“أحلام على وسادة” هي حكاية شعبية عن النكبة الفلسطينية، تدور أحداثها حول أمّ شابة تعيش في فلسطين، قتلت العصابات الصهيونية زوجها عام 1948، فركضت إلى منزلها كي تأخذ طفلها حديث الولادة من السرير. هربت من المدينة متوجّهة نحو لبنان، لكنها أدركت لاحقاً أنها حملت وسادة بدلاً من طفلها.
تختلف نهايات الحكاية بحسب الجمهور والرواة، فمرّة تفقد الأم عقلها، ومرّة تُقتل، وأخرى تنجح في تجنّب العصابات الصهيونية المتجوّلة للخروج من وطنها وليس العودة إليه.
استطاع رشيد أبو عيدة، من نابلس بالضفة الغربية، مطوّر الألعاب الحائز على جوائز عدّة، أن يحوّل الحكاية إلى لعبة مغامرات ثلاثية الأبعاد ، قائلاً: “إن الهدف هو جعل اللاعبين يفهمون ما حدث للفلسطينيين خلال تلك الحقبة المظلمة، التي لا تزال تداعياتها مستمرّة على حياتنا اليومية”.
أضاف: “أريد أن أوصل رسالة مفادها أن التطهير العرقي للفلسطينيين هو عملية مستمرّة بدأت عام 1948. وفي تلك المرحلة، سيكون المشاركون في اللعبة قادرين على فهم ما يحدث اليوم في غزة، واتخاذ موقف من حرب إسرائيل علينا”.
ونشرت صحيفة “الغارديان” البريطانية تقريراً حول “أحلام على وسادة”، وصفتها بأنها لعبة مغامرات ثلاثية الأبعاد تدور حول أرض مليئة بالناس تتحول إلى شعب بلا أرض.
ونشر أبو عيدة عبر حسابه على منصّة “إكس”: “بعد سنوات من الابتعاد عن تطوير الألعاب، لم أستطع البقاء صامتاً بشأن تجريد شعبي من إنسانيتهم. لقد صنعت لعبة أحلام على الوسادة، المستوحاة من حكاية شعبية فلسطينية شهيرة عن نكبة 1948”.
قبل عقد من الزمن، عندما اجتاحت إسرائيل قطاع غزة، أدرك رشيد أبو عيدة قوّة الألعاب، ورأى أنها تسمح للاعبين بالدخول إلى واقع شخص آخر. بعدها بدأ بتطوير لعبة “Liyla & The Shadows of War”، وهي لعبة تدور أحداثها حول رجل يحاول العثور على الأمان لابنته ونفسه، ولكن في ظل الحرب سرعان ما ينتفي الأمان في كل مكان، “أعادت اللعبة الحياة إلى الحقائق القاسية للعيش في ظل الاحتلال والفصل العنصري” كما يقول.
رفضها الناشرون والمانحون والقيّمون على المنح الثقافية، “لأنها مثيرة للجدل للغاية، وتمثّل الكثير من المخاطرة” بحسب أبو عيدة، مضيفاً “أن الحديث عن القصّة الفلسطينية كان ممنوعاً”.
ولفت إلى أن تطوير اللعبة واجه عقبات ورفض، إذ أعلنت شركة Apple أن اللعبة “سياسية للغاية”، وحظرتها مؤقتاً عام 2016، وحجب عنه القيّمون على صناعة الألعاب التمويل بحجة أنها “مثير للجدل”، لكن ليليا أصبحت ظاهرة عالمية.
وعلى الرغم من الإشادة والاهتمام الذي حظيت به لعبته الأولى، إلا أن أبوعيدة لم يتمكن من جمع التمويل للعبته التالية بالوسائل التقليدية.
واعتبر أن “أحلام على وسادة” تحمل طموح وأحلام الفلسطيني الذي حُرم من حقه في صنع الألعاب مثل الآخرين، لكنه يستمر رغم كل الظروف. ولا يمكن أن يتم ذلك بتمويل الألعاب التقليدية، لأن مثل هذا التمويل لا يمكن للفلسطيني الوصول إليه. ولا يمكن تحقيقه بالتمويل الجماعي التقليدي، لأن معظم منصّات التمويل الجماعي الشعبية لا تعترف بفلسطين”
أضاف: “من أجل سرد هذه القصة، ولتحقيق هذا الحلم المستحيل، وجمع فريق من مطوري الألعاب المخضرمين والمبدعين المحليين، تحوّل الفريق إلى “LaunchGood”، وهي منصّة تركز على المسلمين، حيث حقّق هدفه التمويلي في 7 يناير، وهو يكفي لتغطية نصف تكاليف تطوير اللعبة، وبمجرد أن تبدأ اللعبة في التبلور، سيكون من الأسهل العثور على الباقي”.
أضاف: “كان الدعم على وسائل التواصل وعلى صفحة الحملة هائلاً، ما يدلّ على اهتمام الناس بالقضية الفلسطينية، لم أتوقع هذا المستوى من النجاح”.