عرضت شركة XPANCEO الناشئة تقنياتها المتطورة في مجال صناعة العدسات الإلكترونية للعين، والتي تستهدف جعلها الجهاز الشخصي الوحيد الذي يعتمد عليه المستخدمون في حياتهم اليومية بدلاً من مختلف الأجهزة الأخرى من ساعات ذكية، ومنصات ألعاب، وهواتف محمولة، وحواسيب شخصية، وذلك خلال مؤتمر Leap 2025 المقام في العاصمة السعودية، الرياض.
وقال فالنتين فولكوف، أحد مؤسسي XPANCEO والمسؤول عن قطاع البحث العلمي بالشركة، إن العين البشرية تتضمن مجموعة من الأعصاب التي تجعلها منصة تحكم مثالية يمكن الاعتماد عليها لتعزز من تجربة المستخدم مع واقعه الذي يعيش فيه بشكل يومي من خلال تطوير قدراته في التفاعل مع العالم، وكذلك تتبع متغيرات جسمه الحيوية.
وركز فالنتين، في حديث لـ”الشرق”، على أن العدسة التي تطورها شركته تستهدف في المقام الأول أن تكون جهاز طبي، يسهل تتبع المتغيرات الحيوية، مثل معدل نبض القلب ومستوى التوتر ونسبة الكورتيزول، وعدد لا حصر له من المعلومات الممكن جمعها من خلال مستشعرات يمكن تضمينها داخل العدسات الإلكترونية.
وأضاف: “لذلك نحن نضع على قمة أولوياتنا الحصول على تراخيص من هيئات الاعتماد الحكومية لبدء التجارب السريرية”.
عدسة إلكترونية للعين.. منظور جديد
يعد دمج تقنيات متقدمة مثل أنظمة عرض مجهرية Micro Projectors، والمستشعرات البيولوجية، والإلكترونيات الدقيقة داخل عدسة لاصقة صغيرة تحدياً هندسياً معقداً.
ولتخطي هذا التحدي، أسس كلا من الدكتور فولكوف وشريكه رائد الأعمال رومان أكسيلورد شركة XPANCEO في 2021، وتضم فريقاً من 40 عالماً ومهندساً من جامعات ومراكز بحثية رائدة عالمياً.
وكان فريق XPANCEO لديه رؤية ذات منظور جديد للتحدي الذي تواجهه، فبدلاً من استخدام المواد التقليدية لتصنيع العدسات الإلكترونية، اعتمد الفريق على استخدام مواد منخفضة الأبعاد بسمك لا يتجاوز الذرة، إلى جانب البصريات المتقدمة، واستخدام تقنيات الجزيئات الضوئية النانوية Nano Photonics، والموصلات المرنة الشفافة.
ونجح فريق البحث والتطوير بالشركة في ابتكار ثلاثة نماذج أولية لعدسات لاصقة ذكية، إحداها عدسة هولوجرافية، ويتميز هذا النموذج بشاشة بدقة 640×480 بكسل وسُمك لا يتجاوز 0.2 مليمتر، أي ما يعادل سمك شعرة الإنسان.
وتتيح هذه العدسة عرض الصور بجودة كانت في السابق متاحة فقط عبر النظارات أو خوذات الواقع المعزز والافتراضي.
أما النموذج الثاني فهو الإصدار الطبي من عدسات الشركة، والذي يحتوي على مستشعرات بيولوجية مدمجة، تعمل على تحليل السائل الدمعي الذي تفرزه العين بشكل مستمر، ما يسمح بقياس مستويات الجلوكوز، الكورتيزول، والهرمونات الأخرى.
كما أن المستشعرات قادرة على قياس الاهتزازات والتغيرات الهيكلية في العين، مما يساعد في رصد معدل ضربات القلب، ومستوى ترطيب العين، وضغطها.
بينما النموذج الثالث، تطلق عليه الشركة اسم “العدسة الذهبية”، وذلك لأنه يستخدم موصلات ذهبية هي الأرقى في العالم، ويعتمد تكوينها على تقنية الذهب شبه ثنائي الأبعاد، والتي لا تزال قيد الحصول على براءة اختراع، وهذه التقنية تتيح توصيلاً كهربائياً فائق الكفاءة داخل العدسة، ما يسهم في تعزيز وظائفها الذكية.
تجربة فريدة وتطبيقات واعدة
وأشار دكتور فالنتين إلى أن العدسة الذكية بفضل المستشعرات المدمجة بها تتيح مستوى تحكم وتجربة مميزة للمستخدم، إذ إن المستخدم لن يحتاج إلى حركات يديه أو عينيه ليتفاعل مع الواجهات البرمجة والمحتوى الظاهر أمام عينيه، لأن الاعتماد الرئيسي سيكون على قراءة الإشارات العصبية الصادرة من العين إلى المخ، ليتم تنفيذ الأوامر بشكل آني، وذلك من خلال رصد العدسة للنشاط الكهربي للعصب البصري.
وألمح مدير القطاع البحثي بالشركة إلى أن فرق الشركة تستكشف أيضاً إمكانية استخدام حركة اللسان كذراع تحكم طبيعي يعتمد عليه المستخدم للتفاعل مع المحتوى والواجهات البصرية الظاهرة أمام عينيه داخل العدسة، إلا أنه أشار إلى أن التحكم العصبي أكثر فاعلية، إذ تصل دقته إلى 95%.
ويقول دكتور فالنتين إن العدسات الإلكترونية تقدم تجربة مريحة للعين، نظراً إلى أن المحتوى يُعرض مباشرة أمام عدسة العين البشرية، مما يجعلها قادرة على رؤيته بسهولة، وذلك على عكس التجربة مع النظارات الذكية، والتي تتطلب تغيير درجة التركيز للعين بين المحتوى المعروض داخل عدسة النظارة وبين العناصر التي تقع خلف المحتوى في العالم الحقيقي، مما قد يسبب إرهاقاً زائداً للعين.
وللحصول على تجربة أفضل، أكد الدكتور فالنتين لـ”الشرق” أن الشركة تطور تقنياتها البصرية حالياً لخفض حجم البيكسلات من 3 ميكرون إلى 1 ميكرون، مما سيزيد من كثافة توزيع البيكسلات، وبالتالي سيزيد ذلك من دقة وضوح المحتوى أمام عيني مرتدي العدسة الجديدة.
ووضع مدير XPANCEO للقطاع البحثي نهاية 2026 كهدف لبدء التجارب السريرية، أما عن الموعد المتوقع لوصول العدسة إلى الأسواق، فقال: “العامل الوحيد لتحديد ذلك هو مدى استعداد المستخدمين لقبول ارتداء العدسات الإلكترونية، والاعتماد عليها جهازهم المفضل في استخداماتهم اليومية”.