليمية، صرح مساعد رئيس الجمهورية بأن “إيران مستعدة على الدوام للتفاوض والتعاون مع دول المنطقة، واقتراحنا بإنشاء آلية حوار إقليمية تسمى “منتدى حوار غرب آسيا”، يعكس التزامنا بالسلام والاستقرار الإقليميين، مؤكداً بأن إيران لن تشكل أي تهديد للأمن الإقليمي فحسب، وإنما سعت دائماً إلى التعاون والتفاعل مع جيرانها”.
تفتيش البرنامج النووي الإيراني
في المقابل، ذكر رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل جروسي، الأربعاء، أن الوكالة لا تقوم بتفتيش البرنامج النووي الإيراني بشكل كافٍ بينما تقترب طهران من اليورانيوم المستخدم في صنع الأسلحة.
وقال جروسي على هامش قمة المنتدى الاقتصادي العالمي الجارية في دافوس: “نحن لا نقوم بالتفتيش على المستويات أو الأماكن التي نعتقد أنه يجب علينا تفتيشها”.
وقال إن مخزون إيران من اليورانيوم المخصب لدرجة نقاء تصل إلى 60% يبلغ نحو 200 كيلوجرام، وتقترب هذه الدرجة من النقاء من المستوى اللازم لصنع الأسلحة النووية وهو 90%.
وأضاف جروسي في معرض حديثه أن الوكالة ليس لديها دليل على أن طهران تبني سلاحاً نووياً لكن طهران لا تتعاون بشكل كامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وقال: “لم نحصل على تعاون إيران الكامل في توضيح بعض الأمور المهمة حول الأنشطة الماضية وربما الحالية”، حيث لا يزال حوالي ثلث المفتشين محظورين من قبل طهران.
وقال جروسي إنه مع أداء دونالد ترمب اليمين الدستورية كرئيس للولايات المتحدة “هناك توقعات بأن الأمور قد تتحرك مرة أخرى … لإضفاء المزيد من اليقين على هذا الوضع المتقلب للغاية في إيران”.
تفاهمات مع ترمب
ودعا جروسي إيران، الثلاثاء، إلى التوصل إلى تفاهم مع الإدارة الأميركية الجديدة، معرباً عن مخاوفه بشأن مخزون طهران المتزايد من اليورانيوم عالي التخصيب.
وفقاً للوكالة الدولية للطاقة الذرية، زاد إنتاج إيران من اليورانيوم عالي التخصيب بشكل كبير. في ديسمبر الماضي، عززت البلاد قدرتها الإنتاجية سبعة أضعاف إلى حوالي 34 كيلوجراماً (75 رطلاً) شهرياً.
كما نما مخزون إيران من اليورانيوم المخصب بنسبة 20% بمقدار 18 كيلوجراماً في الربع الأخير، مما أثار المزيد من المخاوف.
كما تعمل القوى الأوروبية، بما في ذلك فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة، على زيادة تدقيقها. وقد وجهوا الوكالة الدولية للطاقة الذرية بإعداد تقرير خاص عن الأنشطة النووية الإيرانية خلال النصف الأول من عام 2025.
ومن المتوقع أن يتم تقديم التقرير إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، والذي قد ينظر في إعادة فرض العقوبات الأممية قبل انتهاء صلاحيتها في أكتوبر.