قالت مصادر أميركية مطلعة، إن إدارة الرئيس جو بايدن، وافقت على تزويد أوكرانيا بألغام مضادة للأفراد، في خطوة من شأنها أن تعزز دفاعات كييف ضد تقدم القوات الروسية، لكنها لاقت انتقادات من مجموعات الحد من التسلح، بحسب ما أوردته صحيفة “واشنطن بوست”.
وأضافت الصحيفة أن إرسال ألغام مضادة للأفراد إلى أوكرانيا قد يثير أيضاً جدلاً، ولكن من جانب فئة مختلفة، إذ وقعت أكثر من 160 دولة على معاهدة دولية تحظر استخدامها، بسبب الأضرار الدائمة التي قد تلحقها هذه “الأسلحة العشوائية” بالمدنيين.
وتأتي الموافقة بعد أن سمح البيت الأبيض مؤخراً لأوكرانيا باستخدام نظام صواريخ بعيد المدى لاستهداف مواقع داخل روسيا، في إطار سلسلة من الإجراءات العاجلة التي تتخذها إدارة بايدن لدعم جهود أوكرانيا الحربية “المتعثرة”، قبل خروجها من البيت الأبيض في 20 يناير المقبل.
وحذر الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، من أن موسكو سترد على الضربات الصاروخية الأخيرة التي نُفذت بواسطة منظومة الصواريخ التكتيكية “آتاكمس” (ATACMS) طويلة المدى، إذ سعت كييف إلى الحصول على هذا السلاح منذ الغزو الروسي، في وقت استخدمت فيه موسكو الألغام المضادة للأفراد على خطوط الجبهة، ما أعاق تقدم أوكرانيا في سعيها لاستعادة أراضيها، وفقاً للصحيفة.
ورحب مسؤول أوكراني بأي تغيير في السياسة، رغم المخاطر المحتملة التي قد ترافق الانتشار الواسع لهذه الأسلحة، قائلاً:”روسيا تستخدمها على أي حال”.
لكن بعض نشطاء حقوق الإنسان اعتبروا أن قرار الولايات المتحدة تزويد أوكرانيا، وهي دولة موقعة على معاهدة حظر الألغام، بألغام مضادة للأفراد يعد “وصمة عار” ضد واشنطن.
قلق إدارة بايدن
وقال مسؤولون للصحيفة، إن إدارة بايدن تشعر بقلق عميق إزاء الهجمات التي شنتها روسيا على خطوط الجبهة الأوكرانية في الأسابيع الأخيرة، ورأت أن هناك حاجة ملحة لوقف تقدم القوات الروسية.
وتعتقد وزارة الدفاع الأميركية “البنتاجون” أن تزويد أوكرانيا بالألغام يعد من الخطوات “الأكثر نفعاً” التي يمكن لإدارة بايدن اتخاذها للمساعدة في إبطاء الهجوم الروسي.
وقال أحد المسؤولين إن نوع الألغام المضادة للأفراد المُقدَم لأوكرانيا “غير دائم”، موضحاً أنها تتفجر ذاتياً أو تفقد شحنتها الكهربائية لتصبح غير فعالة في غضون أيام أو أسابيع، ما يقلل من خطرها على المدنيين.
وأضاف المسؤول أن “صناع السياسات في أوكرانيا تعهدوا بعدم استخدام الألغام في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية”، لكن مع ذلك، قال خبراء في مجال الحد من التسلح إن الألغام غير الدائمة أيضاً تشكل خطراً على السلامة.
في المقابل، قال مسؤول آخر: “روسيا تهاجم الخطوط الأوكرانية في الشرق بموجات من القوات، بغض النظر عن الخسائر التي تتكبدها”، مضيفاً: “من الواضح أن الأوكرانيين يتكبدون خسائر، وأن المزيد من المدن والبلدات مهددة بالسقوط. هذه الألغام صُممت خصيصاً لمكافحة هذا النوع من التهديد”.
وأردف: “عندما تُستخدم هذه الألغام جنباً إلى جنب مع الذخائر الأخرى التي نوفرها بالفعل لأوكرانيا، فإن الهدف هو أن تساهم في تعزيز الدفاعات بشكل أكثر فعالية”.
وقال أحد المسؤولين إن الألغام الجديدة ستُستخدم في الأراضي الأوكرانية فقط، مع التركيز المتوقع على شرقي أوكرانيا.
مخاطر على المدنيين
وأشارت “واشنطن بوست” إلى أن تردد بايدن في تزويد أوكرانيا بالألغام، جاء بسبب مخاوف داخل إدارته ومن مجموعة واسعة من مناصري حظر الألغام، الذين يقولون إن المخاطر التي تشكلها على المدنيين “مرتفعة بشكل غير مقبول”.
وقالت إن التقدم الميداني الذي أحرزته روسيا في الأشهر الأخيرة، أجبر البيت الأبيض على البحث عن طرق جديدة لمساعدة كييف، خاصة بعد فوز الرئيس المنتخب دونالد ترمب، الذي تعهد بإنهاء الصراع بسرعة.
وفي وقت سابق، زودت الولايات المتحدة أوكرانيا بألغام “كلايمور”، وهي نوع آخر من الألغام المضادة للأفراد، تُثبت فوق الأرض ويتم تفعيلها من قبل مشغل، ما يجعل استخدامها مسموحاً به وفقاً لاتفاقيات حظر الألغام؛ إذا استُخدمت بشكل صحيح.
وأحرزت القوات الروسية تقدماً كبيراً في منطقة دونيتسك، وفي الأشهر الأخيرة، تمكنت من السيطرة على أراضٍ بأسرع وتيرة منذ عام 2022.
ولا تعد كل من روسيا والولايات المتحدة من بين الـ164 طرفاً في اتفاقية “أوتاوا”، المعروفة أيضاً بمعاهدة حظر الألغام، التي تحظر نشر ونقل الألغام المضادة للأفراد، وفقاً لـ”واشنطن بوست”.
وفي عام 2022، أعاد بايدن تفعيل سياسة تعود إلى عهد الرئيس الأسبق باراك أوباما، والتي تحظر نقل واستخدام الألغام المضادة للأفراد الأميركية خارج شبه الجزيرة الكورية.