استضافت القاهرة النسخة التاسعة من معرض “كايرو كوميكس”، الذي تنظّمه مؤسسة الفن التاسع للنشر، بالتعاون مع المعهد الفرنسي في القاهرة، والمركز الثقافي الإسباني، وقطاع الفنون التشكيلية في وزارة الثقافة المصرية، وذلك في مركز الفنان محمود مختار الثقافي.
استطاع المعرض أن يجذب محبّي القصص المصوّرة على مدى ثلاثة أيام، سواء المهتمين بالقراءة، أو أصحاب الموهبة الذين يبحثون عن فرصة للدخول إلى صناعة القصص المصوّرة.
يعدّ “كايرو كوميكس”، أوّل معرض متخصص في فن الكوميكس، وأكبر تجمّع لناشري القصص المصوّرة في مصر، ويهدف إلى تطوير هذا الفن، في مصر والشرق الأوسط، وإيجاد مساحة للفنانين المستقلين، لعرض وبيع معروضاتهم من الكتب والرسوم.
واختار المعرض هذا العام شخصية “كسلان” الشهيرة من مجلة “ماجد”، لتكون شخصية المعرض، وافتتح ضمن فعالياته معرضاً خاصاً يحكي تاريخ ظهور شخصية كسلان، التي ابتكرها الفنان المصري مصطفى رحمة، وهو شكّل مع المؤلف أحمد عمر، ثنائياً ناجحاً في مجلة “ماجد”، التي تصدرها مؤسسة الاتحاد في دولة الإمارات.
واستطاعت هذه الشخصية الكرتونية، أن تحقّق نجاحاً كبيراً، وارتبط بها جيل الثمانينيات والتسعينيات بشكلٍ كبير.
على طاولات العرض المنتشرة في مركز الفنان محمود مختار الثقافي، تراصت أعمال الفنانين، وغالبيتهم من الشباب، وتنوّعت ما بين قصص مُصوّرة وبوسترات وحقائب، كل منها يحمل طابعاً خاصاً.
الفنان بولا أمين يقف أمام مجموعة من رسوماته، التي تظهر وحوشاً ويغلب عليها اللون البرتقالي، وتحدث عن مشاركته للمرة الرابعة في المعرض، ومحاولة تقديم أعمال مختلفة.
هذا العام يعرض أمين، قصّة مصوّرة تحمل اسم “وصفة لعلاج الاكتئاب”، وهي تجربة شخصية حول معاناته مع مرض الاكتئاب، ويظهر في الألوان وطبيعة الرسومات، سواء البوسترات أو الرواية.
يجد أمين أن الصورة، يجب أن تحكي قصة، ويقول: “المدرسة الأميركية في الكوميكس، تركز على الأبطال الخارقين، والمدرسة الفرنسية لها اتجاه فكري وفني أكبر، ونحن في مصر، نميل إلى المدرسة الفرنسية، لكن الشباب يحاولون تقديم اتجاه يحمل الروح المصرية سواء في الرسوم أو النصوص، وأنا شخصياً أحاول المزج بين الفن القبطي والإسلامي والفنون الشعبية”.
أما يوسف زيدان المسؤول عن (Art rush studio) وهم مجموعة أصدقاء مهتمين بفن “الكوميكس”، فيقول: “فكرنا منذ سنوات بإنتاج قصص مصوّرة للمراهقين، في ظلّ غياب إنتاج كافي لهذه الفئة العمرية، وبدأنا بالبحث عن مهتمين بالرسم وكذلك من لديهم أفكار تحمل الطابع المصري”.
ولأنهم مجموعة من الفنانين المستقلين، فعادة ما يبدأ العمل في يناير استعداداً للمشاركة بالإنتاج الجديد، في معرض “كايرو كوميكس” الذي يشاركون فيه منذ بداية انطلاقه قبل تسعة أعوام؛ وهو يعدّ فرصة أمام عشّاق القصص المصوّرة، وكل عام يشهد إقبالاً أكبر وزيادة في عدد الرسامين المشاركين.
يرى زيدان “أن الكوميكس اليابانية تميل للأساطير، ومعتمدة على اللونين الأبيض والأسود، بينما الكوميكس المصري أقرب للمدرسة الفرنسية التي تحكي عن مشاكل الشارع، ولكن بشكل كوميدي”.
يقدّم المعرض فرصة للرسامين لعرض إنتاجهم، ويعرض أيضاً أحدث المطبوعات العربية والعالمية من القصص المصوّرة، إلى جانب الندوات التي تعرض تجارب الفنانين وما يدور خلف الكواليس، خلال فترة الإعداد.
يوضح أحمد توفيق، رسام ومؤلف قصص، والمدير الفني لمهرجان “كايرو كوميكس”، أن المعرض “يهتم بشكل خاص بالكوميكس المصري والعربي، ويدعو الفنانين من أنحاء العالم لعرض تجاربهم، ومراحل العمل المختلفة، كي يطلع الفنانين الشباب الأسماء الكبيرة في عالم القصص المصوّرة، والتواصل بين دور النشر والفنانين المستقلين”.
ويعتبر أن أعمال الكوميكس “قد تجد طريقها إلى عالم السينما، وهو ما حدث مثلاً مع قصّة “شحاذون ونبلاء”، للكاتب ألبير قصيري، التي صدرت كقصّة مصوّرة بالتعاون مع الفنان الفرنسي جولو، قبل أن تتحوّل إلى فيلم سينمائي للنجم صلاح السعدني.