استخدمت الولايات المتحدة، الأربعاء، حق النقض “الفيتو” في مجلس الأمن الدولي ضد مشروع قرار يطالب بـ”وقف فوري وغير مشروط ودائم لإطلاق النار في قطاع غزة”، وسط تصاعد المخاوف من أن يؤدي الاستخدام الأميركي المتكرر لحق النقض لـ”تقليص سلطة المجلس”.
واتهم مسؤول أميركي روسيا والصين بـ”تشجيع” الدول غير الدائمة على استخدام لغة قوية في القرار، لـ”استصدار حق النقض من الولايات المتحدة، والرفض الخبيث” لمحاولات التوصل إلى حل وسط، وفق قوله.
وحصل مشروع القرار المقدم من أعضاء المجلس الـ10 غير الدائمين، على تأييد 14 عضواً من أعضاء المجلس المكون من 15، لكنه لم يُعتمد بسبب استخدام الولايات المتحدة “الفيتو” بصفتها عضواً دائماً في المجلس.
وقال نائب مندوبة واشنطن بالأمم المتحدة روبرت وود في كلمة له عقب التصويت، إن “تبني مشروع القرار هذا كان ليبعث رسالة خطيرة إلى حركة (حماس)، وهي أنه ليس هناك حاجة للعودة إلى طاولة المفاوضات”، وفق قوله.
ولفت إلى أن “حماس كانت ستعتبر ذلك بمثابة تبرير لاستراتيجيتها القائمة على الأمل والدعاء بأن ينسى المجتمع الدولي مصير أكثر من 100 محتجز من أكثر من 20 دولة عضواً محتجزين منذ 410 أيام”، وفق تعبيره.
وأشار وود، إلى أن “مجلس الأمن دعا في السابق إلى إنهاء الحرب بشكل دائم مع إطلاق سراح المحتجزين، وهذان الهدفان العاجلان مرتبطان بشكل لا ينفصل”.
واعتبر أن القرار “تخلى عن هذه الضرورة، ولهذا السبب لم تستطع الولايات المتحدة أن تدعمه”. وقال إن الحل الدبلوماسي الذي تواصل بلاده السعي إليه لجلب السلام والحرية للفلسطينيين في غزة، “لم يتم التوصل إليه لأن (حماس) رفضت صفقة تلو الأخرى”، وفق زعمه.
وأعرب وود عن أسفه “لأن المجلس كان بإمكانه أن يستخدم لغة تسوية طرحتها بريطانيا لسد الفجوات القائمة، ودعم هذه الخطوات الإنسانية”، لافتاً إلى أن بلاده “طرحت أيضاً العديد من الصيغ على مدى الأسابيع القليلة الماضية والتي كان من الممكن أن تسد الفجوات وتجعل هذا المجلس يتحدث بصوت واحد”.
وتابع: “على الرغم من المقترحات الأميركية، استمر بعض أعضاء المجلس في بث الفتنة”، دون أن يحدد هذه الدولة.
وأدانت الرئاسة الفلسطينية في بيان استخدام الولايات المتحدة حق النقض، وقالت إن “استخدام الإدارة الأميركية لحق النقض للمرة الرابعة، يشجّع الاحتلال الإسرائيلي على الاستمرار في جرائمه التي يرتكبها ضد الشعب الفلسطيني، والشعب اللبناني، وفي تحديه لجميع قرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي”.
وشددت الرئاسة، على أن “مطالب دولة فلسطين من مجلس الأمن ومن المجتمع الدولي كانت واضحة في استصدار قرار تحت الفصل السابع لوقف العدوان ووقف إطلاق النار وجرائم الإبادة التي ترتكبها إسرائيل ضد شعبنا الأعزل”.
تقليص سلطة مجلس الأمن
من جهته، قال السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا، إنه من “الصادم أن تستخدم الولايات المتحدة (الفيتو) ضد محاولة إنقاذ أرواح الفلسطينيين والإسرائيليين”، مضيفاً أن “الولايات المتحدة وقفت لأشهر في طريق عمل المجلس الساعي لمعالجة الوضع الكارثي في غزة”.
وأردف: “المجلس كان بإمكانه المطالبة بوقف فوري وغير مشروط ودائم لإطلاق النار في غزة بالإضافة إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المحتجزين”، لكن “من غير المعقول أن تقف الولايات المتحدة باستهتار في طريق المطالبة بمثل هذه الإجراءات لإنقاذ الأرواح في أسوأ أزمة إنسانية في العالم”.
واعتبر السفير الصيني لدى الأمم المتحدة فو كونج أن “إسرائيل انتهكت بشكل صارخ كل الخطوط الحمراء للقانون الإنساني الدولي، وحتى مع ظهور المجاعة في غزة، يبدو أن الولايات المتحدة تجد دائماً مبرراً للدفاع عن إسرائيل”.
ويرى مونج، أن “استخدام الولايات المتحدة المتكرر لـ(الفيتو) أدى لتقليص سلطة مجلس الأمن والقانون الدولي إلى أدنى مستوى على الإطلاق”.
اتهام لروسيا والصين
ونقلت وكالة “رويترز” عن مسؤول أميركي قوله إن الولايات المتحدة كانت ستدعم صياغة جديدة كحل وسط، “لكنها قوبلت بالرفض”، لافتاً إلى أن “بعض الدول الـ10 غير الدائمة في المجلس كانت أكثر اهتماماً باستصدار حق النقض من الولايات المتحدة بدلاً من التوصل إلى تسوية بشأن القرار”.
واتهم المسؤول الأميركي روسيا والصين بـ”تشجيع باقي الأعضاء”، وقال: “ظلت الصين تطالب بلغة أقوى وبدا أن روسيا تحرك خيوطها مع مختلف الأعضاء الـ10 غير الدائمين”.
وتابع: “هذا يقوِض حقاً الرواية القائلة بأن هذا كان انعكاساً طبيعياً لمجموعة الدول الـ10، وهناك شعور بأن بعض أعضاء مجموعة الدول الـ10 يأسفون لأن المسؤولين عن صياغة مشروع القرار سمحوا بالتلاعب بالعملية لأغراض نعتبرها خبيثة”.
تفاصيل القرار
ويطالب مشروع القرار “بامتثال الأطراف للالتزامات الواقعة على كاهلها بموجب القانون الدولي فيما يتعلق بالأشخاص الذين تحتجزهم، وبتمكين السكان المدنيين في قطاع غزة من الحصول فوراً على الخدمات الأساسية، والمساعدات الإنسانية الضرورية لبقائهم على قيد الحياة”، بحسب موقع الأمم المتحدة.
ويرفض مشروع القرار في الوقت نفسه “أي عمل لتجويع الفلسطينيين”، ويطالب “بتيسير دخول المساعدات الإنسانية بشكل كامل وسريع ومأمون ودون عوائق على نطاق واسع إلى قطاع غزة بجميع مناطقه وإيصالها إلى جميع المدنيين الفلسطينيين الذين يحتاجون إليها، بما يشمل المدنيين الموجودين في شمال غزة المحاصر الذين هم في أمس الحاجة إلى الإغاثة الإنسانية الفورية، وذلك بتنسيق من الأمم المتحدة”.
ويدعو مشروع القرار “جميع الأطراف إلى الامتثال التام للقانون الدولي، بما في ذلك القانون الدولي الإنساني، ولا سيما أحكامه المتعلقة بحماية المدنيين، ومنهم خصوصاً النساء والأطفال والأشخاص العاجزون عن القتال، وكذلك أحكامه المتعلقة بحماية الأعيان المدنية”.
ويشدد على أن “وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) ما زالت هي العمود الفقري للاستجابة الإنسانية في غزة”.
ويدعو القرار “جميع الأطراف لتمكين الوكالة من تنفيذ ولايتها على النحو الذي اعتمدته الجمعية العامة، في جميع مناطق عملياتها، مع الاحترام الكامل لمبادئ العمل الإنساني القائمة على التحلي بالإنسانية والحياد والنزاهة والاستقلال، وإلى احترام القانون الدولي الإنساني، بما في ذلك حماية مرافق الأمم المتحدة والمرافق الإنسانية”.