مع مطلع الشهر الجاري أعلنت “هيئة تحرير الشام” الفصيل المسلح الذي يُسيطر على أكبر معاقل المعارضة السورية في إدلب شمال غربي البلاد عن سلسلة من الاستعراضات العسكرية جاءت في لحظة معقدة، أراد منها التنظيم الذي مرّ بأطوار تحول وتغير أن يرسل رسالة واضحة بأن سلاحه جاهز للمرحلة القادمة التي تبدو شديدة التعقيد.
ومنذ بدء الصراع في سوريا عام 2011 اجتذبت البلاد الكثير من الجماعات المسلحة، وبينما اندثرت غالبيتها عن خارطة الميدان، حافظ بعضها على هيكليته ومناطق سيطرته حتى الآن، ولعل أبرز الجماعات المتبقية هي “هيئة تحرر الشام” والتي ظلت، بفعل عوامل عديدة، مسيطرة على بقعة جغرافية بثقل سكاني كبير، فيما يتردد اسمها اليوم بشكل واسع وسط حديث عن تصعيد عسكري محتمل في جبهة الشمال وتأهب لمعركة مقبلة، وتغيير سياسي قد يحمله ملف التقارب السوري التركي.
والهيئة التي تسيطر على مناطق واسعة شمالي سوريا، هي تنظيم متطرف أسسه عام 2012 أعضاء في “تنظيم دولة العراق الإسلامية”.
واختارت هذه الجماعة بدايةً اسم “جبهة النصرة- تنظيم القاعدة في بلاد الشام”، وسرعان ما استطاعت فرض نفسها من خلال العمليات الانتحارية التي نفذتها ضد القوات الحكومية، وفي السنوات اللاحقة ازدادت حجماً وقوة، وتمكنت من إقصاء العديد من فصائل المعارضة، وغيّرت اسمها أكثر من مرة.
وفي العام 2017 أسّست الهيئة “حكومة إنقاذ”، تصف نفسها عبر موقعها الإلكتروني بأنها “حكومة تكنوقراط وُلدت من خلال مبادرة للأكاديميين في المناطق المحررة”.
كيف حافظت الهيئة على نفوذها؟
منذ تأسيسها عام 2012، يتولى قيادة “جبهة النصرة” أحمد حسين الشرع المعروف بـ”أبو محمد الجولاني”، وهو سوري من مواليد عام 1982 التحق في سن مبكرة بالجماعات التي قاتلت ضد الجيش الأميركي في العراق عام 2003.
وكان الجولاني من الأعضاء المؤسسين للتنظيم في سوريا، وخلال 2013 أعلن مبايعة زعيم “تنظيم القاعدة” أيمن الظواهري، وفي مايو من العام نفسه صنّفته وزارة الخارجية الأميركية على أنه “إرهابي عالمي”، وأعلنت بعد سنوات عن مكافأة قدرها 10 ملايين دولار لكل من يُدلي بمعلومات تؤدي إلى القبض عليه.
وفي 2016، أعلن الجولاني فك الارتباط بـ”تنظيم القاعدة”، وغير اسم الجماعة إلى “جبهة فتح الشام”.
إلا أن الجولاني حافظ على النهج الراديكالي نفسه، وقال في مقطع فيديو آنذاك، إن التشكيل الجديد يهدف إلى “العمل على إقامة دين الله وتحكيم شرعه وتحقيق العدل بين الناس، والعمل على التوحد مع الفصائل لرص صف المجاهدين، ولنتمكن من تحرير أرض الشام من حكم الطواغيت والقضاء على النظام وأعوانه”.
وفي مطلع 2017، أعلنت عدة جماعات مسلحة حل نفسها واندماجها بشكل كامل ضمن كيان عسكري واحد تحت اسم “هيئة تحرير الشام”، بقيادة المهندس هاشم الشيخ المعروف بـ”أبي جابر”.
وضمّت 5 فصائل هي: “جبهة فتح الشام” (جبهة النصرة سابقاً)، و”حركة نور الدين الزنكي”، و”لواء الحق”، و”جبهة أنصار الدين”، و”جيش السنة”، لكن ما لبث الكيان الجديد أن انهار وانشقت فصائله عن بعضها البعض، لتبقى “هيئة تحرير الشام” بقيادة الجولاني نفسه.
وفقدت “جبهة فتح الشام” عدداً من أبرز قياداتها، على غرار العراقي أبو مارية القحطاني الذي لقي مصرعه في يوليو 2024، إضافة إلى المسؤول الأمني المعروف بـ”أبو أحمد حدود”، وعبد الرحيم عطّون المسؤول عن الملف الشرعي، وأبو إبراهيم سلامة المسؤول الاقتصادي، وأبو عبد الرحمن الزربة، و”أبو حسن 600″ القائد العسكري سابقاً، وغيرهم من القيادات.
وبشأن انتشار الهيئة جغرافياً، قال الباحث في شؤون الجماعات المتطرفة، عرابي عبد الحي عرابي، إن تموضع الجماعة بدأ في مساحة واسعة من ريف إدلب وحماة، مع وجود ضعيف في ريف حلب الغربي ومنطقة دارة عزة وجبل الشيخ بركات المطل على عفرين، إلى جانب مناطق واسعة في ريف حلب الغربي والشمالي والجنوبي وريف حماة الشمالي، إلا أن اقتتال الجماعة مع كل من “أحرار الشام” و”حركة نور الدين الزنكي” مطلع 2019 غيّر من خارطة السيطرة، إذ انفردت بعد هزيمة خصومها بحكم معظم مناطق وقرى ريف حلب الغربي مع وجودٍ لمكونات ما يعرف بـ”الجبهة الوطنية”.
وأضاف عرابي لـ”الشرق”: “أدت المعارك والحملة العسكرية الأخيرة للجيش السوري إلى انكفاء هيئة فتح الشام إلى شمال مدينة إدلب وتمركزها الفعلي في مربّع (الأتارب – ريف حلب الغربي ومعرة مصرين – سرمدا) في ريف إدلب الشمالي الشرقي، إضافة إلى الشريط الحدودي الجبلي مع تركيا، بدءاً من حارم فدركوش والجانودية وجسر الشغور، مع بعض النقاط في ريف اللاذقية الشمالي، بمحاور تلال الكبانة، وذلك بالاشتراك مع بقية الفصائل في المنطقة كالفرقة الساحلية الأولى والثانية، والحزب الإسلامي التركستاني”.
احتجاجات شعبية تواجه بحملة قمع
تُمثل الهيئة في مناطق سيطرتها سلطة أمر واقع، إذ استطاعت فرض سطوتها العسكرية بعد القضاء على منافسيها وخصومها، ساعدها على ذلك قوة تنظيمها وتسليحها وخبرتها التي جاءت بها من العراق، إلى جانب بناء منظومتها الاقتصادية الخاصة.
ولم تتمكن “هيئة تحرير الشام”من استمالة المعارضة السورية إلى حد كبير، إذ يشهد الشمال السوري احتجاجات بين الفينة والأخرى ضد سياساتها، لكن كثيراً ما تتعامل بعنف مع المناهضين لها، معتمدة على تشديد قبضتها الأمنية، واعتقال وتعذيب المعارضين.
ورغم اعتمادها نهجاً وخطاباً دينياً أقل وحشية وعنفاً مما كانت عليه في بداياتها كتنظيم تابع لـ”القاعدة” أو بالمقارنة مع تنظيم “داعش”، إلا أنها لا تزال تلقى رفضاً لدى الكثيرين، يصل حد الخروج بمظاهرات تطالب بإسقاط حكم الجولاني والإفراج عن المعتقلين رغم العواقب المحتملة لذلك.
وفي حين تتسم علاقتها بالتوتر مع بعض الفصائل في شمال حلب، تجمع الهيئة تحالفات مع فصائل أخرى.
وقال الباحث في شؤون الجماعات المتطرفة عرابي عبد الحي عرابي، إن الهيئة تعتمد على ملاحقة أي خصم محتمل لها، سواء كان من الفصائل المحلية أو تلك التي تضم أجانب أو “داعش” أو غيرهم من الجماعات، لافتاً إلى أن “الجهاز الأمني للهيئة يقع تحت قبضة أبي أحمد حدود، الذي استطاع من خلال علاقاته الأمنية عبر أبي مارية القحطاني من تسليم معلومات دقيقة أدت إلى اغتيال عدة أشخاص من القاعدة (من بينهم بلال خريسات، أبو خديجة الأردني، الذي اغتالته طائرات التحالف في ديسمبر 2019)”.
وأضاف عرابي: “كذلك تُعرف هيئة تحرير الشام بالتماسك التنظيمي، وتبادل قياداتها المنافع، ما يُشكل نوعاً من (العصبة الداخلية)، سواء عن طريق صلات القرابة أو الصداقة أو الترابط الاجتماعي، في حين لم تتعرض النواة المحيطة بالجولاني لضربات قاسية كما حدث مع (أحرار الشام) مثلاً، يضاف إلى ذلك امتلاك التمويل القوي، فهي الفصيل الوحيد الذي يزيد إيراده الشهري منذ عام 2018 عن 15 مليون دولار شهرياً، الأمر الذي مكنها من افتتاح مشاريع تجارية في سوريا وتركيا تحت عناوين وأنشطة وأسماء مختلفة، وأخيراً امتلاكها الذراع الخدمي والمحلي أو ما يعرف بحكومة الإنقاذ، التي تدير الملف الخدمي بالكامل في مناطق سيطرة الهيئة”.
وتشير تصريحات المسؤولين الأتراك إلى أن العمل جار على التوصل إلى تفاهم بين أنقرة ودمشق، ما قد يُلقي بظلاله على “هيئة تحرير الشام” أيضاً، ويدفعها ربما إلى البحث عن حلول تضمن بقاءها ضمن أي موجة تغييرات في الملف السوري.
ويرى عرابي أن “الهيئة ترفض فكرة التقارب بين تركيا وسوريا، إذ تعتبر أن دمشق لن تستطيع تقديم أي فائدة ملموسة لأنقرة، سواء من الناحية العسكرية أو ما يتعلق بالأمن القومي التركي، أو حل مشكلة اللاجئين أو الملف السياسي، ولذلك بالنسبة للهيئة، تكمن الأهمية في أي اتفاق عدم تخلي تركيا عن الأراضي التي تسيطر عليها فصائل المعارضة”.
وتابع: “من المحتمل أن تسعى الهيئة لامتلاك أوراق قوة في الخارطة السورية من خلال البدء بمعارك قد تعيد رسم المشهد، بما يسهم أكثر في فرض تفاهمات جديدة مع دمشق، وتتيح للسوريين في تركيا العودة إلى مناطقهم في حلب وجنوب إدلب وشمال حماة”.
ماذا يجري في الشمال السوري؟
تُشير الأنباء القادمة من الشمال السوري إلى حدوث توترات وقصف متبادل بين الجيش السوري وفصائل المعارضة، وسط حديث متواتر عن قيام “هيئة تحرير الشام” بالتحضير لعمل عسكري واسع باتجاه حلب.
وكان “المرصد السوري لحقوق الإنسان” أكد الشهر الماضي، أن الهيئة تستعد لعملية عسكرية واسعة ضد القوات الحكومية السورية، في ظل رفض تركي لأي تصعيد قد يؤدي لعواقب كارثية في المنطقة التي تحتوي مخيمات للنازحين.
وقالت مصادر صحافية من المنطقة لـ”الشرق”، إنه منذ بداية الهجمات الإسرائيلية على لبنان خرجت أصوات تابعة للهيئة تطالب بفتح جبهة قتال ضد الجيش السوري على محاور ريف حلب الغربي وإدلب الجنوبي”.
وأضافت المصادر أن الهيئة تحاول الزج بمسلحين أجانب في عمليات تسلل لمهاجمة مواقع محصنة للجيش السوري وخاصة على محور جبل الزاوية جنوبي إدلب، وسهل الغاب بريف حماة الشمالي الغربي، لتحقيق هدفين، أولهما التخلص من المسلحين الأجانب الذين رفضوا مغادرة إدلب باتجاه أوكرانيا لقتال القوات الروسية حيث ترغب “هيئة تحرير الشام” في ترويج فكرة أنها تُمثل “المعارضة المعتدلة” في حال تم التواصل إلى أي اتفاق دولي بشأن سوريا، وبالتالي تضمن تواجداً لنفسها في المرحلة المقبلة.
بالإضافة للهدف الثاني المتمثل في صرف النظر علن المظاهرات اليومية التي تشهدها مناطق سيطرتها والتي تطالب بإنهاء حكم الهيئة لريف إدلب وتسلميها لإدارة مدنية من فعاليات أهلية ومحلية”، وفقاً للمصادر.
وقال الخبير في شؤون الجماعات المتطرفة عبد الله سليمان علي لـ”الشرق”، إن “علاقة هيئة تحرير الشام بالمقاتلين الأجانب علاقة مصالح متبادلة فهي تدعم الأجانب الذين يوالون خطها ويتقيدون بسياساتها، وفي الوقت ذاته تحاول تحييد المعارضين لها بأي أسلوب ممكن، وقد تمثل ذلك عملياً في تسهيل انتقال مجموعات من المقاتلين الأجانب إلى أوكرانيا للقتال ضد روسيا، وأسلوب آخر تمثل في الاتفاق مع التحالف الدولي لاستهداف متطرفين أجانب معارضين للهيئة مثل (حراس الدين) و(أنصار الإسلام) التي استهدفها التحالف في ريف حماة للمرة الأولى قبل حوالي شهرين”.
“منطقة خفض التصعيد”
وعلى الجبهة الغربية أي في ريف حلب الغربي المتصل مع إدلب وصولاً إلى الغاب وريف اللاذقية أو ما يعرف بـ”منطقة خفض التصعيد” والتي تنتشر فيها عناصر الهيئة، قالت مصادر صحافية في المنطقة لـ”الشرق”، إنه وبالنسبة لخطوط التماس فالوضع يتلخص باستهدافات وصفتها بـ “الروتينية” للجيش السوري باتجاه مواقع الهيئة وتحركاتها، سواء من ريف حلب وإدلب وأرياف اللاذقية وحماة.
وأشار المصدر إلى أن “الهيئة ومنذ حوالي 3 أشهر لديها تحركات لها علاقة بالتحضير لهجمات باتجاه المناطق الآمنة، ونقل أسلحة و(انغماسيين) لمناطق قريبة من انتشار الجيش السوري بهذه المناطق تحضيراً لشن هجمات، يتعامل معها الجيش بضربات استباقية”.
الجدير بالذكر أنه من الفصائل الأخرى المتبقية في شمال سوريا هي ما يعرف بـ “الجيش الوطني” المكون من فصائل مشتتة بعضها يتنافس مع بعضه خاصة مع “الجبهة الشامية” التي تعد “مسالمة” مع الهيئة، و”فرقة السلطان مراد”، و”فرقة الحمزة”، و”فرقة المعتصم”، الرافضة للهيئة ومناهضة لتمددها.
أما أبرز الفصائل في إدلب فهي ما يعرف بـ “فيلق الشام”المدعوم من تركيا وجزء كبير من قواته في مناطق إدلب، والذي قد ينافس الهيئة من حيث العدد والعتاد، إلا أنه لا يمتلك حاضنة اجتماعية أو مالية أو سياسية.
وهناك فصائل أخرى صغيرة، مثل “جيش العزة”، و”جيش الأحرار”، و”أنصار التوحيد”، و”الفرقة 77” وغيرها، وهي فصائل محلية أو مهجرة من دمشق ودرعا ولاتمتلك مقومات عسكرية أو بشرية كبيرة لمنافسة الهيئة، بحسب الخبير والباحث في شؤون الجماعات المتطرفة عرابي عبد الحي عرابي.
ما مصادر تمويل “هيئة تحرير الشام”؟
تعتمد “هيئة تحرير الشام” بذراعيها العسكري والحكومي على شبكة متعددة من مصادر التمويل، أبرزها فرض الضرائب وعوائد رسوم المعابر الرسمية وغير الرسمية، واحتكار مجالات تجارية معينة مثل المحروقات، إلى جانب التبرعات والحصول على أموال من صفقات التبادل وعمليات الخطف، وفي سنوات الحرب استفادت الجماعة مما تسميه “غنائم الحرب” في المواقع العسكرية والمؤسسات الرسمية والمصانع التي سيطرت عليها.
وفي وقت تجني الهيئة شهرياً عشرات ملايين الدولارات من هذه المصادر، فإن انتشار المنظمات المحلية وتدفق المساعدات الدولية، على قلّتها، توفر على الهيئة إنفاق جزء من عائداتها على الشؤون الخدمية ودعم آلاف النازحين في مناطق سيطرتها، حيث تُشير بعض التقارير إلى أنها لا تتكلف أية مبالغ على هذه الأنشطة.
وتلعب ورقة “تبادل الأسرى والجثث” دوراً محورياً في تمويل الهيئة، إذ تمكّنت عبر صفقات عقدتها مع أطراف مختلفة من جني ملايين الدولارات، إضافة إلى العتاد والأسلحة وغيرها.
وبالنسبة لغنائم الحرب، فكانت المعارك مع الجيش السوري أو فصائل المعارضة الأخرى تضمن لـ”هيئة تحرير الشام” خلال مختلف مراحلها كمية كبيرة من العتاد والذخيرة.
وقال عرابي: “سيطرت الهيئة إثر معارك لها مع (أحرار الشام) منتصف 2017 على مخزونات الحركة كاملة، والتي تُقدّر بملايين الدولارات، فمثلاً في مدينة سلقين وحدها (شمال غرب إدلب) سيطرت الهيئة على معسكر خالد بن الوليد الذي قُدرت آلياته وأسلحته بمليون دولار أميركي، وكذلك سيطرت في نفس المنطقة على استديو إعلامي مجهز بتقنيات متقدمة تقدر كُلفته بنصف مليون دولار، ووضعت يدها على مستودعات سيارات تابعة لأحرار الشام تضم ألفي سيارة (تقدر قيمتها بأكثر من 20 مليون دولار) معظمها حديث”.
كما سيطرت الهيئة على مقرات “جيش السنة”، واستولت على عشرات الآليات ومستودعات الذخائر إثر تفكيكها لحركة “نور الدين الزنكي” مطلع 2019، وفقاً لسليمان.
وتُمثل المعابر الحدودية مورداً رئيسياً للهيئة، حيث تُسيطر حالياً على معبرين رئيسيين هما “باب الهوى” الحدودي التجاري مع تركيا ومنه تقوم الأمم المتحدة بإدخال المساعدات إلى الشمال السوري، ومعبر “الغزاوية” الفاصل بين ريف عفرين ومناطق ريف حلب الغربي، والذي يُعتبر من أكثر المعابر فرضاً للإتاوات على المدنيين.
ولا تختلف سياسة الهيئة الاقتصادية عن سياستها الأمنية، إذ لجأت منذ هدوء المعارك عام 2020 إلى إحكام قبضتها اقتصادياً، فلجأت إلى الاحتكار ومنعت تجارة عدد كبير من السلع إلا عن طريق تجار معتمدين من قبلها فقط، وحصرت بيدهم سلعاً استهلاكية مهمة، بما في ذلك السكر والدجاج والموز والوقود.
وقال عرابي: “اتجهت الهيئة مؤخراً إلى إنشاء واجهات اقتصادية في الشمال السوري ترعى أنشطة صغيرة، فعلى سبيل المثال وبعد سيطرتها على ساحة باب الهوى، أقامت مجموعة من المطاعم كمشاريع صغيرة لموظفين لديها بحالات خاصة، كما تُدير الهيئة محطات تزويد بالوقود ومولدات كهربائية ضخمة مقابل دفع اشتراكات محددة، وسيطرت أيضاً على مساحات من الأراضي المشاع قرب الحدود السورية التركية، وبدأت في بيعها للناس من أجل بناء منازل عليها.
وتابع: “كانت تُدير الهيئة كذلك معابر مع الحكومة السورية، وتفرض على السلع الواردة منها مبالغ مالية، وأبرزها معبر مورك سابقاً، إضافة إلى ترخيصها لشركة (وتد) التي تحتكر إدارة المحروقات في الشمال السوري”.