لا يتدخل إيلون ماسك، الملياردير وحليف الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، في السياسة الأميركية فحسب، إذ أعلن دعمه حزباً سياسياً ألمانياً يمينياً متطرفاً، ما أثار جدلاً واسعاً وأعاد تسليط الضوء على نفوذه المتنامي وتدخلاته في الشؤون الداخلية للدول الأوروبية، وبينها بريطانيا وإيطاليا، وفق “نيويورك تايمز”.
وصعد نفوذ ماسك داخلياً في السياسة الأميركية بشكل كبير، وبات يوصف بـ”الرئيس المشارك”، فيما سخر البعض من تنامي نفوذه لدرجة وصف ترمب بأنه “نائب الرئيس”، خاصة بعدما هدد ماسك أعضاء الكونجرس الجمهوريين، وقادت منشوراته لإلغاء اتفاق بين الحزبين بشأن الموازنة في الكونجرس.
وأشار ماسك الجمعة، على منصة “إكس”، إلى الحزب المناهض للهجرة، البديل من أجل ألمانيا، بالأحرف الأولى من اسمه الألماني AfD، “فقط حزب البديل من أجل ألمانيا يمكنه إنقاذ ألمانيا”.
وجاء تعليق ماسك على مقطع فيديو باللغة الإنجليزية لمؤثرة ألمانية من أقصى اليمين تبلغ من العمر 24 عاماً، تدعى نعومي سيبت.
وانتقدت سيبت في الشريط القصير، زعيم الديمقراطيين المسيحيين المحافظين CDU فريدريش ميرز، الذي تضعه استطلاعات الرأي على رأس المستشارية المقبلة، وأشادت بالرئيس الليبرالي للأرجنتين خافيير ميلي.
وجاء منشور ماسك، الذي حظي بأكثر من 25 مليون مشاهدة في حوالي 10 ساعات، في الوقت الذي تبدأ فيه ألمانيا ما توصف بأنها ستكون “حملة انتخابية عدوانية”، حيث ستجري البلاد انتخابات مبكرة في 23 فبراير، بعد انهيار ائتلاف المستشار أولاف شولتز المكون من ثلاثة أحزاب في نوفمبر الماضي.
“تدخل غير لائق ومثير للمشاكل”
وتصنف أجهزة الاستخبارات المحلية في ألمانيا عناصر من حزب البديل، على أنه “يميني متطرف”، وتعهدت الأحزاب الرئيسية برفض العمل معه على الصعيد الوطني، ووصفه شولتز وآخرون بأنه “تهديد للديمقراطية الألمانية”.
في المقابل، حظي تأييد ماسك للحزب باستجابة سريعة من أليس فيديل، المرشحة الأولى لحزب البديل لألمانيا في الانتخابات المقبلة. وقالت في منشور على “إكس”: “نعم! “أنت على حق تماماً”.
ووصف وزير الصحة الألماني كارل لاوترباخ، قرار ماسك بالتدخل في المناقشة السياسية الألمانية قبل أسابيع من الانتخابات المبكرة بأنه “غير لائق ومثير للمشاكل للغاية”.
وفي مؤتمر صحافي في برلين الجمعة، رد شولتز بشكل غير مباشر على منشور ماسك، قائلاً: “لدينا حرية التعبير هنا. وهذا ينطبق أيضا على المليارديرات. تعني حرية التعبير أيضاً أنك قادر على قول أشياء غير صحيحة، ولا تحتوي على نصيحة سياسية جيدة”، حسبما نقلت “الجارديان”.
في وقت متأخر من الجمعة، بعد سقوط شخصين على الأقل وإصابة العشرات في هجوم على سوق عيد الميلاد في مدينة ماجديبورج الألمانية، ضاعف ماسك من هجومه، حيث غرد: “يجب على شولتز الاستقالة على الفور. أحمق غير كفء”.
قلق في واشنطن
في واشنطن، دق الديمقراطيون وحتى بعض الجمهوريين ناقوس الخطر، مشيرين إلى التأثير الكبير لماسك على ترمب.
ونشر آدم كينزينجر، عضو الكونجرس السابق من الحزب الجمهوري من إلينوي والمعارض السابق لترمب، على “إكس”: “إنه حرفياً حزب نازي جديد. ولا أمزح حتى”، في إشارة إلى البديل من أجل ألمانيا، الذي يدعمه ماسك.
كما قال السيناتور كريس مورفي، الديمقراطي من ولاية كونيتيكت، في مقابلة مع شبكة CNN، “هذا ليس طبيعياً”.
وأضاف: “ما يعتقده إيلون ماسك يميل في النهاية إلى أن يكون هو نفسه ما يعتقده رئيس الولايات المتحدة. وإذا اتخذت الولايات المتحدة موقفاً رسمياً لصالح النازيين الجدد في ألمانيا، فهذا كارثي تماماً”.
وينشر ماسك تغريدات بشكل متكرر، ويبدي رأيه في السياسة والأعمال، وينشر صوراً ساخرة أو يشارك الثناء من المعجبين. ولكن مؤخراً، ومع تزايد تقاربه مع الرئيس ترمب، اكتسبت آراؤه وزناً أكبر في العالم، كما أفشل الأربعاء، الجهود المبذولة في الكونجرس لتمرير مشروع قانون الإنفاق بهدف تجنب إغلاق الحكومة.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، قدم ماسك دعمه لنائب رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو سالفيني، زعيم حزب الرابطة المناهض للهجرة، بعد اتهامه برفض السماح لقارب مهاجرين بالرسو بشكل غير قانوني قبل خمس سنوات. (وبرأت محكمة في باليرمو سالفيني الجمعة).
وفي بريطانيا، ألقى ماسك بثقله خلف حزب متمرد آخر مناهض للهجرة، وهو حزب الإصلاح البريطاني، الذي يقوده منذ فترة طويلة نايجل فاراج.
وذكرت “نيويورك تايمز” أن فاراج وأمين الصندوق الجديد لحزب الإصلاح، نيكي كاندي، التقيا الاثنين ماسك في مارالاجو، في فلوريدا، لمناقشة إمكانية التبرع مالياً لصالح الحزب.
وبعد اللقاء، نشر فاراج صورة له مع كاندي وماسك مع تعليق “بريطانيا بحاجة إلى الإصلاح”، فيما رد ماسك على المنشور قائلاً “بالتأكيد”.
كما خاض ماسك معارك متكررة عبر الإنترنت مع حكومة حزب العمال البريطانية، متهماً إياها باستخدام تكتيكات الدولة البوليسية في ملاحقة الأشخاص الذين استخدموا منصة “إكس” لنشر معلومات مضللة بعد اندلاع أعمال شغب مناهضة للمهاجرين في جميع أنحاء بريطانيا الصيف الماضي، في أعقاب حادث طعن.
في وقت سابق، زعم ماسك أن “الحرب الأهلية” كانت حتمية في بريطانيا. وبعد أن قام رئيس الوزراء كير ستارمر بتفعيل خطة طوارئ لتخفيف الضغوط على السجون المكتظة، والتي بموجبها يمكن احتجاز المتهمين لفترة أطول في الزنازين حتى تتوفر أماكن في السجون، كتب ماسك: “تتحول المملكة المتحدة إلى دولة بوليسية”.