قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الاثنين، إن أنقرة تنصح السلطات السورية بالعمل على تخفيف التوتر “بشكل سريع”، مرحباً بالتزام نظيره السوري أحمد الشرع بمعاقبة الذين تصرفوا خارج نطاق القانون، وذلك بعد إعلان وزارة الدفاع السورية انتهاء المواجهات التي جرت في محافظات الساحل مع من وصفتها بمجموعات مسلحة موالية لنظام الرئيس السابق بشار الأسد.
وأعرب أردوغان في مؤتمر صحافي عقب اجتماع الحكومة، عن “إدانة تركيا بأشد العبارات كل هجوم يستهدف وحدة سوريا واستقرارها وسلمها الاجتماعي”، مرحباً برسائل الشرع التي ووصفها بأنها “تتسم بالاعتدال والتهدئة”.
وأضاف: “نرحب بالرسائل الحازمة للرئيس السوري، والتي تتسم بالاعتدال والتهدئة، وتؤكد على عزم الحكومة على معاقبة الخارجين عن القانون”.
وأشار الرئيس التركي، إلى أن “الأحداث في منطقة الساحل السورية أصبحت تحت السيطرة لحد كبير مع التدخل الفعال لقوات الحكومة السورية”، مستدركاً بأن “الوضع على الأرض لا يزال حساساً”.
وشدد أن “تركيا تتخذ التدابير لضمان عدم حدوث أي تطور ضدها”، داعياً السلطات السورية لـ”اتخاذ الخطوات اللازمة لتهدئة الأجواء بشكل سريع”.
كما أكد أردوغان أن “تركيا لن تسمح أبداً بإعادة رسم الخرائط في سوريا”، معتبراً أن “من ينظر لسوريا، ولا يرى فيها إلا الطوائف والمذاهب والأعراق فهو حبيس التعصب الأعمى”.
وأردف: “لا نولي أي اهتمام للانتماء العرقي أو الديني أو المذهبي لأحد سواء في العراق أو سوريا أو لبنان أو أي من الدول الأخرى في المنطقة”.
وانتقد أردوغان “من التزموا الصمت على مدار 14 عاماً بينما كان الأطفال الأبرياء يقتلون بالبراميل المتفجرة والأسلحة الكيميائية في سوريا”، مشدداً على أن “أولئك لا يمكنهم اليوم تجاوز حدودهم”.
انتهاء العمليات
وجاءت هذه التصريحات عقب ساعات من إعلان وزارة الدفاع السورية، الاثنين، انتهاء عملياتها العسكرية في محافظات الساحل السوري، في أعقاب المواجهات مع مجموعات مسلحة موالية لنظام الرئيس السابق بشار الأسد.
وأشارت إلى أن الأجهزة الأمنية السورية ستعمل على تعزيز عملها لضمان الاستقرار وحفظ الأمن وسلامة الأهالي، لافتةً إلى خطط جديدة لاستكمال محاربة من وصفتهم بـ”فلول النظام البائد”، والعمل على إنهاء أي تهديد مستقبلي.
وفي السياق، اعتبر الرئيس السوري، في وقت سابق الاثنين، أن المواجهات التي جرت في محافظات الساحل، تشكل تهديداً لجهوده للم شمل البلاد التي مزقتها الحرب، متعهداً بمعاقبة المسؤولين عنها، حتى لو كانوا “أقرب الناس” إليه.
وأفاد الشرع في مقابلة مع وكالة “رويترز” من القصر الرئاسي في دمشق: “نحن أكدنا أن سوريا دولة قانون. القانون سيأخذ مجراه على الجميع”.
وأضاف: “نحن بالأساس خرجنا في وجه هذا النظام، وما وصلنا إلى دمشق إلا نصرة للناس المظلومين… لا نقبل أن يكون هنا قطرة دم تسفك بغير وجه حق أو أن يذهب هذا الدم سدى دون محاسبة أو عقاب. مهما كان حتى لو كان أقرب الناس إلينا، وأبعد الناس إلينا. لا فرق في هذا الأمر. الاعتداء على حرمة الناس، الاعتداء على دمائهم أو أموالهم، هذا خط أحمر في سوريا”.
اجتماع عمّان
وطغت هذه الأحداث على أجندة اجتماع دول جوار سوريا الذي استضافته عمان وضم دول الأردن، وتركيا، وسوريا، والعراق، ولبنان، الأحد، لبحث آليات التعاون في مجالات محاربة الإرهاب، وتهريب المخدرات والسلاح، ومواجهة التحديات المشتركة الأخرى.
وأكدت الدول في البيان الختامي للاجتماع أن أمن دمشق واستقرارها ركيزة للأمن والاستقرار في المنطقة، بالإضافة إلى إدانة كل المحاولات والمجموعات التي تستهدف أمن سوريا وسيادتها وسلمها.
وعقب الاجتماع، قال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، إنه “من الخطأ محاولة تحميل طائفة أو مجموعة دينية معينة مسؤولية الأحداث الأخيرة في سوريا”، داعياً في منشور على منصة “إكس”، لـ”التحلي بالحكمة والهدوء في مواجهة الاستفزازات”.
وأوضح فيدان، أن “الاجتماع هدف إلى إيجاد حلول مشتركة للمشاكل المزمنة في المنطقة واتخاذ مبادرات إقليمية، وناقش بالتفصيل القضايا التي تهم استقرار سوريا، خاصة فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب”.
وشدد على أن “الدول المشاركة اتفقت على تقديم الدعم من جميع الجوانب للحكومة الجديدة في سوريا، ومساندة جميع الأنشطة التي تهدف إلى تحقيق الاستقرار في البلاد”، محذراً من “أن بعض الجهات في الآونة الأخيرة تحاول استغلال التصدعات الاجتماعية في سوريا بهدف زعزعة الاستقرار هناك”.
الحد من العنف
من جهتها، حثت المعارضة التركية، أردوغان على “استخدام نفوذه لدى الإدارة السورية الجديدة” للحد من العنف الذي اندلع في سوريا خلال الأيام القليلة الماضية.
ودعا حزب الشعب الجمهوري، حزب المعارضة الرئيسي في تركيا، إلى نشر قوة دولية لحفظ السلام للحفاظ على الأمن في غرب سوريا، الواقع إلى الجنوب من تركيا مباشرة، “إذا لم تتمكن الحكومة من ضمان سلامة المدنيين هناك”.
وقال علي ماهر بصارير، وهو عضو بارز من حزب الشعب الجمهوري في البرلمان، خلال زيارة إلى منطقة هاتاي الحدودية: “يتعين على تركيا أن تتخذ مبادرات مع الإدارة السورية، وتبذل الجهود اللازمة لمنع وقوع مثل هذه الحوادث”، معتبراً، أن “تصعيد الاشتباكات يمثل خطراً كبيراً على تركيا”.