وجّهت المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل، انتقادات علنية نادرة، الخميس، لزعيم حزبها الاتحاد الديمقراطي المسيحي، فريدريش ميرز، لتمريره مقترحات “صارمة” في البرلمان، بشأن قواعد الهجرة، بدعم من حزب البديل من أجل ألمانيا AFD اليميني المتطرف، متهمةً إياه بالتخلي عن تعهده السابق بعدم العمل مع الحزب في البوندستاج (البرلمان).
وفي محاولة لإظهار التزام كتلة الاتحاد اليمينية الوسطية بخفض الهجرة غير الشرعية، بعد هجوم بسكين مميت الأسبوع الماضي شنه طالب لجوء مرفوض، قدم ميرز اقتراحاً غير ملزم إلى البرلمان يدعو فيه ألمانيا إلى ترحيل المزيد من المهاجرين، وقد مر هذا الإجراء بصعوبة بفضل دعم الحزب اليميني المتطرف.
وعلى الرغم من أن “القرار غير ملزم”، إلا أنها كانت المرة الأولى منذ الحرب العالمية الثانية، التي يعتمد فيها حزب رئيسي على مجموعة من أقصى اليمين للحصول على الأغلبية، مما أثار موجة من الغضب يمكن أن تقلب السباق الانتخابي، وفق “بلومبرغ”، قبل التصويت المقرر في فبراير المقبل.
وفي تدخل مباشر نادر للغاية في السياسة منذ انتهاء ولايتها الأخيرة في عام 2021، أشارت ميركل، الزعيمة السابقة للاتحاد الديمقراطي المسيحي، إلى أن ميرز قال في نوفمبر الماضي، إنه لا ينبغي تمرير أي تدابير بدعم من حزب البديل لألمانيا قبل انتخابات 23 فبراير.
وفي إشارة إلى هجوم بافاريا، الذي لقي فيه شخصان حتفهما، أحدهما طفل يبلغ من العمر عامين، حثت ميركل “جميع الأحزاب الديمقراطية على العمل معاً”. وأضافت: “ليس عن طريق مناورات تكتيكية، ولكن بصراحة، وبأسلوب معتدل وعلى أساس القانون الأوروبي المعمول به، لبذل كل ما هو ممكن لمنع مثل هذه الهجمات الرهيبة في المستقبل”.
وتولى ميرز رئاسة حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي بعد استقالة ميركل، من منصب المستشارة في عام 2021. وباعتباره شخصية أكثر محافظة، فقد اتخذ ميرز موقفاً أكثر تقييداً بشأن الهجرة. وقال الأسبوع الماضي، إن ألمانيا لديها “سياسة لجوء وهجرة مضللة” استمرت لعقد من الزمان، منذ سمحت ميركل بأعداد كبيرة من المهاجرين بدخول البلاد.
تقويض “جدار الحماية”
وأثارت أحزاب يسار الوسط الحاكمة في ألمانيا، شكوكاً بشأن خطوة ميرز الأخيرة، وما إذا كان مقتنعاً بفكرة اقتسام الحكم مع اليمين المتطرف بعد تصويت الأربعاء الماضي.
وتظهر استطلاعات الرأي، أن حزب الاتحاد بزعامة ميرز يتقدم قبل انتخابات 23 فبراير بنحو 30% من الدعم، في حين يحتل حزب البديل لألمانيا المركز الثاني بنحو 20%، بينما يتأخر الحزب الديمقراطي الاجتماعي من يسار الوسط بزعامة أولاف شولتز وشركاؤه المتبقون في الائتلاف، حزب الخضر.
واتهم المنتقدون ميرز، بكسر أحد المحرمات في السياسة الألمانية بعد الحرب وتقويض “جدار الحماية”، الذي أقامته الأحزاب التقليدية بهدف إبعاد حزب البديل من أجل ألمانيا عن السلطة. وقال المستشار أولاف شولتز، الذي يسعى لإعادة انتخابه عن الديمقراطيين الاجتماعيين، الأربعاء، إن “هناك حدوداً لا ينبغي لأحد أن يتجاوزها كرجل دولة”.
وبرر ميرز، جهوده لإصلاح سياسة الهجرة بقوله، إن الهجوم المميت الذي وقع الأسبوع الماضي في بافاريا، والذي ارتكبه على ما يبدو رجل أفغاني يبلغ من العمر 28 عاماً رُفِض طلب اللجوء الخاص به، أثبت أن هناك حاجة إلى اتخاذ إجراءات جذرية.
كما يحاول ميرز، إغراء الناخبين بعيداً عن حزب البديل لألمانيا، الذي يحتل حالياً المركز الثاني في استطلاعات الرأي، ولم يخف رغبته في عكس سياسة الهجرة التي انتهجتها ميركل، والتي سهلت وصول آلاف اللاجئين من دول مثل سوريا وأفغانستان.
قانون جديد
وكانت ميركل وميرز قد تقاسما تنافساً مريراً على مر السنين. فبعد صعود ميركل إلى زعامة حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي في عام 2000 في أعقاب فضيحة تمويل الحزب، أطاحت ميركل بميرز من منصبه كزعيم للكتلة في البوندستاج بعد عامين.
وفي ردها على رسالة ميركل، قالت ساسكيا إسكين، الزعيمة المشاركة للحزب الديمقراطي الاجتماعي الذي يتزعمه شولتز، للصحافيين في برلين، إن الزعيمة الألمانية السابقة “شعرت بوضوح أنها مضطرة لتذكير فريدريش ميرز بمسؤوليته السياسية”.
وقالت إسكين: “أنا ممتنة جداً لها على تدخلها”، مضيفة أنها تأمل أن يعيد ميرز النظر في طرح قانون منفصل للهجرة للتصويت في البرلمان الجمعة. ويمكن أن يمر هذا القانون أيضاً بدعم من حزب البديل لألمانيا وأحزاب المعارضة الأخرى.
وأشار استطلاع للرأي أجرته قناة شبكة ZDF ونشر الخميس، إلى أن الناخبين الألمان منقسمون بالتساوي بشأن مساعي ميرز لتشديد قواعد الهجرة.
ومن بين 1428 ناخباً استطلعت آراؤهم في الفترة من 27 إلى 29 يناير من قبل شبكة Forschungsgruppe Wahlen، قال 47% إنه محق في قبول دعم حزب البديل من أجل ألمانيا في البرلمان، بينما قال 48% إنه مخطئ.
ويعتقد حوالي ثلثي الناخبين أنه يجب استبعاد التعاون المباشر مع حزب البديل من أجل ألمانيا.