عقد مجلس الأمن الدولي، مساء الاثنين، جلسته الشهرية حول “الوضع في الشرق الأوسط، بما في ذلك قضية فلسطين”، إذ حذر نائب منسق الأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط مهند هادي، من أن نجاح القوى الساعية إلى تقويض حل الدولتين، قد يؤدي إلى “انهيار المبادئ والهياكل المؤسسية ذات الصلة”، وهو ما قد يسبب تأثيرات واسعة النطاق تتجاوز ما هو أبعد من الشرق الأوسط.
وفي كلمة ألقاها، هادي، أمام مجلس الأمن نيابة عن المنسق الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط تور وينسلاند، الاثنين، دعا المجتمع الدولي إلى تمهيد الطريق لحل سياسي لإنهاء “الصراع الإسرائيلي الفلسطيني”، محذراً من اللجوء إلى الحلول العنيفة.
وأكد هادي، وفق بيان صادر عن الأمم المتحدة، أنه يجب منع تكرار هجمات 7 أكتوبر، داعياً إلى التعامل مع غزة والضفة الغربية كوحدة جغرافية متكاملة كأساس لإقامة دولة فلسطينية مستقلة، والحفاظ على السلطة الفلسطينية ومؤسساتها.
كما شدد على أهمية دعم المجتمع الدولي لإيجاد بيئة مواتية للدبلوماسية، مشيراً إلى الحاجة الملحة لوقف إطلاق النار، والإفراج عن الرهائن، وتقديم المساعدات الإنسانية وضمان أمن الفلسطينيين والإسرائيليين على المدى الطويل.
وفيما يتعلق بالوضع في الضفة الغربية، شدد المنسق المقيم على أن العنف استمر هناك أيضاً بمعدل ينذر بالخطر حيث “تتكشف ديناميكية خطيرة بشكل متزايد”.
وقال إن الحكومة الإسرائيلية واصلت أيضاً تقدمها في بناء المستوطنات وسياستها المتمثلة في إخلاء وهدم المباني المملوكة للفلسطينيين، مضيفاً: “يدعو بعض الوزراء الآن علناً إلى ضم الضفة الغربية المحتلة، وأكرر أن الضم يشكل انتهاكاً للقانون الدولي ويجب رفضه بشدة”.
وأشار هادي إلى أن “الرعب في غزة لا يزال مستمراً دون نهاية، لافتاً إلى أن الأسابيع الأخيرة شهدت تكثيفاً مدمراً لعمليات الجيش الإسرائيلي في الشمال ما أدى إلى وقوع أعداد كبيرة من الضحايا بشكل متكرر ومثير للقلق، واستدرك: بالإضافة إلى المذابح اليومية، نستمر في مشاهدة النزوح والدمار، في حين يظل الوصول إلى المساعدات الإنسانية صراعاً يومياً.
توقف المساعدات
وكشف هادي بأن تسليم المساعدات الحيوية في جميع أنحاء غزة متوقف تماماً وبقاء مليوني شخص على قيد الحياة على المحك، مطالباً إسرائيل الوفاء بالتزاماتها، وتسهيل المرور السريع وغير المقيد للإغاثة الإنسانية إلى غزة وفي جميع أنحائها، وأن تحترم جميع الأطراف التسليم الآمن للمساعدات”.
وفي السياق ذاته، انتقد الممثل الفلسطيني لدى مجلس الأمن، رياض منصور، “سياسات الحكومة الإسرائيلية التي تهدف إلى إطالة أمد النزوح والتشريد”، مطالباً الدول الأعضاء بعدم السماح بتحول النزاع السياسي إلى نزاع ديني دائم، لما قد يترتب عليه من تداعيات خطيرة على المنطقة والعالم.
وقال منصور: “مصير المنطقة يتحدد في غزة، وإذا استمرت الأهوال، فإن العواقب واضحة ومتوقعة”.
من جانبه، دعا ممثل الولايات المتحدة في مجلس الأمن روبرت وود إلى تدخل الحكومة الإسرائيلية لكبح عنف المستوطنين ومنع الهجمات، مؤكداً ضرورة الضغط على حركة “حماس” لتنفيذ القرار 2735 دون شروط.
واعتبر وود أن مثل هذه الخطوة قد تفتح المجال أمام تسوية سياسية تعود بالنفع على الفلسطينيين والإسرائيليين.
كما أعرب عن قلق بلاده من تصاعد عنف المستوطنين، الذي وصفه بأنه يُصعب من مهمة تحقيق “حل الدولتين” ويقوض الاستقرار.
فيما أكد مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا، أن إسرائيل تهدف إلى إخلاء قطاع غزة من الفلسطينيين، واتهم الولايات المتحدة بعرقلة عمل مجلس الأمن في الشرق الأوسط.
ودعا إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة ولبنان معتبراً أنه هو “السبيل الوحيد للسلام في الشرق الأوسط”.
“لجم العدوان الإسرائيلي”
أما مندوب الجزائر لدى مجلس الأمن عمار بن جامع، فشدد على ضرورة “لجم العدوان الإسرائيلي” واحترام الوضع القانوني والتاريخي للقدس، متهماً المستوطنين بممارسة الإرهاب ضد الفلسطينيين.
من جهته، طالب الممثل الدائم للصين لدى الأمم المتحدة جانج جون بوقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة دون شروط، معتبراً أن أي تغيير في الطابع الديموغرافي للقطاع أمر غير مقبول.
وقال، أمام اجتماع للمجلس، إن “الوضع في الشرق الأوسط حرج، ويجب وقف أي نزاع إقليمي أوسع”.
بدورها، حذرت مندوبة بريطانيا في الأمم المتحدة باربرا وودورد من القوانين الإسرائيلية الأخيرة التي تهدد المساعدات الإنسانية في غزة، مشيرة إلى أن القطاع يواجه أزمة إنسانية كارثية مع اقتراب فصل الشتاء.
وشددت على أهمية وكالة “الأونروا” في تقديم الدعم اللازم، وسط تصاعد التوسع الاستيطاني الذي يقوض فرص السلام والاستقرار في المنطقة.