أظهرت صور الأقمار الاصطناعية، التي حللتها وكالة “أسوشيتد برس” وهيئة الإذاعة البريطانية BBC، الثلاثاء، أن الهجوم الإسرائيلي على إيران ربما ألحق أضراراً جسيمة بقواعد عسكرية يديرها الحرس الثوري، ومنشآت أخرى مرتبطة بإنتاج الصواريخ والدفاع الجوي، وربما النشاط النووي.
ووفقاً لصور الأقمار الاصطناعية، فقد ضربت إسرائيل هدفاً استراتيجياً، هو مجمع بارشين الواقع على بعد حوالي 30 كيلومتراً شرق طهران. وحدد الخبراء، بما في ذلك خبراء المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، بارشين كمركز لإنتاج الصواريخ والقذائف.
“مجمع بارشين”
وداخل المجمع، تعرضت مبان، يُعتقد أنها مرتبطة ببرنامج تطوير الأسلحة الإيراني، وتحديداً مبنى “طالقان 2” – لأضرار كبيرة.
وارتبط هذا الموقع في السابق بالبرنامج النووي الإيراني، إذ اكتشفت الوكالة الدولية للطاقة الذرية آثار اليورانيوم هناك في عام 2016. وهذا يشير إلى دور مزدوج الغرض لبارشين، يجمع بين القدرات العسكرية التقليدية والنووية المحتملة، وفق “أسوشيتد برس”.
وأفادت الوكالة الأميركية بأن هذه الضربات، ستُقيّد قدرة الحرس الثوري، على تصنيع الصواريخ الباليستية، التي تعمل بالوقود الصلب والتي تحتاج إلى تخزينها كرادع ضد إسرائيل، إذ اعتمدت طهران لفترة طويلة على هذه الترسانة، لأنها لا تستطيع شراء الأسلحة الغربية المتقدمة.
وكان موقع آخر تأثر بشدة هو خوجير، الذي يقع على بعد حوالي 20 كيلومتراً شمال غرب بارشين، ويعتقد خبراء غربيون أنه يمثل منطقة البنية التحتية الأساسية للصواريخ الباليستية في إيران، وأنه ارتبطت بتصنيع الصواريخ واختبارها.
وتُظهر صور الأقمار الاصطناعية، أضراراً هيكلية كبيرة في العديد من المباني، والتي يقول المحللون إنها قد تعطل إنتاج إيران للصواريخ الباليستية.
ولاحظ فابيان هينز، المحلل في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، أن الأضرار قد تضعف قدرة إيران على شن هجمات صاروخية واسعة النطاق، ما قد يخفف بعض الضغوط على أنظمة الدفاع الإسرائيلية.
مركز “شاهرود” الفضائي
كما تم الإبلاغ عن أضرار إضافية في مباني بـ”شاهرود”، وهو موقع على بعد 350 كيلومتراً شرق طهران، والذي ساهم في إنتاج مكونات الصواريخ بعيدة المدى.
تقع هذه المنشأة على مقربة من مركز “شاهرود” الفضائي، وهي قاعدة يديرها الحرس الثوري وفق تقديرات خبراء في لندن، وأطلقت منها إيران قمراً اصطناعياً عسكرياً في عام 2020.
وأظهرت الصور تدمير مبنى رئيسي مركزي في مركز “شاهرود” الفضائي، حيث ظهر ظل إطاره الذي لا يزال قائماً في الصورة التي التقطت الثلاثاء. ويمكن رؤية المركبات متجمعة حول الموقع، على الأرجح من المسؤولين الذين يتفقدون الأضرار، مع وجود عدد أكبر من السيارات متوقفة عند البوابة الرئيسية للموقع في مكان قريب.
كما تضررت 3 مبانٍ صغيرة إلى الجنوب من المبنى الرئيسي أيضاً. وكانت إيران بصدد بناء مرافق جديدة في القاعدة خلال الأشهر الأخيرة. ويبدو أن حظيرة أخرى إلى الشمال الشرقي من المبنى الرئيسي قد تضررت أيضاً.
وقال هينز إن الصناديق الكبيرة بجوار المبنى الرئيسي، من المحتمل أن تكون مخصصة لمحركات الصواريخ. وتشير أحجامها إلى أنه يمكن استخدامها لصاروخ “خيبر شكن” الباليستي الإيراني وصاروخ “فاتح 1″، وهو صاروخ زعمت إيران أنه قادر على الوصول إلى سرعة 15 ماخ – أي 15 ضعف سرعة الصوت.
ولم تعترف طهران بأي هجوم على “شاهرود”. ومع ذلك، ونظراً للأضرار التي لحقت بمبان متعددة، فقد أشارت إلى أن الهجوم الإسرائيلي شمل ضربات دقيقة على القاعدة.
ويشير استهداف “شاهرود” على نية إسرائيل تقييد قدرة إيران على تطوير تقنيات الصواريخ بعيدة المدى، والتي يمكن أن تمتد إلى ما هو أبعد من المنطقة المجاورة، وفق شبكة BBC.
منشأة رادار
وفي محافظة إيلام الغربية في إيران، ورد أن ضربة إسرائيلية استهدفت منشأة رادار على جبل شاه نخجير، والتي يتكهن الخبراء بأنها ربما خضعت للتطوير مؤخراً، حسبما نقلته BBC.
ويشير جيريمي بيني، المتخصص في شؤون الشرق الأوسط بشركة جينز للاستخبارات الدفاعية، إلى أن منشأة الرادار هذه قد تكون جزءاً من شبكة الدفاع الجوي الأوسع لإيران، وتلعب دوراً حاسماً للكشف عن الهجمات القادمة. ويشير استهداف إسرائيل لمثل هذه الأنظمة إلى التركيز على تقليص المراقبة الجوية والقدرات الدفاعية الإيرانية.
مصفاة للنفط
وعلاوة على ذلك، في الجنوب الغربي، تظهر صور الأقمار الاصطناعية، أن مصفاة “عبادان” للنفط، أكبر موقع لإنتاج النفط في إيران بسعة 500 ألف برميل يومياً، قد تعرضت لأضرار.
وفي حين أقرت السلطات الإيرانية بوقوع ضربات في محافظة خوزستان، حيث تقع “عبادان”، فإنه لا يزال من غير المؤكد ما إذا كان الضرر ناجماً بشكل مباشر عن الضربات الإسرائيلية أو التأثيرات الجانبية لأنظمة الدفاع.
من المرجح أن يكون الهجوم على “شاهرود”، إلى جانب هجمات أخرى في جميع أنحاء البلاد، قد وضع المزيد من الضغوط على طهران، خاصة مع تقييمها للأضرار التي لحقت بترسانة أسلحتها الرئيسية ومحاولة التقليل من أهمية الهجوم.
وقال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في اجتماع مع دبلوماسيين أجانب الثلاثاء في طهران: “بسبب استعداد ويقظة القوات المسلحة للجمهورية الإيرانية، ورد الفعل في الوقت المناسب من قبل الدفاع الجوي للبلاد، تم إلحاق أضرار محدودة ببعض النقاط التي تم ضربها. تم اتخاذ التدابير اللازمة على الفور لإعادة المعدات التالفة إلى الحالة التشغيلية”.