أعلن وزير الطاقة والمياه اللبناني وليد فياض أن لبنان لا يزال يتلقى إمدادات الوقود بشكل منتظم، ما يضمن استمرار تشغيل محطات التوليد، رغم انخفاض الطلب على الكهرباء بسبب الحرب مع إسرائيل.
وقال فياض: “النفط متوفر، والبواخر تؤمن الديزل والفيول بانتظام”.
ويأتي هذا الإعلان في وقت تواجه فيه الحكومة اللبنانية تحديات مالية وعسكرية متزايدة، فيما يبرز دور العراق كداعم رئيسي للبنان في مجال الوقود، وفق الاتفاقية الموقعة بين البلدين منذ عام 2021.
اتفاقية الوقود بين العراق ولبنان
وفق الاتفاقية العراقية اللبنانية، يزود العراق لبنان، بالوقود مقابل ترتيبات سداد طويلة الأجل. ورغم أهمية هذه الاتفاقية للبنان، الذي يعتمد على الوقود العراقي لتشغيل محطات الكهرباء، فإن الوضع المالي المتدهور في لبنان، مع تزايد ديونه للعراق والتي قد تتجاوز 4 مليارات دولار بحلول عام 2028، يثير تساؤلات في بغداد.
وتتزايد الهمسات في المجالس السياسية في بغداد بشأن هذه الاتفاقية، وأنها جاءت نتيجة ضغوط إيرانية على الحكومة العراقية لتخفيف الأعباء عن حزب الله في لبنان، في حينه.
ويرى عراقيون أن الاتفاق قد أُبرم في وقت حساس لتقليل الانتقادات التي تواجه الحزب في ظل تزايد الأزمات الاقتصادية في لبنان وقت توقيع الاتفاقية.
ويأتي ذلك في ظل تصاعد التوترات في الجنوب اللبناني بين حزب الله وإسرائيل، التي استهدفت مواقع تقول إنها تابعة للحزب، مما يزيد من تعقيد الموقف السياسي والاقتصادي في لبنان.
وفي هذا السياق، قال مصدر من وزارة الطاقة اللبنانية لـ”الشرق”، إنه “طالما لا يوجد حصار بحري إسرائيلي على لبنان، فإن إمدادات الوقود مستمرة، والبواخر تصل بانتظام لتأمين الديزل والفيول”.
تحديات داخلية في العراق وتأخير الشحنات
في العراق، يحرص رئيس الوزراء محمد شياع السوداني على تكرار حديثه عن التزام بلاده بمساعدة لبنان في أزمته، وتحدث في أروقة الحكومة عن ضرورة التزام لبنان ببنود الاتفاقية المالية لسداد مستحقات الوقود.
وقال مستشار رئيس الوزراء العراقي للشؤون الخارجية فرهاد علاء الدين، في تصريح لـ”الشرق”، إن الحكومة العراقية مستمرة في تقديم الدعم للبنان وتزويده بالوقود لضمان استمرار الطاقة الكهربائية للمؤسسات الحيوية مثل المستشفيات.
لكن التحدي الأكبر يكمن في أن لبنان لم يتمكن من الوفاء بالتزاماته المالية. وصرح مصدر حكومي عراقي بأن “الشحنات النفطية كانت بمثابة هدية مكرمة، لكنها الآن جزء من معادلة سياسية إقليمية أوسع”.
ويثير هذا الوضع تساؤلات حول قدرة العراق على الاستمرار في تقديم الدعم في ظل ضغوطه الاقتصادية والأمنية الخاصة فيه.
وأشارت مصادر عراقية إلى أن الحكومة سحبت من شركة تسويق النفط الوطنية “سومو”، صلاحيات تنظيم “دعم لبنان”، حيث تتجه لتنظيم خطة لتقديم المساعدات النفطية للبنان، ولكن دون جدول زمني واضح للشحنات.
المعضلة العراقية
تزايدت التساؤلات في العراق، حول الحكمة من تعميق العلاقة الاقتصادية غير المتوازنة مع لبنان في وقت تواجه فيه بغداد تحديات اقتصادية وأمنية.
وقال مصدر حكومي عراقي إن “العراق يرغب في مساعدة لبنان، لكنه يحتاج إلى أن يوازن بين اعتبارات متعددة. بغداد لديها تحدياتها الخاصة ولا يمكنها الاستمرار في تقديم الدعم دون مقابل”.
ومع استمرار تراكم الديون اللبنانية، قد يجد العراق نفسه أمام قرارات صعبة بشأن استمرارية دعم الوقود.
خطر الانهيار في لبنان
في ظل تراكم الديون والتوترات العسكرية، يواجه لبنان مستقبلاً غامضاً، إذ تشير التوقعات إلى أنه في حال عدم تجديد العقد حول النفط الذي انتهى أغسطس 2024، بين العراق ولبنان، فقد يواجه لبنان انهياراً في الخدمات الحيوية، مثل الكهرباء والرعاية الصحية.
ومع استمرار الأزمات على الصعيدين الاقتصادي والعسكري، يبدو أن مصير الاتفاقية النفطية بين البلدين سيلعب دوراً مهماً في المعادلات المستقبلية.
وفي هذا السياق، قال الخبير الاقتصادي العراقي نبيل المرسومي إن الاتفاقية السابقة لم تحقق المكاسب المتوقعة للعراق، حيث لم يتلق العراق من لبنان خدمات أو بدلات مالية مقابل النفط الذي تم إرساله.
وحذر من أن استمرار هذا الوضع سيؤدي إلى مزيد من الامتعاض في الشارع العراقي، حيث يعاني العراقيون من نقص الخدمات الأساسية بينما تستمر بغداد في تقديم الدعم الخارجي.