أفادت “بلومبرغ”، نقلاً عن مصادر مطلعة، بأن الرئيس السوري بشار الأسد وفي “محاولة أخيرة” للبقاء في السلطة، حاول فتح مبادرات دبلوماسية “غير مباشرة” مع الولايات المتحدة والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، وذلك بينما تقترب فصائل المعارضة المسلحة من العاصمة دمشق.
وأضافت المصادر التي تحدثت شريطة عدم الكشف عن هويتها، أن الأسد أعرب عن استعداده للتوصل إلى اتفاق يسمح له بالتمسك بالأراضي المتبقية التي يسيطر عليها الجيش السوري، أو ضمان “خروج آمن إلى المنفى” إذا لزم الأمر.
وأوضحت المصادر أن أحد العروض التي قدمها الأسد للولايات المتحدة، هو أن تقطع دمشق كل علاقاتها مع الجماعات المسلحة المدعومة من إيران، مثل “حزب الله”، إذا مارست القوى الغربية نفوذها لوقف القتال في البلاد.
وكان ترمب دعا الولايات المتحدة، في وقت سابق السبت، إلى عدم التدخل في الصراع بسوريا، معتبراً أن انشغال روسيا بالحرب في أوكرانيا سبب وقوفها عاجزة أمام وقف تقدم الفصائل المسلحة في المدن السورية.
وقال ترمب في منشور على منصته “تروث سوشيال”: “سوريا في حالة من الفوضى، لكنها ليست صديقتنا، ويجب ألا يكون للولايات المتحدة أي علاقة بها، هذه ليست معركتنا، دعها تستمر، لا تتدخلوا!”.
ووصف ترمب تقدم الفصائل المسلحة بـ”الخطوة غير المسبوقة”، حيث “تمكنت من السيطرة على العديد من المدن، في هجوم منسق للغاية”، مضيفاً أنهم “الآن على مشارف دمشق، ومن الواضح أنهم يستعدون للقيام بخطوة كبيرة نحو الإطاحة بالأسد”.
“الأسد يقترح دستوراً جديداً”
وذكرت مصادر “بلومبرغ”، أن الهدف الرئيسي للأسد هو الاحتفاظ بالسيطرة على جزء من البلاد، والتعامل مع مطالب تركيا الخاصة بالانتقال السياسي، وكذلك العودة المحتملة لملايين اللاجئين السوريين، وهي قضية رئيسية بالنسبة لأنقرة.
وأضافت أن الرئيس السوري اقترح أيضاً “دستوراً جديداً” للبلاد، وفتح محادثات مع المعارضة السياسية في المنفى، مشيرة إلى أنه من غير الواضح ما إذا كانت هذه الجهود ستؤتي ثمارها.
وقالت “بلومبرغ” إن مكان وجود بشار الأسد “غير معلوم” حتى الآن، على الرغم من أن الاعتقاد السائد هو أنه في دمشق أو مسقط رأسه القرداحة، التي تقع بالقرب من قاعدة “حميميم” الجوية الروسية، فيما قال شخص مطلع إن “من المحتمل أيضاً أن يكون في العاصمة الإيرانية طهران”. ولكن مكتب الأسد أصدر بياناً أدان ما وصفها بـ”الشائعات والأخبار الكاذبة”، وأكد أن “الرئيس لا يزال في دمشق ويمارس مهامه”.
وقال سيرجي ماركوف، المستشار السياسي المُقرب من الكرملين، إن “الأسد في خطر كبير، والوضع يشبه تقريباً ما حدث عام 2015، عندما كانت الفصائل على أبواب دمشق”، في إشارة إلى العام الذي تدخلت فيه روسيا لإنقاذه.
رسالة من الأسد إلى ترمب
وهناك مبادرة أخرى من الأسد تضمنت إرسال زعيم مسيحي للقاء الرئيس المجري فيكتور أوربان، لنقل ما يراه “تهديداً وجودياً” للأقلية المسيحية في دمشق، في حال انتصرت فصائل المعارضة المسلحة، وفق ما نقلت “بلومبرغ” عن أشخاص آخرين مطلعين على الخطة.
وقالت إن رجل الدين هو بطريرك السريان الأرثوذكس أغناطيوس أفرام الثاني، الذي نقل للرئيس المجري، الاثنين الماضي، مزاعم الأسد.
ونقلت “بلومبرغ” عن أحد مساعدي البطريرك وشخص آخر على دراية باللقاء، أن الهدف من هذه الزيارة هو نقل رسالة الرئيس السوري إلى ترمب بشأن “هذا التهديد”.
تعزيز القوات السورية في دمشق
وفوجئت العديد من الدول الغربية بهجوم فصائل المعارضة المسلحة في سوريا، بما في ذلك الولايات المتحدة. وأكد العديد من المسؤولين الغربيين لـ”بلومبرغ” أنه “سيكون من الصعب استمرار بقاء الأسد في السلطة”.
واعتبرت أن سقوط حمص، ثالث أكبر مدينة في سوريا، قد يقطع الطريق الذي يربط دمشق بغرب البلاد وساحلها على البحر الأبيض المتوسط، وهو معقل الموالين للأسد.
وذكرت “بلومبرغ”، نقلاً عن مصدرين مطلعين، أن الأسد أمر الجزء الأكبر من الجيش المتبقي، والذي يُقدر عدد أفراده بين 30 ألفاً إلى 40 ألف، بالذهاب سريعاً للدفاع عن دمشق.
ومع اقتراب فصائل المعارضة المسلحة من دمشق من الشمال والجنوب، قامت إيران بتقليص وجودها في سوريا، تاركة مستشاريها العسكريين متمركزين حول العاصمة، وفقاً لمصادر “بلومبرغ”.
وأضافت هذه المصادر أن بعض الميليشيات العراقية المدعومة من طهران، عادت إلى بلادها بعد أن تنازلت الحكومة السورية عن مدينة دير الزور شرق سوريا، للمقاتلين الأكراد المدعومين من الولايات المتحدة، أما الأفراد الروس فهم يتموضعون بمحيط دمشق، وفي قاعدة “حميميم” الجوية، وقاعدة “طرطوس” البحرية.