دافع مؤسس شركة “أمازون”، ومالك صحيفة “واشنطن بوست”، جيف بيزوس عن قراره بإنهاء تقليد صحيفته المستمر منذ عقود في تأييد مرشحي انتخابات الرئاسة الأميركية، لافتاً إلى أن القرار، الذي أثار عاصفة انتقادات، يهدف لمعالجة “فجوة مصداقية”، تعاني منها صناعة الإعلام.
وأعلن ويليام لويس، ناشر صحيفة “واشنطن بوست”، في 25 أكتوبر الجاري أن الصحيفة لن تختار جانباً في الانتخابات الرئاسية، وهو عكس ما كانت تفعله بانتظام منذ عام 1978. وكان فريق التحرير مستعداً لتأييد نائبة الرئيس المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس.
وجاء إعلان “واشنطن بوست” بشأن التأييدات في نفس اليوم، الذي التقى فيه ترمب مع ديف ليمب، الرئيس التنفيذي لشركة “بلو أوريجين” للطيران والفضاء المملوكة لبيزوس، بحسب موقع “أكسيوس”.
ونفى بيزوس في مقال رأي نُشر على موقع الصحيفة، الاثنين، أن يكون هذا اللقاء عاملاً في قراره، قائلاً: “لا توجد صلة” بين اللقاء، الذي قال إنه لم يكن يعرف عنه شيئاً مسبقاً، و”قرارنا بشأن التأييدات الرئاسية، وأي اقتراح آخر بخلاف ذلك غير صحيح”.
وأضاف: “تنهدت عندما علمت بذلك (اللقاء)، لأنني كنت أعرف أنه سيُستخدم كذريعة لأولئك الذين يرغبون في تصوير هذا الأمر باعتباره شيئاً آخر، غير أنه قرار مرتبط بالمبدأ”.
وأكد أنه “لا توجد مقايضة” في العمل، ولم يتم التشاور مع حملة أو مرشح “أو إبلاغه على أي مستوى أو بأي شكل من الأشكال بهذا القرار”.
معالجة “فجوة مصداقية”
وأوضح بيزوس، أن قرار الصحيفة بالتوقف عن دعم المرشحين الرئاسيين يأتي لمعالجة “فجوة مصداقية” تواجه صناعة الإعلام.
وتابع: “يعتقد معظم الناس أن وسائل الإعلام منحازة، ومن لا يرى ذلك لا يعطي اهتماماً كافياً للواقع”.
وفي مقاله، كتب بيزوس أن التأييدات الرئاسية “لا تساعد في ترجيح كفة الانتخابات، ولكن ما تفعله في الواقع هو خلق انطباع بالتحيز. انطباع بعدم الاستقلال”، مضيفاً: “إنهاءها قرار قائم على مبادئ، وهو القرار الصائب”.
وذكر أن “يوجين ماير، ناشر صحيفة واشنطن بوست خلال الفترة من عام 1933 إلى عام 1946، فكر بنفس الطريقة، وكان محقاً”.
وأردف: “إن رفض تأييد المرشحين الرئاسيين في حد ذاته، لا يكفي لرفعنا إلى مرتبة أعلى في سُلّم الثقة، ولكنه خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح. أتمنى لو أننا أجرينا التغيير في وقت أبكر مما فعلنا، في توقيت أبعد عن الانتخابات والمشاعر المحيطة بها. كان ذلك سوء تخطيط، وليس استراتيجية متعمدة”.
وأشار إلى أن ذلك أفسح المجال لانتشار المنشورات على منصات التواصل الاجتماعي، ومصادر الأخبار غير الموثوقة. وأكد على أهمية إدراك القراء أن التغييرات ضرورية مثلها مثل قرار التأييد.
ومضى بيزوس قائلاً: “لن أسمح أيضاً لهذه الصحيفة بأن تظل على وضع التحكم الآلي وتفقد أهميتها، ليتم تخطيها من قبل منصة بودكاست مغمورة، ومنشورات على منصات التواصل الاجتماعي، من دون قتال”.
وأثار القرار عاصفة انتقادات، سواء داخل الصحيفة أو خارجها. واستقال عدد من المحررين والكتاب، وأفادت تقارير بأن ما يصل إلى 200 ألف مشترك، أي 8% من الإجمالي، ألغوا اشتراكاتهم، وفق “بلومبرغ”. ورفض المتحدث باسم الصحيفة التعليق.
وأعلن 3 من 10 أعضاء في مجلس تحرير الصحيفة استقالتهم، في مواجهة قرار الملياردير مؤسس “أمازون”، الذي توصل إليه بعد أن صاغ المجلس مسودة تأييد لنائبة الرئيس كامالا هاريس، وفق “أكسيوس”.
ومن بين منتقدي القرار، كان هناك مارت بارون، الرئيس التنفيذي السابق للصحيفة، بالإضافة إلى بوب وودوارد وكارل برنشتاين، الصحافيين اللذين ساهمت تقاريرهما في فضيحة “ووترجيت”، التي أدت إلى استقالة الرئيس الراحل ريتشارد نيكسون.