قال الرئيس السوري أحمد الشرع، الاثنين، إن المواجهات التي جرت في محافظات الساحل بين القوات السورية ومن وصفها بمجموعات مسلحة موالية لنظام الرئيس السابق بشار الأسد، تشكل تهديداً لجهوده للم شمل البلاد التي مزقتها الحرب، متعهداً بمعاقبة المسؤولين عنها، حتى لو كانوا “أقرب الناس” إليه.
وأفاد الشرع في مقابلة مع وكالة “رويترز” من القصر الرئاسي في دمشق: “نحن أكدنا أن سوريا دولة قانون. القانون سيأخذ مجراه على الجميع”.
وأضاف: “نحن بالأساس خرجنا في وجه هذا النظام، وما وصلنا إلى دمشق إلا نصرة للناس المظلومين… لا نقبل أن يكون هنا قطرة دم تسفك بغير وجه حق أو أن يذهب هذا الدم سدى دون محاسبة أو عقاب. مهما كان حتى لو كان أقرب الناس إلينا، وأبعد الناس إلينا. لا فرق في هذا الأمر. الاعتداء على حرمة الناس، الاعتداء على دمائهم أو أموالهم، هذا خط أحمر في سوريا”.
وفي مقابلة تناولت العديد من الملفات، أكد الشرع، أن حكومته لم تجر أي اتصالات مع الولايات المتحدة منذ تولي الرئيس دونالد ترمب منصبه. وكرر مناشدته لواشنطن رفع العقوبات التي فرضتها على دمشق في عهد النظام السابق.
الشرع يرفض التهديدات الإسرائيلية: “كلام فارغ”
ورفض الشرع التهديدات الإسرائيلية العدائية المتزايدة، ووصف تعليقات وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس بأنها “كلام فارغ”، وأضاف: “هم آخر من يتحدث”، في إشارة إلى قيام إسرائيل بقتل عشرات الآلاف في قطاع غزة ولبنان على مدى الـ18 شهراً الماضية.
وكان وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس قد وجه انتقادات حادة للشرع.
وحمّل الشرع وحدة عسكرية سابقة موالية لشقيق الأسد، وقوى أجنبية مسؤولية اندلاع العنف في الأيام الماضية، لكنه أقر بأن “أطرافاً عديدة دخلت الساحل السوري، وحدثت انتهاكات عديدة”.
ويرى أن ذلك “أصبح فرصة للانتقام” من مظالم مكبوتة منذ سنوات، لكنه أضاف أن “الوضع جرى احتواؤه إلى حد كبير منذ ذلك الحين”.
وذكر الشرع، أن 200 من أفراد قوات الأمن سقطوا خلال الاضطرابات، في حين رفض الإفصاح عن إجمالي عدد من قضوا نحبهم في انتظار التحقيق الذي ستجريه لجنة مستقلة أعلن عنها، الأحد، قبل المقابلة.
وتابع الشرع: “بصراحة، يضيق قلبي في هذا القصر. في كل زاوية منه، استغرب كيف خرج كل هذا الشر منه تجاه هذا المجتمع”.
وأقر الشرع، بأن العنف الذي شهدته الأيام الماضية يهدد بعرقلة مساعيه للم شمل سوريا، مشيراً إلى أن “الحدث الذي حصل من يومين سيؤثر على هذه المسيرة… وسنعيد ترميم الأوضاع إن شاء الله بقدر ما نستطيع”.
ولتحقيق هذه الغاية شكّل الشرع “لجنة مستقلة”، وهي أول هيئة يشكلها تضم علويين، للتحقيق في الأحداث في غضون 30 يوماً، وتقديم الجناة للمساءلة.
ولفت إلى أنه تم تشكيل لجنة ثانية للمحافظة على السلم الأهلي والمصالحة بين الناس “لأن الدم يأتي بدم إضافي”.
ورفض الشرع الرد على سؤال بشأن ما إذا كان المقاتلون الأجانب أو الفصائل المتحالفة الأخرى أو أفراد قوات الأمن الحكومية تورطوا في عمليات القتل الجماعي، وقال إن “الأمر متروك للتحقيق”.
وعن تداول سوريون على منصات التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو “مروعة لعمليات إعدام نفذها مقاتلون”، أكد الشرع أن “لجنة تقصي الحقائق ستفحص اللقطات”.
الفرقة الرابعة للجيش السوري
واتهم الشرع، موالين للأسد ينتمون إلى الفرقة الرابعة للجيش السوري التي يقودها ماهر شقيق بشار الأسد، وقوة أجنبية متحالفة هم من أشعلوا فتيل الاشتباكات، الخميس الماضي، لإثارة الاضطرابات، وخلق الفتنة الطائفية “لكي يصلوا إلى حالة من زعزعة الاستقرار والأمان في داخل سوريا”.
ولم يحدد القوة الأجنبية، لكنه أشار إلى الأطراف التي خسرت من الواقع الجديد في سوريا.
“سوريا بابها مفتوح للتواصل”
وأكد الرئيس السوري، أن الأمن والازدهار الاقتصادي مرتبطان بشكل مباشر برفع العقوبات الأميركية التي فرضت على نظام الأسد.
ومضى قائلاً: “لا نستطيع أن نقوم بضبط الأمن في البلد، والعقوبات قائمة علينا”، لكن لم يحدث أي اتصال مباشر مع إدارة ترمب خلال ما يقرب من شهرين منذ بداية ولايته.
ورداً على سؤال بشأن السبب في ذلك، قال الشرع، إن “الملف السوري يعني ليس على قائمة أولويات الولايات المتحدة، وأعتقد هذا السؤال يجب أن يوجه لهم. سوريا بابها مفتوح للتواصل”.
في الوقت نفسه، تجري سوريا محادثات مع موسكو بشأن وجودها العسكري في القاعدتين العسكريتين الاستراتيجيتين في البحر المتوسط، قاعدة طرطوس البحرية وقاعدة حميميم الجوية.
وذكر الشرع، أن موسكو ودمشق اتفقتا على مراجعة كل الاتفاقات السابقة بين الدولتين، لكن لم يتوفر الوقت الكافي حتى الآن للخوض في التفاصيل.
وأردف: “لا نريد أن تكون هناك قطيعة بين سوريا وروسيا، ولا نريد أن يكون التواجد الروسي في سوريا يسبب خطراً أو تهديداً لأي دولة في العالم، ونريد أن نحافظ على هذه العلاقات الاستراتيجية العميقة”.
ووصف الشرع العلاقات مع موسكو بأنها “بالغة الأهمية”، وقال: “كنا نتحمل القصف، ولا نستهدفهم بشكل مباشر حتى نفسح المجال ما بعد التحرير أن يكون هناك جلسات وحوار بيننا وبينهم”. ورفض تأكيد ما إذا كان قد طلب من موسكو تسليم الأسد.