قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب إن الرسوم الجمركية التي فرضها على المكسيك وكندا والصين قد تسبب ألماً “قصير الأمد” للأميركيين في الوقت الذي تسود فيه المخاوف الأسواق العالمية من أن تقوض الرسوم النمو وتؤجج التضخم.
وأشار ترمب إلى أنه سيتحدث الاثنين مع زعماء كندا والمكسيك، اللتين أعلنتا عن فرض رسوم جمركية مضادة، لكنه قلل من التوقعات بأنهما ستغيران رأيه.
وأوضح ترمب للصحافيين لدى عودته إلى واشنطن من منتجعه مار إيه لاجو في فلوريدا: “لا أتوقع أي شيء مؤثر. إنهم مدينون لنا بالكثير من المال، وأنا متأكد من أنهم سيسددون”.
وشدَّدَ أيضاً على أن الرسوم الجمركية “ستطبق بالتأكيد” بالنسبة للاتحاد الأوروبي، لكنه لم يذكر متى.
واعتبر خبراء اقتصاد أن خطة الرئيس الجمهوري لفرض رسوم جمركية بنسبة 25% على كندا والمكسيك و10% على الصين، أكبر 3 شركاء تجاريين للولايات المتحدة، من شأنها أن تبطئ النمو العالمي وتدفع الأسعار إلى الارتفاع بالنسبة للأميركيين.
ويقول ترمب إن هذه الإجراءات ضرورية للحد من الهجرة والاتجار بالمخدرات وتحفيز الصناعات المحلية.
وأضاف: “قد نعاني من بعض الألم على المدى القصير، والناس يفهمون ذلك. ولكن على المدى الطويل، تعرضت الولايات المتحدة للخداع من جانب كل دول العالم تقريباً”.
إجراءات مضادة
قال مسؤول حكومي كبير، الأحد، إن كندا ستتخذ إجراء قانونياً أمام الهيئات الدولية ذات الصلة للطعن على الرسوم الجمركية التي فرضتها الولايات المتحدة ووصفها بأنها غير قانونية وغير مبررة.
وتأتي هذه التعليقات بعد يوم من إعلان رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو عن مجموعة واسعة من الرسوم الجمركية المضادة بنسبة 25% على السلع الأميركية رداً على الرسوم التي أعلنها ترمب.
وفرضت كندا رسوماً جمركية على 1256 منتجاً، أو 17% من إجمالي المنتجات المستوردة من الولايات المتحدة، بدءاً من يوم الثلاثاء. وتشمل هذه المنتجات عصير البرتقال وزبدة الفول السوداني والنبيذ والبيرة والدراجات النارية ومستحضرات التجميل وغيرها، والتي ستصل قيمتها الإجمالية إلى 30 مليار دولار كندي.
بدورها نددت حكومة الصين، الأحد، بالرسوم التي فرضتها إدارة ترمب، وقالت وزارتا المالية والتجارة إن بكين ستطعن على القرار في منظمة التجارة العالمية، وهو إجراء رمزي، وستتخذ “إجراءات مضادة” رداً على الرسوم التي تدخل حيز التنفيذ يوم الثلاثاء دون تحديد طبيعة تلك الإجراءات.
ولم يصل رد الصين إلى حد التصعيد الفوري الذي اتسمت به الحرب التجارية مع ترمب خلال ولايته الرئاسية الأولى بل جاء مماثلاً للهجة تصريحات محسوبة بدقة استخدمتها الصين في الأسابيع القليلة الماضية.
وقالت وزارة التجارة الصينية في بيان إن فرض الرسوم الجمركية الأميركية “ينتهك بشكل خطير” قواعد التجارة العالمية وحثت الولايات المتحدة على “التواصل في حوار صريح وتعزيز التعاون”.
وتقديم الصين لطعن لدى منظمة التجارة العالمية لا يكبد واشنطن أي خسائر أو أضرار فورية مباشرة.
لكن الصين ردت بحدة الأحد فيما يتعلق بمادة الفنتانيل، وهي مسألة كانت إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن تحث فيها بكين أيضاً على اتخاذ إجراءات صارمة ضد شحنات المواد الكيميائية الأولية المصنعة في الصين واللازمة لتصنيع المادة.
وقالت وزارة الخارجية الصينية “الفنتانيل مشكلة أميركا… لقد نفذ الجانب الصيني تعاوناً واسع النطاق في مكافحة المخدرات مع الولايات المتحدة وحقق نتائج ملحوظة”.
أسواق المال تترقب
واستعدت الشركات في أميركا الشمالية لرسوم جديدة يمكن أن تقلب القطاعات رأساً على عقب، من السيارات إلى السلع الاستهلاكية إلى الطاقة.
وستغطي الرسوم الجمركية التي فرضها ترمب ما يقرب من نصف إجمالي الواردات الأميركية، وستتطلب من الولايات المتحدة مضاعفة إنتاجها الصناعي لتغطية الفجوة، وهي مهمة كتب محللون في (آي.إن.جي) إنها غير قابلة للتنفيذ في المدى القريب.
وفي مذكرة صدرت الأحد، قال المحللون: “من الناحية الاقتصادية، فإن تصاعد التوترات التجارية يمثل وضعاً خاسراً لجميع البلدان المعنية”.
ورجّح محللون آخرون أن الرسوم الجمركية قد تدفع كندا والمكسيك إلى الركود وتؤدي إلى “الركود التضخمي”، أي ارتفاع التضخم وركود النمو الاقتصادي وارتفاع معدلات البطالة في الداخل.
ومن المقرر أن تدخل الرسوم الجمركية التي فرضها ترمب، والموضحة في 3 أوامر تنفيذية، حيز التنفيذ في الساعة 12:01 صباحاًً بتوقيت شرق الولايات المتحدة (05:01 بتوقيت جرينتش) يوم الثلاثاء.
وقال بعض المحللين إن هناك بعض الأمل في إجراء مفاوضات، وخاصة مع كندا والصين.
وذكر خبراء اقتصاد في “جولدمان ساكس” إن الرسوم من المرجح أن تكون مؤقتة، لكن التوقعات غير واضحة لأن البيت الأبيض وضع شروطاً عامة للغاية لإلغائها.
وأظهر استطلاع للرأي أجرته “رويترز/إبسوس” ونشر الأسبوع الماضي أن الأميركيين منقسمون بشأن الرسوم الجمركية، إذ عارض 54% منهم الرسوم الجمركية الجديدة على السلع المستوردة وأيدها 43%، وكان الديمقراطيون أكثر معارضة والجمهوريون أكثر دعماً.