فتحت بيلاروس التصويت المبكر في الانتخابات الرئاسية، الجمعة، المقرر أن تعزّز قبضة الرئيس ألكسندر لوكاشينكو على السلطة وزيادة اعتماده على موسكو، وذلك بعد ثلاث سنوات من الانخراط غير المباشر في حرب أوكرانيا، فيما شدّد الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة على أن الانتخابات الرئاسية لن “تكون ذات مصداقية”، داعين إلى تعزيز العقوبات ضد نظام لوكاشينكو.
وتأتي هذه الانتخابات، التي وصفتها المعارضة بأنها “مهزلة”، بعد أربع سنوات ونصف من الانتخابات الرئاسية السابقة، والتي أشعلت شرارة احتجاجات على مستوى البلاد “بسبب مزاعم تزوير الأصوات، وقوبلت بقمع وحشي، بعد فوز لوكاشينكو بنسبة 80% من الأصوات”، وفق “فاينانشيال تايمز”.
ومنع لوكاشينكو، البالغ من العمر 70 عاماً، أي مرشحين معارضين من الترشح وحظر أي شكل من أشكال المعارضة.
وقال أرتيوم شرايبمان، الباحث في مركز كارنيجي روسيا أوراسيا: “لا توجد عملية سياسية، ولا مرشحون معارضون، ولا شيء قريب من المنافسة التي شهدناها في عام 2020″، مضيفاً أن “الشيء الرئيسي هو أنه في بيلاروس لا يتم احتساب الأصوات ببساطة”.
وقبل أيام، قالت الولايات المتحدة إن التصويت في بيلاروس، “لا يمكن أن يكون حراً أو نزيهاً” بسبب “البيئة القمعية” في البلاد. وعلق وزير الخارجية الأميركي السابق أنتوني بلينكين قائلاً: “تنضم الولايات المتحدة إلى العديد من حلفائنا الأوروبيين في تقييم أن الانتخابات لا يمكن أن تكون ذات مصداقية في بيئة حيث الرقابة منتشرة، ولم تعد وسائل الإعلام المستقلة موجودة”.
تعزيز سلطة لوكاشينكو
كما أدان البرلمان الأوروبي الانتخابات الرئاسية في بيلاروس، باعتبارها “خدعة” مصممة لإبقاء ألكسندر لوكاشينكو في السلطة، مشيراً إلى غياب أي مرشحين معارضين جديرين بالثقة، ودعوا إلى تعزيز العقوبات ضد بيلاروس.
ويدعم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نظام لوكاشينكو. وفي الأسبوع الماضي، اتصل بوتين بلوكاشينكو وتمنى له “النجاح” في الانتخابات، وفق الكرملين.
وقال المحلل السياسي البيلاروسي، فاديم موجيكو، في تصريحات نقلتها “فاينانشيال تايمز”: “منذ عام 2020، زار لوكاشينكو روسيا أكثر من 20 مرة، بينما سافر بوتين إلى بيلاروس ثلاث مرات”. وأضاف: “لقد تحولت اجتماعاتهم من مناقشات بين رئيسين إلى شيء يشبه إحاطات الموظفين الروتينية”.
وأدت العقوبات الغربية المفروضة على كلا البلدين رداً على حرب أوكرانيا، إلى تعميق الاعتماد المتبادل بينهما.
وقال شرايبمان من كارنيجي: “من الواضح أن المصالح المشتركة بين روسيا وبيلاروس تفوق الخلافات السابقة”. قبل عام 2022، كان هدف لوكاشينكو هو خلق توازن بين الحفاظ على شريان حياة مالي من موسكو وإبقاء قنوات التواصل مفتوحة مع العواصم الأوروبية.
لكن حرب أوكرانيا جعلت هذه الاستراتيجية بلا معنى. ولم تُستخدم بيلاروس كنقطة انطلاق للضربات العسكرية الروسية على أوكرانيا فحسب، بل كان على لوكاشينكو أيضاً السماح بنشر الأسلحة النووية التكتيكية الروسية على أراضيه، بحسب “فاينانشيال تايمز”.
تأثيرات اقتصادية
كما عمل الزعيم البيلاروسي كوسيط بين زعيم مجموعة “فاجنر” الروسية، يفجيني بريجوجين، والكرملين خلال تمرد قصير ضد بوتين. واستضاف لوكاشينكو زعيم مجموعة فاجنر ومقاتليه في بيلاروس، قبل أن يلقى بريجوجين حتفه في حادث تحطم طائرة في العام 2023.
وقال ليف لفوفسكي، المدير الأكاديمي في مركز البحوث الاقتصادية والتواصل البيلاروسي، إنه على الرغم من العقوبات الغربية، تمكنت بيلاروس من الاستفادة من الحرب وروابطها بروسيا، على الرغم من تزايد المخاطر طويلة الأجل.
ونما الاقتصاد البيلاروسي بنسبة 4% العام الماضي، بعد أن انكمش بنسبة 4.7% في عام 2022. ويعزو لفوفسكي التعافي إلى الطلب العسكري والاستهلاكي المتزايد من روسيا، والنفط والغاز المخفضين، والقروض الروسية الرخيصة.
ويرى المحللون أن فرص الاحتجاجات الجماهيرية بعد انتخابات هذا العام ضئيلة، نظراً للعقوبات القاسية المفروضة على أي شكل من أشكال المعارضة.
وحذر لوكاشينكو المسؤولين من “الاستفزازات المحتملة”، فيما حرم حوالي 3.5 مليون بيلاروسي من حقهم في التصويت بعد قرار إغلاق مراكز الاقتراع في الخارج. كما تم تقديم موعد الانتخابات بستة أشهر لتجنب إقامتها في الصيف، خوفاً من اندلاع احتجاجات.